مجلة الأدب الاسلامي ..مجلة فصلية تصدر عن رابطة الأدب الاسلامي العالمية.. أحرص على قراءتها باستمرار..لأنها تمثل في نظري بغية القارىء والأديب والباحث على حد سواء..ومن يجول بين صفحاتها يخرج بحصيلة مفيدة تشبع نهمه وتناسب مواهبه وذوقه ورؤاه!. | ويعود هذا الجهد الأخاذ المتميز للأخوة الفضلاء الذين يقومون على مسيرتها (ادارة وتحريراً ومستشاري تحرير) للخبرة والدراية والتأهيل الذي يتميزون به مما دفع بها إلى التألق والريادة بكفاءة واقتدار عبر مسيرتها الطويلة الموفقة في أداء رسالتها السامية نحو قضايا المجتمع (عربياً واسلامياً). | وقد سعدت بقراءة العدد (72) من هذه المجلة الصادرة عن شهري (القعدة ومحرم) 1432- 1433ه فألفيته كعادته روضة غناء تستوقف الجائل فيها ويجذبه ما تغض به من حقول يانعة وأزاهير فواحة أنى اتجه في جنباتها وشطآنها. |وقد احتوى هذا العدد على (17) دراسة ومقالة و (7) قصائد و (5) قصص اضافة إلى الأبواب الثابتة وكشاف المجلة للأعداد من 69-72. | ومن المقالات الأدبية التي شدتني واسترعت انتباهي رأياً ومدلولاً افتتاحية العدد الموسومة ب (نكسة الأدب) ص (1) لرئيس التحرير اجتزىء منها قوله (ومن المؤسف أننا نشهد في العصر الحديث نكسة الأدب العربي من الأصالة إلى تقليد الأدب الغربي في لهاثه وراء الغريزة ، ونرى قصص يوسف السباعي واحسان عبد القدوس معتمدة على مداعبة الغرائز لدى المراهقين وتصوير فئة عابثة منحرفة عن الاسلام وأخلاقه). | ومقاله (الورقة الأخيرة) ص (106) عن قصة الكاتب الروماني (كونستانات جيورجيو) وعنوانها (الساعة 25) والتي يقول عنها (وأخيرا فإن قارىء هذا الرواية سوف يتراءى له كأن كاتبها يبشر بخلاص الإنسانية بالاسلام الذي أنقدها من قبل) وقال عنها أيضاً (أتمنى أن يقرأها مفكرونا ومثقفونا وكهولنا وشبابنا سواء منهم من فتن بالشرق أم من فتن بالغرب أم من عصمه الله من تلك الفتن ليعلم أنه على سواء السبيل). | ومن الدراسات الأدبية المهمة التي لفتت نظري أيضاً لعمق مغزاها ومدلولها الدراسة التي كتبها الكاتب القدير والعالم الجليل والمفكر الاسلامي المعروف الدكتور (حلمي محمد القاعود) صاحب المؤلفات العديدة في الفكر والأدب والبحث والقضايا الاسلامية المعاصرة (شافاه الله) بعنوان ( الرواية الاسلامية الواقع والمأمول) ص22 ، وهي دراسة منصفة في واقعها من متخصص على علم ودراية بمسيرة الرواية العربية قديما وحديثاً والعوامل التي ترفع من شأنها وتجنبها المخاطر والتقليد الأعمى والخروج عن المألوف (نهجاً ومنهجاً) وهو خير من يتحدث عن هذا الجانب ويرسم الخطوط العريضة لمسيرة نجاحه ومن هم أحق بريادته وبلوغه الشأن الذي يراد له بين الاداب المتزنه (رؤية وفكراً). | ومن موضوعات الأبواب الثابتة مقالة أدبية لشيخنا وأستاذنا ومحدثنا وخطيبنا المفوه الراحل فضيلة الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله بعنوان (النعمة والحمد ..بين الرب والعبد) وهي من مقالاته الاذاعية المنشورة بمجلة الاذاعة في دمشق سنة (1956م) وتدور حول الصدقة وبذلها والعائد الخيري منها. وكلنا يعرف الشيخ علي الطنطاوي ومكانته العلمية والأدبية والشرعية والتربوية وأحاديثه الاجتماعية التي أمتع بها العالم وفي طليعتها برنامجه التلفازي اليومي المشهور (نور وهداية) والذي استمر قرابة (30) عاما وكلنا يتمنى أن يعاد بثه من جديد ففيه حياة وسعادة وفائدة للعباد دنيا وآخرة ومن مقالته المذكورة البليغة في أسلوبها والمفيدة في بابها قوله ص (64) (الخلاصة ياسادة أن من أحب أن يسخر الله له من هو أقوى منه وأغنى فليعن من هو أضعف منه وأفقر، وليضع كل منا نفسه في موضع الآخر، ويحب لأخيه ما يحب لنفسه، إن النعم انما تحفظ وتدوم وتزداد بالشكر، وأن الشكر لا يكون باللسان وحده ولو امسك الانسان سبحة وقال الف مرة ( الحمد لله وهو يضمن بماله ان كان غنيا ويبخل بجاهه ان كان وجيها، ويظلم بسلطانه ان كان ذا سلطان لا يكون حامداً لله وانما يكون مرائيا أو كذابا.. فاحمدوا الله على نعمه حمداً فعلياً وأحسنوا كما تحبون أن يحسن إليكم ، وأعلموا أن ما أدعوكم إليه اليوم هو من أسباب النصر على العدو ومن جملة الاستعداد له فهو جهاد بالمال والجهاد بالمال أخو الجهاد بالنفس ..ورحم الله من سمع المواعظ فعمل بها ولم يجعلها تدخل من أذن لتخرج من الأخرى). | ومن قصائد العدد قصيدة للشاعر بدر بدير من مصر التي نحبها وتحبنا ونسأل الله أن يجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن بعنوان ( حب في الستين) ص (93) ويتبادر لمن يقرأ عنوانها أنها (غزلية) بمفهوم الغزل المتعارف عليه بينما هي قومية الرؤى وطنية المنشأ أختار منها قوله: طال عمري فجاوز الستينا كل يوم قد عشت فيه سنينا لو تقاس الأيام بالحب كانت سنواتي تقارب المليونا قد حفظت الوداد خيطا رفيعاً مع قومي فصار حبلاً متينا وزرعت الحنان حول قلوب قاسيات فأزهرت نسرينا ليس عندي سوى المحبة نهراً في عروقي جرى هوى وحنينا تهت في أدرب المشاعر عُمراً طال حتى تجاوز الستينا ضاق قلبي ببعض همي ولكن وسع الكون والمدى والسنينا عشت بالحب للحب حتى همت بالناس بالورى أجمعينا لو تقاس الأيام بالحب كانت سنواتي تقارب المليونا خاتمة: كانت هذه جولة سريعة في العدد الأخير من مجلة الأدب الاسلامي أزعم أنها كانت ماتعة وحرية بالمطالعة والقراءة ،.. مكرراً ما سبق أن قُلته عنها.. بأنها تستحق منا الدعم المادي والمعنوي فهي قلب المجلات العربية والاسلامية النابض بالفكر النير والغيرة الصادقة في نهجها ومنهجها . وبالله التوفيق