ضجة كبيرة في الوطن العربي رافقتْ حفل توزيع جوائز الأوسكار هذا العام بسبب ترشح اللبنانية نادين لبكي عن فيلمها "كفرناحوم" الذي جال العالم مشاركاً في أهم المهرجانات السينمائية، حيث حصد معظمها، وترشح الأميركي من أصول مصرية رامي مالك عن دوره في فيلم "بوهيميان رابسودي"، حيث خسرت الأولى والتي كانت مرشحة عن فئة أفضل فيلم أجنبي، وفاز الثاني والذي كان مرشحاً عن فئة أفضل ممثل. فيلم "كفرناحوم" والذي يروي حياة طفل يعيش في قرية فقيرة، ويقرر التمرد على نمط الحياة الذي يخضع له، حيث يقوم برفع دعوى قضائية ضد والديه اللذين أنجباه دون أن يكون لديهما ما يضمن له حياة كريمة، استطاع أن يخرج عن النطاق الجغرافي للوطن العربي، حيث لامست أحداثه قلب كل من رآه معتبراً أن أطفال الفئات الفقيرة جداً في كل وطن هم أبطال فيلم نادين لبكي الذين أنجبهم ذووهم داخل طوق الشقاء دون أن يكون لهم أي حق من حقوقهم الطبيعية في الحياة كالأكل والشرب والنوم الدافئ والتعليم. وهي القصة التي جعلت نادين لبكي تقرر أن يقوم ببطولتها أبطال حقيقيون عاشوا هذه الحياة والمأساة، فلم تستعن بأي ممثل معروف، بل بأشخاص حقيقيين جداً، نقلوا تلك المعاناة لكل من شاهدها، في حين تأثر بعضهم بأداء أبطال "كفرناحوم" لأيام، كالإعلامية الكبيرة أوبرا وينفري التي كتبت بعد مشاهدتها للفيلم بثمانية وأربعين ساعة أنها مازالت تحت تأثير الفيلم ولم تتوقف عن التفكير في معاناة الطفل البطل أو القضية التي يتمحور حولها العمل من الأساس، مؤكدةً أن كل ما يوجد في الفيلم حقيقي حتى تأثيره عليها وعلى من شاهدوه. من جهة أخرى، جسد رامي مالك دور المطرب ومؤلف الأغاني فريدي ميركوري في فيلم "بوهيميان رابسودي" والذي استطاع أيضاً اقتناص جائزتي أفضل صوت وأفضل مونتاج، وهو فيلم دراما واقعية موسيقية، يحكي القصة الحقيقية لفرقة الروك الإنجليزية كوين، وبالتحديد قصة بطل الفريق فريدي ميركوري، حيث تم استيحاء اسم الفيلم من اسم واحدة من أشهر أغاني الفريق والتي كانت من تأليف بطل الفرقة ميركوري، وقد تم اعتبارها من أشهر الأغاني في تاريخ المملكة المتحدة على الإطلاق. يحكي الفيلم عن نجاح ميركوري بعد معاناة البحث عن فرصة للغناء والتنقل من مسرح لآخر ليحل محل المغني الرئيس للفرقة ويغير اسمها ويبدأ رحلته مع النجاح الهستيري، إلا أن المحور الرئيس الذي يسلط عليه الفيلم الضوء هو عندما يبدأ في تجربة مخاطر الشهرة مثل الشرب والمخدرات والأنانية والغرور بالذات، ويحيط بفريدي أيضًا حاشية سيئة مما يجعله ينزلق إلى مسار سيئ، حيث يحاول متابعة مهنته منفردًا ولكن يحكم عليه بالفشل، كل هذا أداه مالك بحرفية سبقها عام ونصف من التحضير وتقمص الشخصية، حتى أنه استبدل أسنانه الحقيقية قبل التصوير بعام كامل بأسنان تشبه أسنان ميركوري وظل بها لاثني عشر شهراً حتى يعتاد على استخدامها لحظة بدء التصوير، ليصبح أداءه للدور واحدمن أهم مفاجآت 2018 للنقاد. أما بشأن الجوائز الأخرى، فكان هناك تنوع في الأعمال والأسماء التي تم تتويجها هذا العام، حيث تعددت الأسماء ولم تنحصر الجوائز ضمن فيلمين أو ثلاثة كما سبق وأن كان يحدث، ما جعل النتائج مرضية ومقنعة إلى حد ما، حيث فاز فيلم "روما" بجائزة أفضل فيلم أجنبي كما كان متوقعاً مطيحاً بفيلم "كفرناحوم" لنادين لبكي، في حين فاز فيلم "فري سولو" بجائزة أفضل فيلم وثائقي. أما بالنسبة للمثلين والممثلات، فلقد فاز الممثل الأميركي ماهر شالا بجائزة أفضل ممثل مساعد عن دوره في فيلم "غرين بوك"، وفازت الممثلة البريطانية أوليفيا كولمان بجائزة أفضل ممثلة عن فيلم "ذا فيفوريت"، والممثلة ريجينا كينغ بجائزة أفضل ممثلة مساعدة عن دورها في فيلم "إف بيل ستريت كود توك". أما جوائز الإبداع الخفي فذهبت إلى فيلم "غرين بوك" عن فئة أفضل فيلم، وأفضل سيناريو، وفيلم "سبايدر مان" عن فئة أفضل فيلم رسوم متحركة، وفيلم "بلاك بانثر" عن فئتي أفضل تصميم وأفضل إنتاج. مشاهد من الحفل: لم يكن هناك مقدم رئيس للحفل، وهو أمر يحدث للمرة الأولى، حيث استمر لثلاث ساعات دون أن يصعد شخص واحد ليقدمه على المسرح، بل توالى صعود الفائزين والمعلنين عن أسمائهم مع ملاحظات مسبقة بأن تكون الكلمات عاطفية ومختصرة. الفنان المسرحي بيلي بوتر حضر الحفل مرتدياً بدلة من الأعلى وتنورة واسعة من الأسفل ما فتح عليه باب السخرية على كافة تطبيقات التواصل الاجتماعي، ولكنها كانت رسالة لم يفهمها الكثيرون، حيث نادى عبر إطلالته بضرورة التوقف عن إهمال المرشحين وإنجازاتهم الفنية التي أوصلتهم للأوسكار في مقابل إطلالات الفنانات النساء بالذات، حيث أصبحت المهرجانات الفنية تبدأ وتنتهي دون أن يعلم المتابع من كان مرشحاً ومن فاز ومن لم يفز. بعد نهاية الحفل، الذي شهد تغطية إعلامية ضخمة، فقد رامي مالك "الفائز بجائزة أفضل ممثل" توازنه وسقط أرضاً بجانب المنصة، التي أقيم عليها الحفل، حسب ما أظهرت عدسات المصورين. حصل بقية المرشحين للجوائز من كافة الفئات ممن لم يحالفهم الحظ على الفوز على حقائب تحتوي على هدايا من شركات وماركات ضخمة تتجاوز قيمتها المئة ألف دولار. فيلم «روما» المتنافس الأبرز على جائزة أفضل فيلم أجنبي هو أول فيلم في التاريخ يُصنع خصوصاً للبث التلفزيوني ويفوز بالجائزة السينمائية الأهم في العالم. فازت المغنية الأميركية ليدي غاغا بجائزة أوسكار عن أغنية "شالو" في فيلم "A Star Is Born" في حفل توزيع جوائز الأوسكار، وهذه المرة الأولى التي تفوز بها رغم أنه الترشيح الثالث لها لنفس الجائزة. رامي مالك