نتحدث عن روسيا، البلد الغامض جدًا بالنسبة لنا، لا نعرف الكثير عن الاتحاد السوفيتي، قد نعرف أبرز الزعماء، مَنْ قرأنا عنهم ودرسنا سيرتهم في الكتب، لينين وستالين وخروتشوف وبريجينيف، وهؤلاء الأشهر بالنسبة لنا، وقبل خرتشوف كان هناك مالينكوف، وبعد برجينيف هناك أندروبوف وتشيرنينكو، إلى أن جاء عهد ميخائيل جورباتشوف الذي كتب نهاية الاتحاد السوفيتي على يده، عمومًا موضوعنا لن يكون بعيدًا عن الرياضة، ولن نخوض في السياسة، فلها أهلها ومختصوها، لكن الأبرز حسب ما نعرف، هو لينين المؤسس، وبعده ستالين الذي كسب الحرب العالمية الثانية، وبعده خروتشوف الذي ضرب بحذائه في جمعية الأممالمتحدة، اعتراضًا على ما يقال من رئيس الوفد الفلبيني عن حريات أوروبا الشرقية، عمومًا هذا أيضًا ليس موضوعنا. أما بريجينيف فهو أحد الزعماء الذي عمّر في رئاسة روسيا، وله قصة رياضية شهيرة مع الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، أذاعتها روسيا اليوم RT في مذكرات السفير الروسي بالعاصمة اليمنية صنعاء، حيث روى أنه أثناء استقبال بريجينيف لعلي عبدالله صالح، قبل قليل من انطلاق إحدى المباريات، ومعروف عن بريجينيف شغفه بالكرة، حيث أصر الرئيس الروسي على أن تنتهي المقابلة سريعًا، وكان غاضبًا، وتحدث مع وزير خارجيته آنذاك، أندريه جُروميكو، عندما قال له: أندريه.. ألا تعلم أن موعد المباراة اقترب؟ فتدخل السفير واختصر كلمات الرئيس اليمني، حتى يتمكن بريجينيف من متابعة مباراة كرة القدم الشغوف بها، وقيل في المذكرات أيضًا أن الغداء تم وضعه سريعًا ليتناوله الرئيس الروسي وضيفه على عجل، وهذا جانب رياضي في حياة أحد أشهر الزعماء الروس، لكن بريجينيف جسّد روح البيروقراطية في روسيا، فمن الدعابات التي تُنقل عنه أنه في أحد الأيام التي كان سيستقبل فيها مارجريت تاتشر، رئيسة الوزراء البريطانية، وعندما كان يقرأ حينذاك من الورقة ينطق اسم ضيفته أنديرا غاندي، وليس تاتشر، لتقترب منه مستشارته الخاصة وتخبره بأن التي أمامك هي مارجريت تاتشر، لكنه كررها مرة ثانية وثالثة، وصححت له، ووقتها علق بريجينيف قائلًا: أعرف جيدًا أنها مارجريت تاتشر، رئيسة الوزراء البريطانية، لكن مكتوب أمامي في الورقة أنديرا غاندي.. وهذا مما يتداوله الروس عن البيروقراطية التي تعاني منها بلدهم. يمر بنا الحديث لنتكلم عن الرئيس الحالي بوتين، وهنا أحكي لكم عن التعامل اليومي مع الروس بالشارع، هم قليلو الكلام والابتسام، جادون، لكن في الوقت ذاته ودودون وطيبون، وإذا جمعك بهم حديث، يسألونك سؤالًا مباشرًا: هل تحب بوتين وكيف تراه؟ إذ يبدو أنهم محبون لرئيس بلادهم الحالي، وهذا ما استطعت قراءته. ما أود قوله إنَّ الكرة تفرض نفسها على السياسة والسياسيين، لذلك هي دائمًا في مقدّمة الأحداث العالمية، ف"روسيا اليوم" القناة السياسية، أتابعها يوميًا هنا في روسيا باللغة الإنجليزية، قد تحولت هذه الأيام إلى قناة رياضية خالصة، كل ساعة هناك حديث مع المدرب البرتغالي الشهير مورينيو، يتحدث، يحلل، يتكلم، يوضح آراءه باستمرار، بشكل مميز جدًا. خلاصة الكلام هوس كرة القدم يفرض نفسه على جميع شرائح المجتمع، من القمة للقاعدة، على الرؤساء والزعماء، ومواعيد الكرة تفرض نفسها على اجتماعات الرؤساء أحيانًا، فقد تابعنا قبل سنوات كيف خرج الزعماء من اجتماع، ليتابعوا مباراة بكأس العالم خلال مونديال 2010، كافة الزعماء الحاضرين بما فيهم رئيس أمريكا، ودول عدة.
