المسرح التفاعلي.. شكل من أشكال المسرح يُقدم من خلاله الكثير من المضامين التوعوية ويجد رواجاً كبيراً وإقبالاً منقطع النظير في كثير من البلدان منها دولة الأردن الشقيقة التي بها عدد من الفرق القومية للمسرح التفاعلي والتي تقدم التنوير والتثقيف والتوعية في كل أنحاء الأردن وعشائره وتجد قبولاً وتفاعلاً من أفراد العشائر والمدينة على حد سواء. الجميل والجديد أن الفرق القومية للمسرح التفاعلي تعالج قضايا عديدة في مجالات الحياة المختلفة على شكل عمل درامي يتضمن مواقف تحمل مضامين عدة ويتاح للمشاهد العادي فرصة المشاركة والمناقشة والحوار مع الممثل على خشبة المسرح عن طريق شخص يُعرف بالممهد يوقف الحدث الدرامي في لحظة معينة ويترك للجمهور حرية مناقشة المؤدين للعمل حول المشاهد التي رأوها ويتم الوقوف عند نقاط بعينها وخصوصاً تلك التي تسترعي الإنتباه لجسامة الخطأ مثلاً أو ضعف التصرف تجاه موقف معين. وقد يأخذ الحوار شكل الندوة من خلال أخذ رأي أصحاب الاختصاص الذين يكونون بين المشاهدين يمارسون الفرجة وإبداء الرأي الصائب كمرجعية يُحتكم إليها. والقضايا التي يتم طرحها ومناقشتها على خشبة المسرح لا يتم بشكل اجتهادي بل يتم بشكل منهجي، فهناك جهات معنية برصد أكثر الظواهر التي يجب معالجتها وتحدد المواضيع بدقة عن طريق الدراسة المستفيضة، ثم بعد ذلك يأتي دور الكتّاب المسرحيين الذين يصوغون الموضوع على شكل عمل درامي مسرحي. من ناحية تاريخية هذا اللون من المسرح بدأ على يد «أوجستو بوال» وهو المسرحي البرازيلي الذي كان يقدم لوحات صامتة على خشبة المسرح تحمل مضامين توعوية في مجال الإرشاد الزراعي للفلاحين في قريته، وكذلك بعض المضامين التوعوية في المجال الصحي، ثم يجري بعدها عصف ذهني حول ما تم مشاهدته وصولاً إلى الحل للمشكلة المطروحة على خشبة المسرح، ثم تلقف الفكرة الإنجليز وطوروها بعد ذلك ليصبح لديهم فِرقاً تعتمد هذا اللون المسرحي وتقدمه للأوساط التربوية وفي المدارس كمسرح تعليمي يقدم المناهج الدراسية ومقرراته على شكل أعمال مسرحية. أما محلياً.. فإن هذا اللون من المسرح غائب لدينا -رغم أنه- قد يُسهم كثيراً في التوعية والتثقيف والتنوير حول كثير من القضايا فيما لو تم الإلتفات له واعتماده والأخذ به كأحد وسائل التثقيف والتنوير، فهل سنرى في قادم الأيام إلتفاتة لهذا اللون المسرحي عبر مسرح الجنادرية، وصولاً إلى الأفضل عن طريق تفعيل دور المسرح والدراما الهام في حياتنا، بوصفها أداة يمكن الافادة منها بعد جعلها وسيطاً غير تقليدي يقدم المعلومة والنصح والتوجيه بعيداً عن الأساليب التقليدية التي تعتمد الخطابة وفنون القول الأخرى كوسيلة وحيدة للتثقيف؟.