بدأ مشهد العام الجديد في إيران مصبوغًا بالدم بعدما أخذ المتظاهرون ضد النظام يتساقطون قتلى. هذه التظاهرات انطلقت سلمية، لكن يبدو أن السلطات الحاكمة مصممة على قمعها بالقوة، مثلما فعل نظام بشار الأسد، ومثلما فعلت حكومة محمود أحمدي نجاد في عام 2009. شعارات الغضب الشعبي في الأيام الأولى تركزت على الفساد والوضع الاقتصادي بعدما خيّب النظام أحلام الجماهير في حياة كريمة وأصبح 35 % من الشعب يعيشون تحت خط الفقر. بعد نجاح الملالي في الاستيلاء على السلطة من نظام محمد رضا بهلوي في عام 1979، أشبعوا الشعب أحلامًا وشعارات لم يتحقق منها شيء سوى أكذوبة ولاية الفقيه. وبدلاً من العمل على تخفيف معاناة "المستضعفين" في الداخل، رفع أصحاب العمائم شعار تصدير الثورة وزجوا بالبلاد في حرب دامية مع العراق لثماني سنوات. كان الهدف من وراء ذلك غسل أدمغة الناس وتأجيج الغرائز الطائفية واستعداء الآخر، وبخاصة في دول الجوار العربية. وبلغ هذه التجييش أوجه في حملة العداء ضد المملكة ومحاولة ضرب استقرارها من خلال ميليشيات الحوثي في اليمن وهو التهديد الذي لا تزال قيادتنا تواجهه بصلابة. طوال هذه المدة، تضخمت المؤسسة الدينية وأنشأت نظامًا سلطويًا يحميه "حرس الثورة" والجيش وميليشيات "الباسيج" وهذه كلها لا تقل وحشية عن جهاز "السافاك" في عهد الشاه. وقد رصد النظام ميزانيات ضخمة لتسمين هذه المؤسسات ولبناء ترسانة صواريخ ومفاعلات ذرية، وكلها على حساب رفاهية المواطن وقوته اليومي. ومن أجل إلهاء الشعب عما يجري في الداخل، أخذ نظام الملالي يتمدد في العراق، وحارب إلى جانب عائلة الأسد "حماية للأضرحة" وأخذنا نسمع باسم قاسم سليماني و"فيلق القدس" وقيس الخزعلي و"عصائب أهل الحق" والحاج حمزة (أبو العباس) و"لواء الإمام الباقر" وغيرها من الأسماء والتنظيمات الطائفية التي ارتكبت فظائع بحق السنة في العراق وسورية. ويبدو أن الشعب الإيراني قد تنبّه لهذه اللعبة، لذلك رأينا المتظاهرين يرفعون شعارات "لا غَزّة ولا لُبنان، أُضحّي بحياتي من أجلِ إيران". و"بدلاً من السعي للحلول في سورية، فلتسعوا من أجل الحلول لبلدنا". الرئيس حسن روحاني، الذي انتخب لولاية ثانية في مايو 2017، والذي أعطى الشعب وعودًا كثيرة لم يحقق منها شيئًا، كان متناقضًا ولم يكن مقنعًا في خطابه عن المظاهرات واتهامه لأطراف خارجية بتحريك ثورة الغضب ضد النخبة الحاكمة حيث "الناس تتسول ورجال الدين يتصرفون كآلهة"، كما قالت: إحدى اللافتات. النظام أخذ يستخدم القوة المفرطة وأخذ يدفع الشعب للاقتتال الداخلي من خلال حشود مؤيدية للنزول إلى الشوارع والاصطدام بالمتظاهرين المحتجين. لكن، ربما يكون الشعار الأبرز هو "الموت للديكتاتور" في إشارة إلى علي خامنئي الحاكم بأمره في إيران، وهو مؤشر على كسر المحرمات الزائفة في ثورة الشتاء الإيراني. Your browser does not support the video tag.