بعد جهود حثيثة ومتابعة وإشراف دائمين طوال أيام السنة، انطلقت الدورة الجديدة الخامسة لمهرجان الأغنية السورية بشيء من الثبات والتماسك، حيث لوحظ ان الانتقادات التي كانت وجهت إلى مهرجان السنة الفائتة أخذت في الحسبان فتقلص عدد المشاركين باختيار أكثر المتميزين والموهوبين من الأصوات الغنائية الشابة. وكانت النتيجة ان قدم في ليالي المهرجان الثلاث خمسون عملاً من أصل 240 قدم للمشاركة. من اللافت أن أغلب المشاركين 17 مطرباً و21 مطربة لجأوا إلى التراث في انتقاء أغانيهم مع اجراء بعض التطوير في الألحان والتوزيع الموسيقي، وهم بذلك اقتربوا من شعار المهرجان الثابت "من أجل أغنية سورية تغني التراث العربي"، وبدا واضحاً أنهم يسعون بشكل عملي للحفاظ على هوية الأغنية السورية المحلية بألوانها المتنوعة. لقد أصبح هذا المهرجان بعد مرور خمسة أعوام تقليداً سنوياً تنتظره الطاقات الغنائية الفنية السورية الشابة، باعتباره المنبر الذي يمكن من خلاله إظهار مواهبها ورعايتها وصقلها من قبل فريق من الملحنين والفنيين المخضرمين الذين تؤمنهم لهم إدارة المهرجان وهيئة الاذاعة والتلفزيون باعتبارهما القائمين على هذا المهرجان برعاية وزارة الاعلام. كما بات ينتظره الجمهور لما استطاع ان يفرز في دوراته السابقة من أصوات واعدة جميلة أخذت فرصتها في الظهور وبدأت من بعدها الانتشار هويدا، وضاح اسماعيل، كنانة القصير، ميادة بسيليس. وفي لفتة من المهرجان، كعادته كل عام، تم في هذه الدورة تكريم شعراء الأغنية وكتّابها "تقديراً لجهودهم التي ساعدت في تشكيل بصمة وهوية للأغنية السورية". ومن الفنانين اختار المهرجان للتكريم فهد بلان ورفيق سبيعي اللذين ساهما في تلوين الأغنية السورية بألوان جبلية ودمشقية لقيت القبول والاستحسان لدى الجمهور المحلي والانتشار لدى الجمهور العربي. وكانت الأغاني المجددة للمطرب فهد بلان التي أدتها الأصوات الجديدة من أجمل ما تضمن المهرجان. كما وزعت جوائز المهرجان الرابع جائزة الاورنينا الذهبية على الفائزين كأحسن صوت رجالي، نسائي أحسن كلمات، أحسن لحن، أفضل كلمات، أفضل توزيع، أفضل أغنية شعبية. وكالعادة، رافقت فعاليات المهرجان الغنائية نشاطات ثقافية عدة منها الندوات الموسيقى وتعليم المعوقين، الموسيقى والطب، الأثر النفسي للموسيقى عند العرب، الموسيقى والطب النفسي، الموسيقى والحاسوب، والمعارض معرض وثائقي عن الغناء والموسيقى في التشكيل العربي المعاصر، معرض صور من المهرجانات السابقة، الأفلام فيلم قصير عن الفنان فهد بلان، فيلم وثائقي من ذاكرة المهرجان. كما استقطب المهرجان فرق الفنون الشعبية التي وجدت فيه هي الأخرى المناخ المناسب من ديكور مسرحي غنائي رحب. وأغانٍ تتطلب لوحات راقصة معبرة، فبدأت بالتشكل والظهور، حتى تعددت وباتت في هذه الدورة الخامسة من مهرجان الأغنية فرقة الشام للفنون الشعبية، فرقة الجيل الجديد الأرمنية، فرقة الرقة جزءاً أساسياً ومهماً من اللوحة المشهدية الغنائية لحفلات المهرجان ككل. هذا العام اضيفت إلى ليالي المهرجان الثلاث المعتادة ليلة رابعة سميت ب "ليلة حلبية" وكانت هدية من الشهباء... مدينة القدود والموشحات والاصالة والسلطنة للمهرجان ولكل من يعشق الطرب الأصيل والتراث وكنوزه، اذ قطفت باقات ملونة وزعت على الحضور الذي انتشى من أداء مطرب حلب القدير صبري مدلل وفرقته بمرافقة فرقة إحياء التراث حيث قدمت لوحات من رقص السماح والمولوية