رسميًا..تمبكتي خارج معسكر المنتخب السعودي    حارس الشباب رسميًا في الإتحاد    تقارير..لوكاكو يعوض بنزيمة في الإتحاد    السعودية للكهرباء تكمل استعداداتها لموسم حج 1445ه بعشرين مشروعاً جديداً    المملكة تفوز بعضوية المجلس الاقتصادي    إعلانات الشركات على واتساب ب«الذكاء»    تحتفل برحيل زوجها وتوزع الحلوى    وزير الدفاع يؤكد دعم المملكة للحكومة اليمنية    توفير الأدوية واللقاحات والخدمات الوقائية اللازمة.. منظومة متكاملة لخدمة الحجاج في منفذ الوديعة    أمير تبوك يُشيد بدور المرأة السعودية في خدمة ضيوف الرحمن    استقبل حجاج إندونيسيا وقدم لهم الهدايا.. نائب أمير مكة يتفقّد العمل بصالات الحج في المطار    نادي الرياض يُتَوّج بكأس بطولة المملكة لسلة الكراسي    فرنسا وإنجلترا أبرز مرشحين للفوز بكأس أوروبا 2024    أزمة تنتظر لجان المسابقات بالشرقية.. القادسية والخليج دون ملعب!!    "جوتا" الاتحاد.. مطلوب في الدوري الإنجليزي    أثر التعليم في النمو الاقتصادي    الجامعات منارات التقدم    اطلاق برنامج أساسيات التطوُّع في الحج    مرسم حر    "صحة المدينة" تدشن "الربوت الذكي" بالمنطقة المركزية    "أرشدني".. آليات ذكية لإرشاد حافلات الحجاج    مناقشة الأمراض والتحديات الشائعة في موسم الحج    توفير خدمة الواي فاي في المواقيت    «إنجليزية» تتسوق عبر الإنترنت وهي نائمة    التنظيم والإدارة يخفِّفان الضغط النفسي.. مختصون: تجنُّب التوتّر يحسِّن جودة الحياة    الجبير يؤكد التزام المملكة بحماية المحيطات والموارد البحرية    عدد العاملين في القطاع الخاص يتخطى حاجز 11 مليوناً    رسائل الإسلام    الوزاري الخليجي يناقش اليوم التطورات الإقليمية والدولية    المها الوضيحي يستظل تحت شجر الطلح في "محمية الإمام تركي"    القلعة الأثرية    رئيس وزراء باكستان يعود إلى بلاده بعد زيارة رسمية للصين    «هيئة النقل» تدشّن النظارة الافتراضية بنسختها المتطورة خلال حج 1445ه    الأردن يدين الاعتداء الإسرائيلي الوحشي الذي استهدف مخيم النصيرات وسط غزة    الجهات الحكومية والفرق التطوعية تواصل تقديم خدماتها لضيوف الرحمن    الجبير يلتقي وزير الدولة البرتغالي للشؤون الخارجية    الدفاع المدني ينفذ فرضية حريق بالعاصمة المقدسة    مجزرة النصيرات تقاوم تنديد العالم    هجوم شرس على عمرو دياب بسبب «صفعة» لمعجب    أمن الوطن والحجاج خط أحمر    نائب أمير الشرقية يستقبل أعضاء «تنمية الموارد المالية»    فيصل بن مشعل يقف على مدينة حجاج البر.. ويشيد بجهود بلدية المذنب    ضبط 14 متورطا في إيواء ومساعدة مخالفي الأنظمة    سعودي الأول عالميا في العلوم الطبية الحيوية    القبض على باكستانيين في جدة لترويجهما (4.1) كيلوجرام من مادة (الشبو) المخدر    من أعلام جازان… الشاعر والأديب والمؤرخ الشيخ/أحمد بن علي حمود حبيبي مطهري الحازمي    90٪؜ نسبة استيفاء "الاشتراطات الصحية" للحج    الالتزام البيئي يفتش 91% من المنشآت المحيطة بمواقع الحجاج    سقوط 150 شهيداً فلسطينياً.. مجزرة جديدة في النصيرات    الأحوال: تعديل مواد تتعلق بتغيير الاسم الأول وتعديل أو حذف اسم الشهرة    "البحر الأحمر": جولة ثالثة لدعم مشاريع الأفلام    الفنانة المصرية شيرين رضا تعلن اعتزال الفن    سُوء التنفس ليلاً يسبب صداع الصباح    نائب أمير مكة يتفقد العمل بصالات الحج    سوء التغذية يسبب اكتئاب ما بعد الولادة    فرع هيئة الصحفيين بمكة ينظم ورشة الإعلام في الحج    «الأحوال»: منح الجنسية السعودية لشخصين.. وقرار وزاري بفقدانها لامرأة    فقدت والدها يوم التخرج.. وجامعة حائل تكفكف دموعها !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عقوبة السارق بين منشقة تيبران والحد الشرعي
نشر في المدينة يوم 15 - 06 - 2012

من أشهر المشانق التي خلّدها التاريخ: مشنقة (تيبرن) في لندن، وبحسب وصف موقعها، يظهر أنَّها كانت في ميدان (ماربل أرش) الذي يلتقي فيه شارع (إيجور) بشارع (أوكسفورد). وقد نقل الشيخ الصحفي الأزهري أحمد الجرجاوي -رحمه الله- وصف كاتب إنجليزي لهذه المشنقة بقوله: كانت هذه المشنقة عبارة عن ثلاثة أعمدة طويلة، تلتقي أفقيا على شكل مثلث، محمولة فوق ثلاثة أعمدة أخرى، ولها مسرح مرتفع من الخشب، حتى يتيسر للجموع الحاشدة أن ترى كلّ ما يجري فوقها؛ إذا كانوا يجتمعون من كل حدب وصوب ليشهدوا تنفيذ عملية الشنق في المحكوم عليه بالإعدام، وكان أشراف القوم وعظماؤهم وكذا السيدات، يتخذون لأنفسهم أماكن قريبة من المشنقة؛ ليشاهدوا كل ما يجري عن كثب!
