الاكتشافات الطبية الحديثة في حقل المعالجة الوراثية للعديد من الأمراض المستعصية، والسعي الحثيث لإيجاد علاج أو لقاح فعّال ضد مرض الايدز، والتقدم الحاصل في مجال علاج الأمراض والأورام السرطانية لم تثن الأطباء والباحثين عن تحقيق المزيد من الانجازات في حقول أخرى من الطب الحديث والطب البديل. فقد تمكن فريق طبي فرنسي بقيادة الدكتور جان بول كوتيل ولأول مرة في العالم، من زراعة رئة مشطورة داخل صدر مريضة في الأربعين من عمرها تعاني من الاصابة بمرض التليّف الكيسي Cystic Fibrosis الذي يعطل وظائف الرئة ويلزم المريض على استخدام الأوكسجين بصورة مستديمة. وقد استغرقت هذه العملية الجراحية، التي أجريت في قسم الأمراض الصدرية وأمراض القلب والأوعية الدموية في مستشفى بروساي في باريس، عشر ساعات واعتبر الأخصائيون نجاحها إنجازاً عظيماً قد يتيح المجال اجراءها على الأطفال المصابين بمثل هذا المرض الخطير، خصوصاً أن حجم جسد المريضة التي أجريت لها تلك العملية الجراحية، يشبه حجم جسد الأطفال. وسوف تتمكن المريضة من مغادرة المستشفى خلال ثلاثة أسابيع، إلا أنها ستضطر الى تناول دواء "سايكلوسبورين" مدى الحياة لحمايتها من عملية رفض جسدها للرئة المزروعة فيه. علاج السكتة الدماغية وفي الصين تمكن البروفسور وانغ ديوانيي، أخصائي علاج الوخز بالأبر Acupuncture ومدير قسم علم الأعصاب في المستشفى التابع لجامعة بايجنغ، من علاج عدد كبير من المرضى المصابين بالسكتة الدماغية نتيجة لتصلب الأوعية الدموية والأعصاب، كما تمكن من شفاء مريضة في الخمسين من عمرها من الشلل الذي كانت تعاني منه نتيجة الاصابة بالسكتة الدماغية. ويعود السر في نجاح البروفسور وانغ بهذا الأسلوب العلاجي الطبيعي الى خبرته الواسعة في الطب الصيني التقليدي التي تزيد عن 30 سنة، عالج خلالها مئات المرضى المصابين بأنواع مختلفة من السكتة الدماغية، فتمكن قسم منهم من استعادة القدرة على المشي على رغم اصابته بالشلل، بعد جلسات عدة من العلاج بوخز الإبر. وتصل كفاءة العلاج الذي يقوم به الى أكثر من 94 في المئة. وأكد البروفسور وانغ على ضرورة البدء في علاج حالات السكتة الدماغية في أقرب وقت ممكن لأن أفضل النتائج يمكن تحقيقها بعد ثلاثة أشهر من الاصابة، بينما لا يمكن تحقيق سوى نتائج معتدلة بعد ستة أشهر من الاصابة. وأي علاج بوخز الإبر بعد تلك الفترة الزمنية لن ينجح ولن يجدي نفعاً. ربح عشرين سنة وتصادف هذا العام الذكرى العشرون لعملية زراعة القلب الناجحة التي أجراها البروفسور دانيال غيلمه في مستشفى فوش في مدينة سورين من ضواحي باريس العام 1973 للمريض روجيه ايجارك الذي ما زال يتمتع بصحة جيدة ويعيش حياته الطبيعية بنشاط وحيوية وكأنه ولد بذلك القلب السليم. كما ان هذا العام هو الذكرى الثانية والعشرون لعملية زراعة القلب التي قام بها البروفسور كريس برنارد رائد زراعة القلوب في العالم. إلا أن المريض الذي تلقى عملية الزرع يلازم الكرسي المتحرك لأنه ليس في وضع صحي يسمح له بالحركة والنشاط كما هو الحال مع المريض إيجارك الذي يمكنه تسلق الجبال وقيادة السيارة بسرعة. وقد تقدمت جراحة زرع القلوب كثيراً خلال السنين العشرين الماضية وازداد عدد المرضى الذين خضعوا لها، وما زالوا يعيشون حياتهم بفضل براعة الجراحين وتناولهم دواء "سايكلوسبورين" المقاوم لعملية رفض الأعضاء المزروعة داخل الجسم. ويعتبر البروفسور مجدي يعقوب من أهم وأنجح الجراحين في هذا المجال، نظراً للأعداد الكبيرة لعمليات الزرع التي قام ويقوم بها سنوياً.