اذا كانت أدنى كلفة انتاج أونصة الذهب في العالم، هي في مناجم غينيا الجديدة وتبلغ 163 دولاراً، فإن كلفة انتاج الاونصة في منجم مهد الذهب في السعودية بلغت 113 دولاراً، وهو رقم قياسي جديد لجهة الادنى كلفة في العالم الامر الذي يدل على ارتفاع نسبة العائد على الاستثمار التعديني لهذا المنجم والبالغة نحو 3.24 في المئة، لكن يبدو ان ذلك لا يمكن تطبيقه على مناجم اخرى في المملكة، حيث تتوقع تقديرات سعودية ان تبلغ التكلفة الاجمالية لإنتاج الذهب في بعض المناجم الجديدة حوالي 250 دولاراً للاونصة. وتعتبر السعودية دولة حديثة في انتاج الذهب، وقد بدأت الانتاج في نهاية العام 1988 من منجم "مهد الذهب" ثم تبعه منجم "الصخيبرات" الذي تشرف عليه شركة "المعادن النفيسة" منذ العام 1989، وهو مشروع مشترك بين شركة "بترومين" السعودية وشركة "بوليدون مينيرال" السويدية. ولوحظ ان انتاج المملكة من هذين المنجمين بلغ نحو 241 ألف أونصة العام 1996، وتشير تقديرات مجلس الذهب العالمي الى تراجع الانتاج بنسبة 5.12 في المئة العام 1997 لتبلغ نحو 211 ألف أونصة، من منجم "الآمار" 90 ألف أونصة، ومنجم "الاحجار" 40 ألف أونصة، ومنجم "السوق" 40 ألف أونصة، اضافة الى انتاج منجم "توان" الذي استكملت الشركة السعودية للمعادن النفيسة دراسات الجدوى الاقتصادية الخاصة به. وبدأت شركة التعدين العربية السعودية "معادن" العمل في باكورة مشاريعها من خلال تطوير منجم "الآمار" الذي يعد ثالث مناجم الذهب في الاراضي السعودية بعد منجمي "مهد الذهب" و"الصخيبرات". ويقع هذا المنجم على بعد 200 كيلومتر جنوبالرياض، وهو يماثل "مهد الذهب" من جهة التكوين منجم "باطين" وتركيب المعادن، ومن جهة نسب المعادن المصاحبة فضة، نحاس، خارصين. ويقدر العمر الافتراضي لمنجم "الآمار" بأكثر من 5.11 سنة تقريباً حسب دراسات الجدوى الرئيسية بتركيز يتراوح بين 14 و22 غراماً في الطن، وتحتاج عمليات التطوير الى اقل من 30 شهراً لبدء عمليات الانتاج. وكانت الحكومة السعودية قد منحت في أيلول سبتمبر الماضي شركة "معادن" امتيازاً لاستغلال منجم "الآمار" بهدف زيادة انتاج المملكة من الذهب. وقد حصلت الشركة اخيراً على تصريحين، يختص الاول بحق الاستطلاع عن المعادن النفيسة في جميع مناطق المملكة، والثاني يصرح لها بالاستطلاع على المعادن الصناعية في البلاد، ويستمر مفعول التصريحين الصادرين عن وكالة الوزارة للثروة المعدنية والتي تعتبر ذراع الاستثمار لقطاع التعدين، لمدة عامين بحيث ينتهي في اواخر العام 1999. وتفيد بعض الدراسات ان السعودية تمتلك اكبر ثروة معدنية في منطقة الخليج، اذ يتوافر فيها 20 مليون طن من خام الذهب، و60 مليون طن نحاس، وعشرة مليارات طن فوسفات، وملايين الاطنان من الخامات الاخرى. وبلغ مجموع الاستثمار الخاص في قطاع التعدين في السعودية اكثر من 25 مليار ريال 75.6 مليار دولار وعدد التراخيص التعدينية خلال الخطة السابقة 1990 - 1995 نحو 484 ترخيصاً تشمل المشاريع ومنشآت الصناعات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة . وتبدي المملكة اصراراً على التوسع في استثمارات قطاع التعدين وتحويله الى مصدر رئيسي للدخل. ويعتبر هذا التحرك جزءاً من الجهود الرامية الى تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط كمورد اساسي، اضافة الى وقف ارتفاع فاتورة واردات المعادن. وعبرت المملكة عن هذا الاصرار بخطة لم تستهدف فقط اخراج الخامات من باطن الارض وبيعها للاسواق الخارجية، بل تأسيس صناعات وطنية ذات علاقة بتلك الخامات. ويقول المسؤولون السعوديون ان هناك خططاً لتنفيذ مشاريع كبرى في قطاع التعدين كجزء من جهود الدولة لإنعاش القطاع غير النفطي. وتوقع وزير النفط والثروة المعدنية علي بن ابراهيم النعيمي ان يناهز معدل النمو السنوي لقطاع التعدين بنهاية خطة التنمية السادسة في عام 2000 التسعة في المئة، وأشار الى انه سيكون من اعلى القطاعات الانتاجية والصناعية نمواً في السنوات المقبلة. لكن اللافت أقدام السعودية على زيادة انتاجها من الذهب وانفاق مبالغ كبيرة على استثمار قطاع التعدين، في وقت تشهد فيه الاسواق العالمية تراجعاً في الاسعار، الامر الذي يشير الى ان خطة السعودية في تطوير الانتاج تعتمد على السنوات المقبلة التي قد تشهد عودة الى ارتفاع الاسعار، مع العلم ان حجم سوق الحلي والمشغولات الذهبية في السعودية يقدر بنحو 6.3 مليار دولار، ينتج منها داخل المملكة نحو 80 في المئة. واذا كانت دول الشرق الاوسط تعتبر اسواقاً مهمة جداً لاستهلاك الذهب اذ يبلغ الطلب عليه نحو 20 في المئة من اجمالي الطلب العالمي، فإن السوق السعودية من اهم اسواق الشرق الاوسط حيث يمثل الطلب المحلي فيها نحو 55 في المئة من اجمالي الطلب في دول الخليج مجتمعة، وذلك وفق احصاءات مجلس الذهب العالمي. وأشارت احصاءات المجلس الى ان الطلب على الذهب في الاسواق السعودية ارتفع بنسبة تزيد عن 8 في المئة الى 200 طن العام 1997 في مقابل 185 طناً العام 1996، ما يجعل المملكة اكبر مستهلك للذهب في منطقة الشرق الاوسط، وثالث اكبر سوق دولية استهلاكية بعد اسواق الهند والولايات المتحدة. وبعدما كانت السعودية من كبار المستوردين من دبي، اصبحت تصدّر اليها المشغولات الذهبية والاحجار الكريمة، اضافة الى ذلك وصفت المملكة بأنها تملك اكبر شبكات البيع في العالم اذ بلغ عدد متاجر الذهب في السعودية ثلاثة آلاف منشأة وعدد شركات الجملة 50 شركة. وقدرت اوساط تجارة الذهب في دبي ان ينمو الطلب على الذهب في السعودية بنسبة 10 في المئة سنوياً خلال السنوات المقبلة، بحيث يصل حجم السوق الى 400 طن بحلول سنة 2003، وأشارت الى ان النمو يرتبط بشكل مباشر بتطورات اسعار النفط في الاسواق الدولية وانعكاسها على العائدات النفطية