عاد "الحزب الثوري الدستوري" المكسيكي، الذي حكم البلاد منذ تأسيسه في 1929، الى السلطة عقب فوز مرشحه الدكتور ايرنستو زيديللو في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. ومع ان "حزب الثورة الديموقراطي" اليساري ندد بلجوء "الثوريين الدستوريين" مرة اخرى الى "عمليات التزوير الواسعة" التي اتُهموا بممارستها في الماضي مراراً، قال مراقبون محايدون ان زيديللو نال فعلاً حصة الأسد من الأصوات في اقتراع عام تشوبه غير شائبة. ويعود تحفظ المراقبين خصوصاً الأميركيين منهم، عن "نظافة" الانتخابات الى "مراكز الاقتراع الخاصة" التي أقامتها الحكومة لاتاحة الفرصة أمام المواطنين الذين يعيشون خارج مناطقهم الأصلية للادلاء بأصواتهم. اذ لوحظ ان مخالفات كثيرة ارتكبت في بعض هذه المراكز حيث حُرم ناخبون من ممارسة حقهم فيما مارسه آخرون مرات عدة بمباركة المسؤولين الذين اختارتهم الحكومة. وحصول المخالفات لم يكن مفاجئاً على عكس عددها الذي انخفض في شكل ملحوظ بالمقارنة مع انتخابات سابقة. وهذا التطور يجعل النتيجة لا تخلو من الغرابة، على رغم ان استفتاءات للرأي دلت اليها بصورة واضحة. فما يدعو الى الحيرة هو فوز زيديللو الذي لم يسمح له الوقت بشن حملة انتخابية فعالة، اذ دخل ميدان المنافسة قبل بضعة أشهر فقط اثر اغتيال مرشح الحزب. والأهم هو نجاح الرئيس كارلوس ساليناس، الذي وصل الى السلطة بعد "تزوير" انتخابات 1988 متغلباً على خصمه الديموقراطي بفارق بسيط، في تحويل أنظار الناخبين عن اتفاقية "نافتا" المثيرة للجدل التي وقعها مع واشنطن، وعن انتفاضة الفلاحين والمنتمين الى المعارضة "الزاباتية" المسلحة قبل أشهر عدة. وفيما يصعب الجزم بصدقية الاتهامات التي ترد فوز الحزب الدستوري الى الأموال التي أغدقها انصاره الأثرياء على الناخبين، قد يكون هذا نصره الأخير ما لم يبادر الرئيس المنتخب زيديللو الى معالجة الوضع الاقتصادي المتفجر الذي كرّسه الدستوريون حين ركزّوا ثروة البلاد في أيدي حفنة من العائلات وتركوا 35 مليون مواطن يعيشون دون مستوى الفقر.