تستعد الخرج لاستقبال أعيادها كباقي المدن في المملكة فتنشط الحركة التجارية ويبدأ المواطنون التهافت على محلات الخياطة . . والملابس والبقالات . . لشراء لوازم العيد . . والاستعداد لاستقباله بأبهى الحلل . . وأطيب المآكل . . ومع تطور المدينة وتغير جزء كبير من ملامح عاداتها وتقاليدها . . إلا أن المواطنين لازالوا متمسكين بجزء من تلك العادات والتي تأصلت في نفوسهم وأصبحت بدونه لا تكتمل أفراحهم ومباهجهم . . لقد كانت الخرج قديماً ترقب ليلة العيد بلهفة كبرى فتدوي طلقات البنادق معلنة فرحة العيد . . من كل شرفة منزل . . لقد كان ذلك شيئاً تقليدياً لا تخلو منه أعيادها . . وكما سارت العادة فهناك عيدان لا عيد واحد، عيد للصغار وهو يوم ما قبل العيد حيث يرتدي فيه الأطفال أبهى الحلل . . وأزهاها . . مارين بالمنازل مطالبين بالعيدية.. (الخشار) فتمتلئ جيوبهم وحقائبهم بأصناف (الحلوى والمكسرات) . . وتراهم يطوفون الأحياء منهكين . . باحثين عن العيدية إلى أن تغرب الشمس. وعند صباح العيد، يبدأ العيد . . عند الكبار يستيقظون مبكرين ليرتدوا ملابسهم الجديدة قاصدين مسجد العيد لأداء الصلاة، وما أن تنتهي الصلاة حتى ينفضوا لنحر الأضاحي وإعداد (الحميس) وهي أكلة اعتاد أن يقدمها ناحرو الأضاحي من لحم ما ذبحوه تيمناً بسيدنا إسماعيل عليه الصلاة والسلام وتكون تلك فرصة لتبادل التهاني بالعيد مارين بمنازل بعضهم البعض مهنئين . . وكذلك متذوقين أكلة (الحميس) وعندها يشرعون في التجمع في إحدى المساحات مقيمين الرقصات الشعبية والتي غالباً ما تكون رقصة العرضة النجدية والسامري . . كما كان النساء يقمن سابقاً رقصات خاصة بهن تسمى (الزرفة) أشبه ما تكون بالدبكة.كما كانت تستغل أيام العيد لإقامة مباريات الرماية . . فيخرج العديد منهم خارج البلدة حاملين بنادقهم واضعين هدفاً بعيداً يسمونه (النص) ويتنافسون على إصابته كما تقام سباقات الخيل والجمال إلا أن تلك العادات اندثرت وتلاشت شيئاً فشيئاً في مجتمع الخرج وحل محلها النزهات في البساتين . . أو مشاهدة الرقصات الشعبية أو المشاركة بها. لقد كانت الأعياد في سابق عهدها بالنسبة لأبناء الخرج أكثر تعبيراً بل أصدق وأدق مباهج الفرحة في نفوس المواطنين فبالرغم من بساطتها . . إلا أنها لم تتأثر بزيف الحضارة ولم تنقد لبهرجها الزائف . . فتتخلى عن عادات السلف من أجدادهم وتقاليد آبائهم والتي كانت تمثل الآباء الصادق لدى مواطني هذه المملكة الفتية . . ولكن الحضارة جرفت من جرفت . . وأتت على بعض ما خلفه السلف من قيم وعادات . . ولم تبق إلا القليل المتأصل والذي لا مندوحة من التشبث به . . والتمسك بتلابيبه. ففي عيد الفطر المبارك دأب المواطنون على تقديم الأكلات الشعبية المشهورة في موائد منتظمة على الطرقات . . يهدفون من ذلك التفافهم حول بعضهم وتقديم مأكولاتهم وعرضها أمام من حرموا أعيادهم بالقرب من أهلهم وذويهم . . كما أن السنة استبقت على بعض مآثر الخير في تلك الأعياد . . فلحوم الأضاحي تجزأ إلى وصل صغيرة توزع على المساكين في عيد الأضحى المبارك . . وهذه قاعدة يسير عليها في عموم منطقة الخرج شأنها في ذلك شأن باقي مدن المملكة وقراها وان في ذلك لأكبر دليل على ما تفيض به النفوس من مشاركة في البذل والعطاء . . والمساواة . . دافعها الخير . . حافزها الإيمان، وعندما نتحدث عن العيد في الماضي لابد من وقفة سريعة متأملين أعياد الخرج في الحاضر . . تكاد بعض العادات أن تنقرض مثل موائد الطريق والحميس وحل محلها حلاوة العيد . . وتقديم بعض المرطبات أو القهوة . . وقد لا تلقى الرقصات الشعبية نصيباً كبيراً من المهتمين بها . . وكذلك مسابقات الرماية وركوب الخيل فقد تلاشت تلك العادات واندثرت. ولقد اعتاد المواطنون على انتهاز عطلة العيد في النزهات - الخلاوية - والتفسح في البساتين والتي تعتبر قاسم مشترك أعظم في حياة المدينة بحكم ظروفها . . وكونها مدينة زراعية وما أن تنتهي مراسم العيد من تهاني . . ونحر أضاحي . . حتى يهرع الناس إلى الخلاء والبساتين ناصبين خيامهم في الأدوية مفترشين الخضرة . . متظللين بالشجر الوارف . . وهنا تهدأ المدن من الحركة . . حيث تنشط في تلك الأماكن المقصودة للنزهة والفسحة . . ومن أكثر الأماكن التي يقصدها المواطنون للنزهة حدائق البلدية والتي تتوفر بها عوامل الترفيه والنزهة . . وكذلك بساتين السهباء لامتداد رقعتها الخضراء وابتعادها عن ضوضاء وصخب المدينة . . وفي تلك الأماكن تكاد لا تجد لك بقعة تستريح بها ما لم تشد إليها رحالك منذ وقت مبكر . . فترى الجموع فيها متراصة مزدحمة . . تلك هي فكرة بسيطة عن العيد في الخرج آملاً أن أكون قد وفقت في إعطاء صورة حقيقية عن العيد في هذه المدينة.