بداية النشاط النسائي الثقافي في بلادنا

حاولت قدر المستطاع تقديم ما جمعته خلال سنوات من أخبار ومعلومات نشرت عن المرأة في بلادي.. مع بدايات الدعوة لتعليمها رسمياً.. وحتى صدور الموافقة وبداية فتح المدارس في بعض المدن بدءاً من عام 1380ه / 1961م وما تبع ذلك من محاولات لإجهاض أو إيقاف هذه المسيرة.. وسريعاً ما تقبل المجتمع الوضع الجديد وتحمس له حتى المعترضون عليه. ومع بدايات التعليم النظامي نجد المرأة تشمر عن ساعديها لاستغلال هذه الفرصة لتعويض ما فاتها لمواكبة النهضة النسائية في الدول المجاورة.
فنجدها تؤسس (جمعية النهضة النسائية) بالرياض عام 1383ه / 1964م، وتنشئ نادي فتيات الجزيرة الثقافي، وكذا جمعية الوفاء بتفرعاتها الاجتماعية والثقافية والصحية وغيرها. فنجد الجريدة الوحيدة (اليمامة) التي تصدر بالعاصمة الرياض تتلقف أخبارها لتنشرها أمام الملأ مستبشرة ومشجعة. ففي عددها الحادي عشر الصادر بتاريخ 25 المحرم 1384ه نجدها تنشر في (الصفحة النسائية) تحت عنوان: أضيفي إلى معلوماتك: أن نسبة المدرسات السعوديات في المملكة قد بلغ 17% وأن عدد أعضاء نادي فتيات الجزيرة الثقافي قد بلغ 80 عضواً و4 أعضاء عاملات.
وفي العدد (14) تنشر: .. وأن جمعية النهضة النسائية قد أقامت دورة لتعليم الكفيفات المنتسبات إليها بالكتابة على طريقة - برايل - وقد أنهين هذه الدورة بنجاح وذلك في معهد النور بإشراف المدير العام للمعهد الأستاذ عبدالله الغانم.
وفي العدد (53) الصادر بتاريخ 11-12-1384ه الموافق 12-4-1965م نقرأ ضمن أخبار الصفحة النسائية، أنه قد تم انتخاب السيدة سميرة الخاشقجي رئيسة جميعة النهضة النسائية السعودية ونادي فتيات الجزيرة الثقافي في الرياض، انتخبت رئيسة للاتحاد النسائي العربي السعودي، وفور انتخابها بدأت سيادتها في الاتصال بالجمعيات النسائية في المملكة لتكوين اتحاد نسائي عربي سعودي بتعاون مع الاتحادات النسائية العربية على تعريف الاتحادات النسائية الأخرى بالمرأة السعودية ومظاهر نشاطها في المجالات الاجتماعية والثقافية والصحية.
وأنه قد افتتح في تمام الساعة الرابعة من صباح الخميس [حسب التوقيت الغروبي] المعرض الخيري لمؤسسات الجمعية، وسيظل مفتوحاً من الرابعة صباحاً حتى الثانية مساءً، والدعوة عامة لسيدات المجتمع في الرياض لزيارة هذا المعرض الأول للجمعية، هذا وسترصد إيرادات المعرض للأعمال الخيرية للجمعية.
وخبر آخر يقول: دعت السيدة سميرة الخاشقجي مسزبيلا.. رئيسة المكتب العالمي المختص للمرشدات ببريطانيا وذلك للإطلاع على النشاط النسوي في بلادنا ومن ثمة افتتاح قسم للمرشدات بالنادي الأهلي لفتيات الجزيرة وستقدم إلى المملكة قريباً، فمزيداً من هذه الأفكار.. وتحية لبنت الجزيرة العاملة.
إلى جانب أخبار أخرى لها علاقة بالموضوع ومنها:
الطائف: تبرعت مدرسة الثغر النموذجية بجدة بمبلغ 400 ريال والسيد وهيب بن زقر بمبلغ 100 ريال لجمعية اليقظة النسائية.
جدة: انتخبت السيدة جهان الأموي رئيسة للجمعية النسائية الخيرية، ونحن إن نهنئها نرجو لها مزيداً من النجاح المطرد.
مكة: تستعد المدرسة الأولى بمكة لمعرضها السنوي لهذا العام وقد ساهمت الأيدي الناعمة الوطنية في نتاجه القيم.
الرياض: تم تأسيس مكتبة في نادي فتيات الجزيرة بالمربع لنشر الثقافة بين فتياتنا ونساء بلادنا، وقد علمنا بأن الآنسة مي ابنة حمد الجاسر أهدت مجموعة من الكتب لهذا النادي.. واليمامة ترجو من قرائها ومن كل مواطن غيور أن يسهم في هذا المشروع الثقافي بتقديم ما يستطيع تقديمه من كتب ومؤلفات.
هذه إطلالة سريعة على جزء يسير من نشاط المرأة قبل نصف قرن تذكرته بمناسبة تكريم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - حفظه الله - لأول رئيسة لجميعة النهضة النسائية سمو الأميرة سارة الفيصل بتقليدها وسام الملك عبدالعزيز، وكذا اختيارها ضمن أعضاء مجلس الشورى.
هذا وقد نشرت جريدة الرياض في 22-1-1434ه خبراً عن قيام الأميرة سارة الفيصل رئيسة جمعية النهضة النسائية الخيرية بتكريم عدد كبير من أعضاء الجمعية بمناسبة مرور خمسين عاماً على تأسيس الجمعية.. وأشادت نائبة رئيسة الجمعية فوزية راشد الراشد في كلمة لها خلال الحفل الذي أقيم مساء أمس بجهود صاحبة السمو الملكي الأميرة سارة الفيصل مؤسسة الجمعية. مبينة أن الجمعية أصبحت منارة إشعاع مضيئة بالأعمال الخيرة وأسهمت بالنهوض في تثقيف ومساعدة بنات الوطن.. ولمرور خمسين عاماً على تأسيس الجمعية وما يتفرع عنها من أنشطة ثقافة واجتماعية وصحية في الوقت الذي كان فيه التعليم النظامي ببداياته، مع ملاحظة شح الإمكانات المادية والمعنوية فتقديرا لهذه الخطوة المتقدمة الجريئة وهذا الحماس والطموح لابد أنه صاحبه الكثير من الإخفاقات والمفاجآت والأسرار التي لم يسبق أن تحدث عنها، ولهذا وحفظاً لتاريخ النهضة الحديث للمرأة.. آمل أن تتم استضافة سمو الأميرة سارة ومن شاركها بدايات هذه الجمعية وغيرها للتحدث عن هذه الفترة ليطلع هذا الجيل على المعاناة والصعوبات التي رافقت بدايات ما نجني ثماره الآن ونقطف وروده.. فآمل من الجهات الإعلامية المعنية من مرئية ومسموعة ومقروءة أن لا تهمل هذه الفترة بل تضعها في حسبانها.
Abo-yarob.kashami@hotmail.com
الرياض