منذ اليوم الأول لحملته الانتخابية شن الرئيس الأميركي دونالد ترامب انتقاداً حاداً للطريقة التي استخدمتها إدارة سلفه باراك أوباما في التعامل مع الدور التخريبي الذي لعبته إيران في المنطقة، وما إن تولى ترامب زمام الأمور في البيت الأبيض حتى تغيرت السياسة الخارجية تجاه طهران لتصبح أكثر حدة وتصميماً على وضع حد لكل التجاوزات الماضية. "إيران كانت على وشك الانهيار حتى منحتها الولاياتالمتحدة طوق النجاة بالحصول على 150 مليار دولار بعد الاتفاق النووي".. "إيران تلعب بالنار.. لم يقدّروا اللطف البالغ الذي أبداه الرئيس أوباما تجاههم.. لست كذلك".. هذه نماذج من التغريدات النارية التي أطلقها الرئيس ترامب على حسابه الرسمي في تويتر والتي تمثل مرحلتين في التعامل مع الملف الإيراني، مرحلة منحت طهران مطلق الحرية لتعزيز نفوذها في العراق بعد سحب القوات الأميركية المتعجل في الفترة الأولى من رئاسة أوباما، وهو الأمر الذي تكرر في سورية بعد تراخي واشنطن عن نصرة الشعب السوري والوقوف في وجه نظام الأسد الذي تجاوز كل الخطوط الحمراء بما فيها تلك التي وضعها أوباما بنفسه. في هذه المرحلة انقلب الحوثيون بدعم إيراني مباشر على الشرعية في اليمن، وظهر تنظيم داعش واستقوى في الدول الخاضعة لسيطرة إيران بينما ظلت هي آمنة تجاه هذا المد من التطرف، الأمر الذي يعزز كل الشكوك في وجود علاقة ودور تخريبي مشترك بين التنظيم وجمهورية الملالي. كل ذلك لم يمنع الإدارة الأميركية آنذاك من تقديم تنازلات تاريخية على حساب حلفائها والتزاماتها تجاه أمن واستقرار المنطقة في سبيل التوقيع على اتفاق نووي منقوص يبدو أنه لن يصمد طويلاً. هذه مرحلة.. نتمنى أن تكون قد ولّت بكل ما فيها من حروب وأزمات، بينما يأتي الدور على الإدارة الجديدة التي ننتظر منها المزيد من الأفعال التي تترجم هذه النبرة الحادة المليئة بالتهديد والوعيد، وإن كان ذلك قد وجد آذانا صاغية لدينا وغازل مشاعرنا المليئة بالعتب والخيبة إلا أن التجارب قد أثبتت بأن السياسة لا تبنى على الآمال وقد لا تأتي نتائجها دائما بحجم التطلعات. في الختام.. لا بد من التأكيد على أن طهران هي من وضعت نفسها في خانة الأعداء وهو وصف منطقي لنواياها الخبيثة التي انكشفت خلال سنوات من العمل الجاد على تهديد أمن واستقرار دولنا والعبث بمستقبل شعوبنا، إلا أنه ليس من مصلحة أحد أن تتجاوز إدارة الرئيس ترامب القوانين والمواثيق الدولية في التعاطي مع إيران، ما نريده فقط أن تكف شرها عن دول المنطقة، وأن تمنح الشعب الإيراني الفرصة للنمو والازدهار بدلا من تخصيص مقدراته لتمويل التخريب والعنف.. من الظلم.. العجز عن الوفاء بذلك.