أقترح قانوناً دولياً عاماً للمسافر العصري: يمنع منعاً باتاً أن تكون زوجة المسافر أجمل من المضيفة على الطائرة. وسبب هذا القانون واضح، لأنه إذا كانت الزوجة أحلى من المضيفة، فلماذا يسافر الإنسان؟ وأكتب مرة أخرى من وحي أسفاري، فقد كنت في طائرة الأسبوع الماضي المضيفات فيها في عمر جدتي. واعترف فوراً بأن هذه مبالغة، ولكن المضيفات لم يكنّ شابات حسناوات كما تعودنا في الماضي، وانما نساء بين وسط العمر وأرذله. وارجح انهن لم يكن جميلات عندما كن شابات. وخدمتني عجوز حيزبون قلع البين نابها، ومع ذلك اشفقت عليها، وكدت أتولى خدمة نفسي بنفسي نيابة عنها. وكانت لا تختفي وراء ستارة حيث يحضّرون الطعام، الا واتصور انها انزلت قناع الاوكسيجين على رأسها، كما يفعلون بالمرضى، لتستطيع الاستمرار في العمل. في الماضي كانت المضيفة شابة حسناء، وبقي الأمر كذلك حتى بدأت المطالبة بحقوق المرأة، وأصبحت داعيات هذه الحقوق المزعومة يدعين ان الاصرار على الجمال تمييز جنسي ضد بقية النساء، وان المفروض أن توظف المرأة لقدرتها لا لحسنها. وهذا صحيح اذا كانت الوظيفة لمعلمة مدرسة، حيث يتوقع أن يركز المراهقون على دروسهم، وينسوا ما عداها. إلا أنه ليس صحيحاً في المضيفة التي يفترض أن يلهي شكلها الحسن الركاب عن التفكير في أنهم ينطلقون بسرعة ألف كيلومتر في الساعة على ارتفاع 30 ألف قدم، فوق بحر مليء بسمك القرش، وقد وضعوا أرواحهم في يدي طيار، ربما جنّ أو أصيب بسكتة قلبية أو فقدان الذاكرة. وبالتأكيد فالأعمار في يد الله، ولكن ماذا سيحدث إذا كنت في طائرة وحل أجل الطيار؟ الجواب: يا لطيف، يا لطيف. وهو الجواب نفسه عندما أنظر في الطائرة حولي فلا أرى غير مضيفات "عواجيز"، أو ما هو اسوأ، أي مضيف مرح الاعطاف، حلو اللفتات، من الذين لا تعترض شركات الطيران الأجنبية على عملهم. بت واثقاً ان في بعض شركات الطيران العربية الشرط الوحيد للعمل ان تكون المضيفة بشعة. وبعضهن جمع من صنوف البشاعة، ما لا يمكن معه اعتبار الأمر مصادفة، فلا بد أن هناك من قرر ان المضيفة البشعة تريح دماغ الادارة، وهذه تفضل راحتها على راحة المسافرين. ما هي نتيجة ان تجتمع مضيفة مخضرمة في طائرة ركاب أجنبية، وأخرى بشعة في طائرة عربية؟ النتيجة ان يفقد الراكب شهيته، ويرد الطعام. وفي هذا توفير كبير، فالطعام يسخن ويقدم الى ركاب الرحلة التالية. وهؤلاء ينظرون الى المضيفات ويرفضونه، ويظل الطعام يقدم ويرفض حتى تنتهي مدة صلاحيته، كما انتهت مدة صلاحية المضيفات. وأتوقف هنا لأقول انني أتكلم بشكل عام، ففي الطائرات الأجنبية هناك مضيفات شابات، يجدهن الراكب عادة في الدرجة السياحية، لأن الخدمة في الدرجة الأولى لصاحبات الخبرة الأكبر والأقدمية. كما ان بعض شركات الطيران العربية يصر على ان تكون المضيفة حسنة الشكل، لذلك نجد أحياناً مضيفات حساناً فعلاً يتركن الراكب يحلم بأنه غير متزوج، وبما لا يمكن أن يكون. في الماضي كان الراكب يحلم بأن المضيفة رفيقته في السفر الى بلاد ساحرة بعيدة. وهذه المرة سهت عيني، وأفقت مفزعاً من كابوس، فقد حلمت بأنني والمضيفة العجوز في غرفة فندق نفتح حقائب السفر. ونظرت اليها وطلبت حبتي اسبرين. أين هذا من زمن نشرت فيه مضيفة أميركية كتاباً عن تجاربها في السفر بعنوان "قهوة، شاي، أو أنا"، وهو لقي رواجاً كبيراً وصدق كثيرون أن مغامراتها المسجلة حدثت فعلاً، واقبلوا على السفر بأعداد غفيرة فاستفادت شركات الطيران التي ربما كانت وراء فكرة الكتاب أصلاً. الفكرة استنفدت أغراضها، واليوم تستفيد الشركات من المضيفات "العواجيز" أو البشعات في الحد من رغبة المسافر في الأكل وكل أمر آخر. وهو في النهاية لم يركب الطائرة للأكل أو للأمور الأخرى، وانما للانتقال من النقطة ألف الى النقطة باء. وهذا ما يحدث إلا إذا حل أجل الراكب... أو الطيار. عدت الى البيت وقلت للتي في يدها الحل والعقد، ودفتر الشيكات المشترك، أنني "ملخوم" من كثرة السفر، وأشعر مثل ذلك الذي غادر البيت الى عمله في الصباح فقبّل باب السيارة، وصفق زوجته. وقالت ان لا مانع أن أبوس السيارة، شرط ألا أبوس المضيفة. هذه المضيفة، لو رأتها لارتاحت .