ويقال: إن عدد الذين شنقوا على هذه المشنقة يزيد عن خمسين ألف شخص! وأنَّ أوّل من شنق عليها الدكتور (جوستري) في سنة 1571م، وانتهى استعمالها وهُدمت في سنة 1783م، وكانت الأحكام في ذلك العهد صارمة، حتى إنَّهم كانوا يحكمون بالإعدام على من يسرق ولو نعجة أو حملاً صغيرا؛ وكانوا اللصوص الأغنياء يشترون حياتهم وحياة أتباعهم بالمال!
قلت: ويهمني مما سبق: أنَّ السارق في إنكلترا قبل عام 1783م كانت عقوبته القتل على المشنقة! وأنَّ كبار اللصوص والسراق يَفْدون أنفسهم بالمال! و أنَّ عدد من شنق عليها يزيد على خمسين ألف شخص! وأنَّ المشنقة –لا عقوبة القتل- قد أزيلت في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي..
ومن هنا نعود من لندن إلى المدينة النبوية في أوائل القرن السابع الميلادي، حين شرع الله عز وجل عقوبة السارق والسارقة بقوله:(فاقطعوا أيديهما) وختمه بوصف يرد على كل معترض يتعقّل:(نكالا من الله والله عزيز حكيم)، تلك العقوبة الحدّيّة المجمع عليها بين أهل الإسلام، التي لا يملك كائنٌ من كان إلغاءها، ولا العفو عنها بعد استحقاقها؛ وهي جزاء ونكال يقوم على فلسفة عميقة، تتطلب توفر شروط دقيقة، مع انتفاء موانع رفيقة؛ ولذلك كان تنفيذها على مرّ تاريخ دول الإسلام قليلا وربما معدوداً، وكان أثر تشريعها مع ذلك في الأمن والأمان مشهوداً..
وقد بيّن عدد من كبار فقهاء الإسلام شيئاً من فلسفة تشريع عقوبة القطع في السرقة خاصّة، دون غيرها من الجرائم المشابهة كالاختلاس والانتهاب والغصب، ومن ذلك قولهم على سبيل المثال لا الحصر: إنَّ الاختلاس والانتهاب والغصب، يسهل إقامة البينة عليها، واسترداد الحق المأخوذ فيها في ظل الحكم العادل، بخلاف السرقة، فإنّه يندر إقامة البينة عليها، لشدّة احتياط السارق أو السارقة في التخفي لها، ومن ثم يعسر ردّ الحق لصاحبه ويختل الأمن، فعظُم الزجر عنها بهذه العقوبة الرادعة. أمَّا كبار اللصوص والسرّاق، فلا فرق بينهم وبين الصغار في شرع الله، فقد حسم أمرهم الإعلان التشريعي النبوي العظيم: ( أيها الناس إنمَّا أهلك الذين قبلَكم أنهَّم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدّ، وايْمُ الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)؛ فلا يحل لذي سلطانٍ أن يقبل من صغيرٍ أو كبيرٍ فدية ينجو بها من العقوبة إذا ما استحقها شرعاً، ولا يملك العفو عنها ولا قبول الشفاعة فيها.
غير أنَّ فرداً من غير الأغنياء، ربما تقع منه السرقة اضطرارا لشدّة الجوع، فيسرق شيئاً يبقي حياته، فلا يقام حدّ السرقة! لا لأنَّ حدّ السرقة يمكن أن يُفدى بالمال، ولا لأنَّ حدّ السرقة يمكن أن يوقف فضلاً عن أن يلغى كما يدعي بعض المنحرفين اليوم؛ وإنَّما هو إعمال لقاعدة: "درء الحدود بالشبهات"؛ وهي قاعدة مجمعٌ عليها بين فقهاء الإسلام، ووردت في تطبيقها آثار في عهد الخلافة الراشدة . وبعبارة أخرى: فإنَّ الحدّ إنَّما يُدرأ بالشبهة بعد النظر في الواقعة القضائية؛ لا في تبديلٍ وتغييرٍ وتقنينات وضعية، يُستبعد منه حدُّ السرقة ..
وإنّما يتحقق الأمن من الجرائم، بإعمال الأحكام الشرعية الأصلية والاستثنائية في محالّها الشرعية، لتتجلى السياسة الجنائية في الإسلام، تلك السياسة التي تحقق الأمن والأمان: بالوقاية مع التجريم والعقاب المتوازن..
والحديث فيها ذو شجون، فهو يُشِعّ حكمة، ويتتلألأ عدلاً، ويُشيع أمناً لمن تفحّصه.. لكن المقال قد استوعب مساحته ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.