قد لا يهم العديد من الدول أن تصلح أو تفسد الاستخبارات الأمريكية، لأنها شأن يخص الدولة وحدها، لكن من يفهم الدور الذي تقوم به، وانعكاساته على الأمن العالمي، وتجسيدها للسياسة الأمريكية، ترعبه خططها، خاصة حين يتم التلاعب بالمعلومات، وتقدم كحقائق وبراهين، مثلما حدث في أسلحة العراق، وإيران، وكوريا الشمالية، حيث شنت أمريكا الحرب واحتلت العراق، وقد تكشفت الكذبة الكبرى، أن صدام حسين أضعف من أن يمتلك مثل تلك القوة في ظروف حصار طويل ومكلف.. الإصلاح في نظر البيت الأبيض والكونجرس، وبقية الفاعلين في توجيه سياسة الدولة العظمى ينطلق من بدهية مضاعفة كفاءتها الإدارية حتى لا تقع مثل كارثة 11سبتمبر والتي قيل إنها فجوة هائلة في رصد وتحليل مناطق الخطر في العالم، لكن ماذا عن الذين بدأوا كشف حقائق خطيرة عن هذا الجهاز الرهيب، وكيف يتم توجيه بعض تصرفاته بالخدع والمبالغات والتي على ضوئها تنطلق الحرب السرية أو العلنية، حتى جاء آخر قول إن كوريا الشمالية لا تملك أسلحة نووية، وإنما ضخمت صورتها حتى يمكن أن تكون هدفاً آخر بعد العراق.. قد لا يهم أن تكون هناك مساجلات بين دولة عظمى، وأي دولة في العالم قد تتخطى المألوف السياسي المعتاد، لأن صناعة الأهداف تبررها عوامل كثيرة، وخاصة حين تكون هيمنة الدولة العظمى على المواقع الحساسة في العالم، مرتبطة بمصالحها أو بما تسميه أمنها السياسي، أو الاقتصادي، لكن ما يخيف أن يأتي الخطأ من دائرة حساسة بحجم ال "سي.آي.إيه" مما قد يُحدث كارثة لو افترضنا أن سبباً ما جرّ إلى ضرب دولة نووية بحجم الصين أو روسيا، وفق تقديرات غير خاضعة لمراقبة أو تدقيق بصحة المعلومات، واعتبار هذا الجهاز مصدر المعلومات الذي لا يخطئ ولا يكذب.. في المنطقة العربية، نحن ضحية الحرب التقنية والعسكرية لجهاز الاستخبارات الأمريكية، بل لا نزال على قائمة الأهداف بإشعال حروب في السودان، وسورية، ولبنان، وربما تصل حتى إلى إيران، كذلك محاولة توظيف الإعلام والإشاعة وتكبير وزن الإرهاب، أو التبشير بديمقراطية بمقاسات تناسب أمريكا وإسرائيل، ونرجو أن لا يفهم من ذلك أننا بدون عيوب، أو أخطاء سياسية فادحة لكن ذلك لا يبرر أن نكون خط النار مع أمريكا حتى في الشأن الداخلي، ولعل مستقبل الصدام مع جهاز الاستخبارات الأمريكية، ربما يفرض سلسلة من المواجهات تعطي عللاً خاصة، ومبررات تتخطى الظرف الدولي وقوانينه، إلى شهوة التدخل بشؤون المنطقة حتى ولوغضب المجتمع الدولي..