تشهد محافظة إدلب السورية منذ أشهر عدة فوضى أمنية، اغتيالات، وتفجيرات، وعمليات خطف مقابل فدية، ما يثير غضب السكان المدنيين الذين يوجهون أصابع الاتهام إلى الفصائل المقاتلة المهيمنة على الأرض. وفي وقت تتجه الأنظار إلى إدلب في ظل استعدادات عسكرية تقوم بها قوات النظام لشن هجوم ضد أحد آخر معاقل الفصائل المعارضة، يجد سكان إدلب أنفسهم في مواجهة خطر إضافي يتمثل في انعدام الاستقرار الداخلي. ويفيد المرصد السوري لحقوق الإنسان وناشطون في إدلب بشكل منتظم عن إطلاق مجهولين الرصاص على مقاتلين من فصائل مقاتلة، أو عن تفجير سيارات مفخخة أو عبوات ناسفة. وقد أسفرت بعض هذه العمليات عن مقتل مدنيين. ويُعيد ناشطون ومحللون هذه الفوضى بشكل أساسي إلى اقتتال داخلي بين الفصائل أو إلى خلايا خارجية تستفيد من زعزعة الأمن وأخرى لتنظيم داعش الإرهابي. ويقول ناشط إعلامي في ريف إدلب الجنوبي، "كلما أردت أن أخرج بسيارتي أتفقدها جيداً، للتأكد من عدم وجود أي عبوة مزروعة فيها، مضيفاً وحين أمرّ قرب مستوعب قمامة، أقود السيارة مسرعاً خشية انفجار عبوة داخله". ويقول ناشط آخر من بلدة معرة النعمان: "إذا رأيت كرتونة أو كيساً بلاستيكاً على الطريق، أحيد عنهما وأحياناً أتصل وأبلغ الجهات المعنية خشية من وجود عبوات". ويتحدث عن خوف بين السكان لمجرد رؤية ملثمين يجوبون الشوارع. واعتبر تقرير صادر عن مركز للدراسات الاستراتيجية أن تزايد عمليات الاغتيال في العام 2018 في إدلب يفضح حالة الفوضى الأمنية. وتعود هذه الفوضى لأسباب عدة بينها تعدد القوى المحلية (الفصائل) وتنافسها، فضلاً عن أن المحافظة تضمّ بؤراً لخلايا أمنية. وطال الفلتان الأمني قطاع الأطباء. ففي يونيو، أعلن أطباء وصيادلة في مدينة إدلب إضراباً عن العمل لثلاثة أيام احتجاجاً على حالة الفوضى وانعدام الأمن. وعددوا أسماء أطباء وعاملين في القطاع تعرضوا لحوادث أمنية، لافتين إلى الكثير من حوادث الخطف. وفي أغسطس الحالي، تعرض مدير الصحة في مديرية الساحل العاملة في مناطق المعارضة بين جنوب غرب إدلب وشمال اللاذقية خليل أغا، للخطف على أيدي ملثمين، وتم الإفراج عنه بعد أسبوع مقابل مئة ألف دولار، وفق ما قال المسؤول الاعلامي للمديرية محمود الشيخ. لقمة سهلة وتكرر دمشق مؤخراً أن استعادة إدلب تتصدر حالياً قائمة أولوياتها العسكرية. ويرجح محللون أن يقتصر الأمر في مرحلة أولى على مناطق في أطراف المحافظة. ويقول محللون إن غضب السكان ناتج من تردي الوضع الأمني الذي من شأنه أن يسهل الطريق على النظام في حال حاول السيطرة على المحافظة، وقد يكون هناك قبول من المدنيين لحلول تطرحها أي جهة دولية تقدم بديلاً عن تواجد الفصائل في إدلب. ويقول أحد سكان ريف حماة الشمالي، الناس لم يعودوا يخرجون سوى للأمور المهمة والضرورية والمشاوير القريبة. ويضيف هناك تخوف من الوضع الأمني، ومن أن يحول هذه المنطقة المحررة إلى لقمة سهلة للطامعين. Your browser does not support the video tag.