حينما هممتَ يا صاحبَ الجلالة باستعادة مُلك آبائك وأجدادك وتوحيد ملكك وبلادك تحتَ اسم المملكة العربية السعودية, لم يدر بخلدِ الكثير أن هذا سيكونُ ويتحقق, فالمساحةُ شاسعة والمؤونةُ قليلة, ولكنَّ العزمَ الذي لا يلين والهمة العالية أقوى من كل التحديات, صاحب الجلالة بعد أن وحدت البلاد وسادَ أمنها وعمّ رخاؤها وتفيأ الناسُ ظلالها, وبدت الهجرةُ العكسية, وبعد أن اطمأنَ الحاج والمعتمر, وأصبحت الأفئدة تهوي إلى بيتِ الله العتيق لا يخافون إلا الله, وأخذت الأرزاقُ تترى, فيا صاحبَ الجلالة, أزفُ لك بشرى حب ودعاء شعبك صغارًا وكبارًا, رجالاً ونساءً, ولقد اطلعتُ على العديدِ من الوصايا التي خصّوك بها, فقد خصوك بضحاياهم وحجهم وعمرتهم وسقياهم كما هو الحال في وصية الشيخ الدريبي من أهل الزلفي حيثُ جاء فيها: (أضحية للملكِ عبدالعزيز ووالديهِ وعقبه ما داموا على دينه), ويقيني أن هذا من النادرِ إن لم يكن نادرًا ووحيدًا اختصك الله به لما قدمت لبلدك وشعبك, كما أبشرك يا صاحبَ الجلالة أن بلادكَ ومملكتك التي جمعت شملها ووحدت لحمتها باقيةٌ, فقد زادَ ماؤها, وكثرُ خيرها وبركتها, وهذا بفضل الله ثم بالنيّة الصادقة من لدن جلالتكم وبدعاء شعبك المحب الذي لا يكل ولا يمل من الدعاء لكم ولذريتكم, والبشرى لكم يا صاحبَ الجلالة بأن كان هناك احتفاليةٌ عظمى لمرور مئةِ عامٍ على فتح الرياض شاركَ فيها أبناؤك وأحفادك وشعبك وأهلك ومحبوك, كانت مبادرةً من ابنك البار الملكِ سلمان بن عبدالعزيز حينما كان أميرًا لمدينة الرياض, واليومَ يا صاحبَ الجلالة يمتطي صهوة القيادة في مملكتك ولقد انتقل الملكُ من بنيك بيسرٍ وسهولة, هو حديثُ المجالسِ والمدارسِ والندوات, ولكلِ ابنٍ من أبنائك الملوك بصمتهُ الخاصة, وأثرها في توطيد الحكم, وكان من أولوياتهم عمارةُ الحرمين الشريفين, فأصبحَ يا صاحبَ الجلالة تهوي إليه الأفئدة من كلِ فج عميق, وأصبحَ الحرمُ المكي يستوعب أكثرَ من مليوني مصل, والمطاف يستوعب أكثر من مئة ألف طائف في الساعة, وأمّا المسعى فحدّث ولا حرج, وأصبحت كسوةُ الكعبة تُنسج في مكةَالمكرمة, وأصبحَ هناك مطبعةٌ للقرآن في المدينةالمنورة, وأصبحت مسابقات القرآن التي تحملُ اسمك وأجرها يصلك بإذن الله في كل مكانٍ من المملكة والعالم أسرِه, وأصبح هناكَ وقفٌ للحرمين يحملُ اسمك وثوابهُ تنعمُ به بإذنِ ربك, صاحبَ الجلالة تلك الطرق التي مشيتها حافيَ القدم لتوحيد بلادك أصبحت مُعبّدة مضاءة, وأصبحت المواصلات البرية والجوية وسكك الحديد تربطُ بين أجزاء مملكتك, وأمّا البشرى العظيمة التي أزفها إليك يا صاحبَ الجلالة أن أحفادك وأبناءهم حملوا الأمانة من بعدك, فها هوَ شبيهك خَلقًا وخُلُقًا والقريبَ من سنك حين فتحت الرياض الأمير محمدُ بن سلمان وليًا لعهدِ أبيه, وقد بويعَ بقصرِ الصفا بمكةَالمكرمة بسلاسةٍ ويسر منقطع النظير, إذ بويع من قبل أولادك وأحفادك وشعبك, أودُ أن أهمس بأذنيّك أن طموحات حفيدك وليِّ عهد مملكتك لا تقلُ عن طموحاتك حين هممتَ باستعادةِ ملكك, طموحاته كما يقول لا سقف لها, ولا غروَ في ذلك فهوَ نجل الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي تشرّب منه الطموح والأمل كما تشرّب والدهُ الملك سلمان منك الطموحَ والأمل, وأصبحَ أبناءُ أحفادك من الجيلِ الرابع يشغلونَ المناصب ذات المسؤولية الكبيرة كوزارة الداخلية, وإمارة المناطق, ويعملون سفراء لبلادك في مختلفِ بلاد العالم, وأصبحَت هناك خططٌ إستراتيجية, ورؤى مستقبلية, فهناك رؤية 2030 التي تبنّاها حفيدك ووليُّ عهد مملكتك, ومن أهم بنودها زيادة الطاقة الاستيعابية لاستقبال ضيوف الرحمن المعتمرين من (8) ملايين إلى (30) مليون معتمر, وهذه من البشائر العظيمة التي نزفها إليك, إذ إن هذا ما كنتَ تأمله, ورفع حجم الاقتصاد وانتقاله من المرتبة (19) إلى المراتب ال (15) الأولى على مستوى العالم, ورفع نسبة الصادرات غير النفطية من (16%) إلى (50%)على الأقل من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي, يا صاحبَ الجلالة مُلكك ومُلك آبائك وأجدادك في أيدٍ أمينة واعية حصيفة, يزدهرُ مُلكك في كلِ لحظة, رحمك الله رحمةً واسعة وأسكنك الفردوس الأعلى من الجنة, ومتّعك بالنظر إلى وجهه الكريم والشرب من حوض نبيّه صلى الله عليه وسلم شربةً لا تظمأُ بعدها أبدًا وجُزيتَ الخير كله, جُزيتَ الخيرَ كله, جُزيت الخير كله جرّاء بناءِ مملكةٍ وتوحيد بلاد ينعمُ فيها العباد من ذلك اليوم الذي وحدتها فيه إلى يومنا هذا, وكما بشرناك يا صاحبَ الجلالة بما يدورُ في هذه الدنيا, نبشرك بالبشرى الكبرى التي يقولُ اللهُ تعالى فيها في سورة الحديد (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).