ما أسرع ما تتعاقب الأيام ويتوالى مرور الأشهر وتمضي السنة مع العافية والنعمة ، وتسرع أكثر وأكثر عندما ينشغل الجميع عن دوران عقارب الزمن فهي تدور بلا توقف ثم تفاجئ المنصرف عن مراقبة سيرها بأنه في المحطة الأخيرة ، وقد يتعجب من ذلك لأنه ما ظن أنه سار به العمر مسافة طويلة دون أن يلحظ نهاية الطريق. هذا هو العام 1437ه طويت صحائفه ورفعت أضابيره وملفاته وحفظت، ونستقبل عاما جديدا هو 1438ه بكل جدته وساعات أيامه تنادينا: من قصر منكم أمس فليكن اليوم أكثر حذرا وتخوفا من التفريط، ومن كان بالأمس متحمسا فليكن اليوم أكثر حماسا من أمسه وعامه الذي مضى. وتمضي الأيام بسرعة ولا ينحصر التفكير في جانب محدد ولكنه يتجه بالدرجة الأولى إلى العمر وانقضائه وطي صفحاته مما يستلزم بقاء المنبه يقظا والتفكير حاضرا لتدارك ما بقي منه، ويعبر الشعر بقصائد عدة وأغراض متعددة عن هاجس يتوافق مع الجميع، فمرة يتناول الشاعر خطاباً مع ذاته يحثها على تدارك الوقت، ومرة يزجرها وينهاها عن مواطن الشر والمهالك ومرات عديدة يتحسر على ما انصرف من العمر وأخرى يسجل تجاربه فيما سبق من سني عمره، فالشاعر عادة يعبر تارة عن هم عام أو يعبر عن نفسه وفي الوقت ذاته يتوافق مع المتلقي بحكم الاشتراك في هم واحد، ولا شك أن تناول المشترك الإنساني يعد ملتقى كل المشاعر والأحاسيس التي يتأثر بها الكل. يقول الشاعر أحمد البلادي: العمر تطويه دورات الزمان والليالي بين بيض وعاتمه عابرين وما على الدنيا ضمان يالله الجنة وحسن الخاتمه وبالفعل الأعمار تطويها دورات الزمان من ليل ونهار، وفي الأيام مستودع الأعمال وما يبذل الإنسان فيها وما يعطي ليوم غده بعد أن يغادر الحياة ، وإلا فإنه سيجد صفحات عمره فارغة كسجل لم يدون فيه معلومة وقد ساهم التسويف بذلك الفراغ ، وهو أمر غير محمود أن يغفل الناس عن أعمارهم فيمضي بها الجديدان الليل والنهار التي طوت من قبلهم وستطويهم ومن بعدهم ، ولهذا يتساءل كل منا قائلا بكل اندهاش وكأنه في مفاجأة : ما أسرع ما انقضى العام. نعم مضت سنة وجاءت الأخرى جديدة تنادي لا تفرط كما السنة التي مضت وتغانم ما بقي وخذ من دروس العمر زادا تسترشد به. ويساهم الشعراء كعادتهم في الحضور الإيجابي الطيب ينبهون ويسطرون مشاعرهم وفي قصائدهم إرشاد للمتلقي من إحساس كله مودة وفي الوقت ذاته فيه من البيان والجمال ما يدفعنا للتفاعل معه. يقول الشاعر مطلق الثبيتي رحمه الله: نطوي مع الأيام عامٍ ورى عام وتمر ساعات الفرح في دقايق أيام راحت بالعمر مثل الأحلام يوم ٍ بها زعلان وأيام رايق لقيت من يبني الأمل فوق الأوهام واللي يموت ولا يعرف العوايق ولقيت من يملك بساتين وأنعام واللي من الحاجة ينام متضايق الله خلق هالخلق ساده وخدّام ذي دبرة الرحمن رب الخلايق جاك الكلام وخذ معه بصمة ابهام أن العمر كله مجرد دقايق ويقول الشاعر محمد عبد العزيز الخنيفر: عام مضى يا صاحبي مثل الاحلام أمس لفى واليوم جانا طريده انظر على التقويم وناظر بالارقام عام يروح ومستحيل نعيده أيام تمشي وعقبه أيام وأيام وقل لي عن اللي فات وش هو حصيده؟ ويقول الشاعر ماجد الشمري، وقوله يتوافق مع الكثيرين في ملاحظة سرعة مرور الأيام خاصة مع سهولة الحياة والغفلة ونسيان الوقت والانشغال بالحياة: الله يا سرع الليالي والايام راحت سنة من عمرنا ما درينا قبل امس أذكر توّنا بأول العام واليوم بالعام الجديد ابتدينا لاهين بالدنيا على حمر الانعام نضحك على الدنيا وتضحك علينا ناسين أن الخاتمة في متر خام تربت يدينا صدق تربت يدينا ياليت كلٍ يحسب حساب قدام ونحاسب انفسنا على ماجنينا خلونا نعمل ما تبقى من اعوام نرضي به الله لين يرضى علينا ويقول الشاعر غزاي الحربي مشيرا لحلو أيام العمر ومرها والاطمئنان على الرزق وعدم الانشغال بما يقلق والله قد كفله، وأهمية القناعة وضرورة حب الخير للغير: العمر يمضي بين حلوه ومره والموت حق وقابض الروح مأمور دام الحياة الفانية مستقرة ورزقك يجيك وبين الأجواد مستور لا تنشغل بالوقت برده وحره واحذر تصير بقسمة الناس مقهور