في كل عام أدفع ألف ريال، لأيتام مع أمهم، رغبةً في الثواب، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) أولها قال وقال: (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين وأشار بالسبابة والوسطى). وحين وصلت إلى منزلهم الشعبي البسيط وطرقت الباب، لم أجد أحداً يفتحه وإذا برجل: ماذا تريد؟ لقد رحلوا، فقلت: متى ولماذا وأين؟ قبل شهرين، وسكنوا بيت شعر خلف النفود، لأن أجرة السكن عالية، وسأدلك على مكانهم، فذرفت دموعي حتى بللت لحيتي. سرت بالسيارة حتى وصلت إلى النفود، ثم أوقفت السيارة ومشيت وجاء وقت صلاة المغرب فأديت الصلاة وقمت أسير والظلام بدا كعباءة سوداء، وإذا بي أطيح في بئر، كانت البئر مدفونة بالرمال ما عدا ثلاثة أمتار، فنظرت الى الأعلى فلم أشاهد سوى النجوم، ثم سمعت صوت نباح كلاب، واقترب الصوت فناديت: هل من أحد؟ وإذا برجلٍ يقول: من أنتَ؟ كيف وقعت في البئر، هل أنت سليم؟ فقلت: أجل والحمد لله، أخبرني هل معك حبل؟ فقال: معي حبل ولكني ربطت به الكلبين، فقلت: حُلّه وأرمه إليّ فقال: سيهرب الكلبان إذن وقد اشتريتهما من السوق قبل ساعة فقلت: اتتركني هنا في بئر من أجل كلبين؟ فقال: خذ الحبل، وتمسك واصعد، فلما خرجت من البئر قال: لقد هرب الكلبان، ماذا أصنع الآن؟ وما إن مشينا قليلاً حتى وجدنا الكلبين ففرح بهما وازداد سروره وأخذ يداعبهما بيديه، وقال: هذان كلبان سلوقيان، فأنا أحب الصيد وقد اشتريتهما بمبلغ كبير، ثم أخرج علبة ثقاب وأشعل الحطب وجلس وقال لي: سوف نتمشى، وأخرج الخبز والتمر واللبن من كيسٍ، وقال: لَمْ تخبرني، من أنتَ؟ ولماذا سلكت هذا الطريق وماذا تبغي؟ فقلت: أبحث عن بيت شعر يسكنه أيتام مع أمهم، فقال: أعرفهم، إنهم هناك، ولكنك لن تراهم الآن، فالظلام حالكٌ، ولكن سيظهر القمر بعد ساعتين. أخذنا نتحدث حتى طلع القمر وبدا النور، فقال: هناك بيت الشعر، فودعته وودعني، ووصلت إلى الأيتام ودفعت لهم المال ورجعت من نفس الطريق ووصلت إلى السيارة وعدت سعيداً مسرور الخاطر.