عندما كنا نستهجن حالات القبض على مواطنين و مواطنات حتى الأطفال منهم، من اعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (وصفنا البعض عن جهالة بالعلمانية والليبرالية وغيرها من الصفات)، وعندما كنّا نستنكر القبض على العجائز وعلى من يحاولون مدّ يد العون لهم اتهمنا البعض بالتشجيع على الرذيلة وغيرها!. وكنا نقول بل نصرخ إن الاختلاط الإنساني طبيعة البشر رجالاً ونساء، وأن الحياة لا تستقيم ولا تسير بطبيعة إلا لو كان التعامل إنسانياً، وعندما أكتب وأشدد على كلمة (إنساني)، فإني اقصد به السمو والترفع عن الغرائز والانحلال، بل وحصرها في الإطار الشرعي المعروف. الآن وبعد التصريح الرائع لرئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكة الشيخ أحمد قاسم الغامدي قبل أيام في صحيفة عكاظ والذي قال فيه: «إن الاختلاط حلال» والذي لا يختلف مطلقاً مع ما نادينا به من قبل، نطالب اليوم والآن وفوراً بتصحيح أوضاع من تم اتهامهم بالخلوة غير الشرعية، ونستثني من (ضُبط متلبساً بشروطها المغلظة والمعروفة شرعاً) . أتساءل كم عائلة دمّرت؟ وكم فتاة تتواجد اليوم ومنذ سنوات في دور الرعاية أو في السجون؟ وما مصير من تغيّرت حياتهم ومنعوا من أداء اختباراتهم وتم تشويه سمعتهم؟ كيف ستتحلل «الهيئة» منهم؟ هل ستعتذر على الملأ، مثلما اتهمتهم وجرجرتهم على الملأ؟ هل ستعوضهم عن كل ما وجدوه وعايشوه وفقدوه؟ وكيف؟ السمعة في بلادنا العربية والسعودية بالتحديد لا تعود (بسهولة)، عجوز الشملي ما مصيرها وكيف سنعتذر لها؟ هذا التصريح بكل ما به من شجاعة وإقدام يتطلب شجاعة مماثلة لتصحيح الأوضاع وتعويض من اُتهموا بالباطل؟ وما قاله الشيخ صحيح مليون في المئة، لأن غالبية، بل معظم من يُحرّمون ويجرّمون الاختلاط المحترم، وأشدّد على كلمة المحترم بألف خط أحمر بالعريض أيضاً (لديهم عاملات في بيوتهم، وزوجاتهم يذهبن الى أعمالهن بصحبة السائق) إحدى السيدات المعترضات على طريقتي في التفكير، أفادت أنها لا تختلط مطلقاً بالسائق بمفردها، وأنها لو رغبت في الذهاب لمشوار تصطحب معها الخادمة التي توصلها، إذ تذهب وتعود (بمفردها) الى المنزل، ثم تأتي مرة أخرى لتصطحبها حتى لا تعود بمفردها ولئلا تختلط هي بالسائق. سألتها في إحدى مناقشاتي الساخنة معها، ماذا عن الخادمة؟ أليس في عودتها مع السائق بمفردها (خلوة غير شرعية)، ردت سريعاً، أنا لي بنفسي وليس لي شغل بها! أختم مقالي هذا بسؤال بريء، هل الدين يتجزأ؟ أليس من الواجب علي أن أحبَّ لغيري ما أحبّه لنفسي؟ أليس المبدأ واحداً؟ متى نعتذر لكل من ظلمناهم و «شحتفناهم» وغيّرنا مستقبلهم وأسأنا الى سمعتهم؟ يا فضيلة الشيخ! [email protected]