لأن الرياضة تشكل أحد أهم اهتمامات المجتمع، كان الإعلام بكل وسائله التقليدية والجديدة قائداً لتوجهات المجتمع وصانعاً للرأي العام، وتحولت هذه الوسائل لمحرك أساسي للمشاعر وموجه رئيس لتوجهات المجتمع، بما تبثه من مواد إعلامية مقروءة، أو مسموعة، أو مرئية، ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الإعلام الجديد اقترب الإعلام أكثر من حياة الناس وتحوّل من وسيلة مساعدة لوسيلة أساسية في خلق مواقف المجتمع وتوجيه أفكارهم وانفعالاتهم وتحوّل الجمهور لشريك حقيقي في صناعة الخطاب الإعلامي بكل فئاته المثقفة وغير المثقفة، وصاحبة التعليم الرفيع وما دون ذلك، فاختلط الحابل بالنابل، وتولّد لدينا خطاب مشوّه يحمل في طياته مبررات التعصب والتطرف والإقصاء، ساعده في ذلك بيئة تحتضن مثل هذه التوجّهات وقدوات إعلامية غير مؤهلة. من هنا نشأ لدينا إعلاميون «مشجعون» يحملون أعلام أنديتهم معهم في كل برنامج تلفزيوني وفي كل مقال صحفي، انتقلوا من منتديات الأندية المغلقة إلى فضاءات التواصل المفتوحة على الجميع، يغذيهم خطاب إعلامي متطرف ساهم في تأجيج الوسط الرياضي مع انحدار كبير في مستوى التعاطي مع رياضتنا المحلية على كل الصعد، لينتقل التنافس الشريف من داخل الملعب إلى خارجه دون حسيب أو رقيب، فما إن يبدأ البرنامج الرياضي حتى تتعالى الأصوات ويبدأ الصراخ ويسقط في يد مقدم البرنامج الذي يحاول أن يدير الحوار، ولكن هيهات في ظل وجود بعض الأصوات النشاز التي أتت إلى البرنامج مشحونة لتفرغ أحقادها، وتنشر سمومها، لاعتقاد الكثير منهم أنه بذلك يتصدر المجلس أو يكسب المزيد من الرصيد الجماهيري، حتى أصبح الكثير من تلك البرامج مصدراً لإثارة الفرقة والشتات وخلق العداوات بين المشاركين أنفسهم، فهل وصل الأمر ببعض رياضيينا إلى هذه الحال وإلى هذا المستوى من النقاش الضحل الذي يشكك في الذمم وينشر ويؤجج الأحقاد ويعزز التطرف والتعصب الرياضي المفضي للتعصب والتطرف العام الذي يتحول لسلوك حياتي يشكل خطراً على وحدة المجتمع. فرأينا جيلاً من الجمهور يتبع إعلام ناديه ويصدقه بكل ما يقول سواء أكان صادقاً أو مزيفاً دون التحري أو البحث عن الحقيقة.. والأدهى من ذلك؛ أن أغلب ما ينشر نشم من خلاله رائحة الشخصنة البحتة والمصالح الذاتية، وهنا تكمن خطورة مثل هذه التجاذبات. نحتاج والحال كذلك إلى وقفة صادقة من الجميع لمقاطعة مثل هذه البرامج التي تفتعل المشكلات وتحاول إثارة بعض المستصحفين للانتقاص من رياضاتنا المختلفة أو تأجيج الشارع الرياضي بنشر العصبية، ومقاطعة هؤلاء المغردين والكتاب في وسائل التواصل جميعها، كما أننا بحاجة أيضاً إلى التدخل لتنظيف الوسط الرياضي من بعض الشوائب التي بدأت تطفو على السطح. إن مثل هذا التراشق الإعلامي في وسائل الإعلام والتواصل يثبت بجدارة كيف أن الرياضة أصبحت وسيلة لخسارة الأصدقاء وليس التقريب بينهم، فالذي يحصل في الرياضة أمر لا يحتمل ويحتاج لوقفة قوية من هيئة الرياضة حتى لا تتحول الرياضة لوسيلة دمار لمجتمع رياضي بالفطرة. Your browser does not support the video tag.