** كل من قُدِّر لي قراءة المقالين اللذين كتبتهما الكاتبة د. سامية العامودي استشارية نساء وولادة بصحيفة (المدينة) عن إحساسها الأليم عندما تفاجأت بإصابتها (بسرطان الثدي)!. لقد تحدثت بإيمان عجيب في هذين المقالين، في الأول: عن شعورها عند تلقيها لهذا النبأ المحزن بل تفاجئها به وهي الطبيبة الماهرة ذات الخبرة الطويلة وفي هذا التخصص على وجه الخصوص ولعله ابتلاء لها من ربها، ولكن الجميل والرائع: هو قوة إيمانها عندما تيقنت من الخبر، حيث استقبلت ذلك، بل وكتبت عنه معتبرة ذلك أنه قد يكون منحة لا محنة، لقد رضيت بقضاء الله، فسكب ذلك نهراً من الطمأنينة بين جداول نفسها جعلها تتقبل قضاء الله بارتياح، ثم بدأت بكل ثقة خطوات العلاج.. إن هذا (الإيمان العميق) هو الذي لا جرم خفف من وقع المرض على نفسها كما أشارت هي، وكما أشارت إلى ذلك صديقتها الكاتبة الفاضلة د. نورة السعد عندما كتبت في (ربيع حرفها) عن تجربة د. سامية مع هذا الداء الخبيث. حقاً إنه الإيمان بقول الحق: (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا) (51) سورة التوبة، هذا الذي يجعل الإنسان يستسلم بيقين وصبر إلى ما قدّر الله عليه، فمن يصيب الإنسان بالضر هو سبحانه الذي يكشفه ويشفي منه مع عمل أسباب العلاج المأمور بها. *** ** أما مقالتها الثانية: فقد كانت أكثر تأثيراً حيث واجهت المعضلة الأهم: وهي كيف تخبر أطفالها وأولادها من ذكورٍ وإناث.. كيف تنقل النبأ المحزن إلى فلذات كبدها وتخبرهم بهذا الداء الذي يهز الجبال، لكن لقد ألهمها الله أن تنقل إصابتها به إليهم بموضوعية وثبات وبطريقة مؤثرة مما خفف كثيراً من وقع الألم عليهم نحو أمهم: موئل حنانهم، وملاذ منهم حيث استقبلوا هذا النبأ بإيمان مثل إيمان والدتهم. لقد ذكرني هذا الإيمان الذي غمر قلب وجوانح د. سامية بالشاعر الراحل سلمان الفيفي رحمه الله الذي جسّد قبل سنوات حاله بعد أن أخبره الطبيب بإصابته بمرض السرطان المنتشر في جسده، وان بقاءه في هذه الحياة بإرادة الله لن يتجاوز أياماً محدودة، فقال قصيدة بالغة التأثير تفيض إيماناً وتنبض صبراً.. حيث إنه كان هو الذي يطمئن الدكتور الذي أبلغه بصبره وتقبله للأمر والرحيل وفراق الدنيا بيقين مذهل من منطلق إيمانه بربه بل أشار في قصيدته إلى فرحه بلقاء بارئه.. تصوروا مريضاً يشرف على الموت فيقول هذه القصيدة المتفائلة.. إنه الإيمان ولعلني أنشر هذه القصيدة مستقبلاً والتي أعدها من أكثر قصائد الشعر العربي صدقاً وتأثيراً. كتب الله الشفاء للكاتبة د. سامية، وحفظها لأولادها ولوطنها وعملها الإنساني. 2 مشاعرنا والرسائل الجوالية..! ** على الرغم من قناعتي بعدم بث (المشاعر والتهاني) عبر رسائل الجوال إلا أنني أصبحت كرهاً لا طوعاً أقوم بذلك، فقد أصبح أغلب الأحباب والأصدقاء والأقارب يفعلون ذلك وأنا أضطر للرد عليهم وأحياناً، قليلة أبادر بذلك..! هذه الرسائل تفقد دفء التواصل وحميمة الصوت وأنفاس المحبين، ولكن هذا حكم التقنية وانشغال الناس وعدم بركة الوقت وتباعد مدنهم ودورهم..! لقد اسميت ذات مقال عندما انتشر أسلوب التهاني عبر البطاقات الورقية.. اسميت هذه البطاقات (العواطف المعلّبة). وهذا الوصف ينطبق أيضاً على (رسائل الجوال) فتلك تحمل عواطف جامدة، وهذه تتأبط مشاعر رتيبة وقد أعجبني أحد الأصدقاء عندما شبهها ب(الزهور البلاستيكية) التي لا رائحة ولا دواء فيها..! وجميل ذلك الشاعر النبطي الذي هجا (رسائل جوال) عندما قال: (( كان الرسايل تقطع الصوت يا شوق اشطب عليها باغلا من من قرأها)) وقد صدق..! بقي أن أشير على الرغم من كل ذلك إلى أنني لست ضد هذه الرسائل الجوالية بشكلٍ عام فهي تختصر الجهد والوقت وبخاصة في نقل معلومة جديدة أو خبر طيب أو دعوة صادقة وما شابه ذلك، لكن ما اعترض عليه أن تكون هي الجسر الدائم الذي نستخدمه في نقل مشاعرنا وأحاسيسنا نحو الغالين علينا في الأعياد ومناسبات الأفراح التي لا تتكرر في العام سوى مرة أو مرتين..! 3 آخر الجداول (وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (107) سورة يونس.