يقول الله سبحانه وتعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا). هذه الآية الكريمة من عند الله، والبر بالوالدين والإحسان لهما حتى لو كانا مشركين، وربط طاعته بطاعة الوالدين. كانت رعاية المسنين والحرص على برهما في السابق أكثر تماسكاً في المجتمع ولو أننا ما زلنا بخير تجاههما في الرعاية والتقدير والاحترام كأن المسن من أب أو أم يجد الاحترام والبر والمكانة في الجلوس في صدر المجلس وعدم المشي أو السير أمامه تقديراً له، وإذا تكلم ينصت له الجميع لما يملكه من تجارب وخبرة للاستفادة من كلامه، فهما الأب والأم اشتعل رأسهما شيباً ووهن عظمهما، فالواجب أعطائهما من الرعاية الكاملة (من مأكل وملبس ورعاية طبية وتنزه وحضورهما المناسبات في الأفراح والأعياد وعدم تهميشهما، فالوالدان لهما مكانة خاصة يجب أن تخدما من أفراد الأسرة جميعاً من (الولد والبنت وزوجة الأبناء والأحفاد) لأنهما كانا لهما شأن كبير في حياتهما قبل أن يدخلا مرحلة الشيخوخة (من رعاية الأبناء معيشياً ومسكن وملبس ورعاية طبية... إلخ) إضافة إلى المكانة الاجتماعية سواء كانت في وظيفة أو تجارة أو غيرها من المهن. وكما يقال: (برّوا بآبائكم تبرّ بكم أبناؤكم) أو كما يقال (البر سلف) يجب ألا يكون طبعنا كما هو حاصل الآن من بعض أفراد المجتمع لا يزور والديه إلا في الشهر مرة أو مرتين أو في مناسبة العيدين، فلا تلهكم دنياكم من وظيفة أو تجارة أو أسرة أو أولاد مع أن لهم حق الرعاية ولكن الوالدين رعايتهما تأتي في المقدمة في هذه الرعاية. فرعاية كبار السن (جاءت بتشريع إسلامي) لكن الفجوة أصبحت واسعة في هذه الرعاية، وديننا دين المحبة والرعاية والتكافل والتعاون بين أفراد المجتمع فما أصابنا تجاه رعاية المسنين من الآباء أو الأمهات فلا يكون (المجتمع الغربي) مثالاً لنا في رعاية كبار السن (بإيداعهم دور رعاية المسنين). وعندما كنت مديراً لدار الرعاية للمسنين بالرياض لا أقبل بإيداع المسن أو المسنة الدار إذا كان هناك من يقوم برعايته من أسرته وقد احتال علينا بعض الأشخاص بوضع مسنة أمام مبنى الدار في الصباح الباكر وذهب وتركها مما اضطرني بإيداعها في الدار والكتابة عنها لمرجعي في الوزارة، فهذا الشخص أياً كانت قرابته بالمسنة منزوع الرحمة والعطف وليس في قلبه ذرة إيمان، لكن الله سوف يحاسبه على فعلته هذه، فهذه جريمة في صلة الرحم (فمن وصلها وصله الله في سعة رزقه وصحته وتيسير أموره بإذن الله ودعائهم، فاحرصوا على رعايتهم والبر بهم كما أمرنا الله، فنحترم ونقدر كبار السن من آبائنا وأمهاتنا وأقاربنا ونعطف ونرعى الصغير كي يتكامل مجتمعنا في البر والرعاية، وهذا ما جبلنا عليه، وآخر دعوانا (أن الحمد لله رب العالمين).