خروف يطل عليك من شاشة هاتفك المحمول، مذيلاً بعبارة"حبيت أعيد عليك قبل ما يضحو بي". أو صورة شابين يتعانقان مع رسالة تقول:"عيد مبارك، كل عام وأنتم بألف خير وعساكم من عواده". هذان نموذجان من عشرات النماذج التي"غزت"هواتف السعوديين المحمولة خلال الأيام الماضية، كأحدث وسيلة من وسائل التهنئة بحلول عيد الأضحى المبارك. و فيما تلاقي التهنئة عبر رسائل الهاتف الجوال رواجاً بين كثير من السعوديين، الذين بات كثر منهم يعتبرونها"الوسيلة الأسرع والأسهل للتهنئة، مقارنة بالزيارات العائلية أو الشخصية"، يستنكرها آخرون ويرون فيها"مؤشراً إلى ضعف الروابط الاجتماعية"، فهي من وجهة نظر هذا الطرف،"تفتقد الشعور بالألفة والحميمة"، لأن العيد من المناسبات التي يستغلها الجميع للتواصل مع الأهل والأقارب والأصدقاء. ويصنف عمر سعود نفسه من المعارضين للتهنئة برسائل الجوال، ويقول"تلقيت خلال أيام العيد عدداً كبيراً من هذه الرسائل، لكنني لم أرسل رسالة واحدة... فالقريبون مني قدمت التهنئة إليهم مباشرة، أما البعيدون الذين تحول ظروفي دون الوصول إليهم فهنأتهم هاتفياً، مع تقديم اعتذاري لهم عن عدم تمكني من زيارتهم". ويستنكر عمر على من يوصلون"مشاعرهم إلى من يحبونهم إلكترونياً"، ويقول"هذا الأسلوب يسرق من العيد جوهره، ويفقده البهجة التي تميزه عن بقية الأيام، فالتهنئة بالعيد فرصة لإعادة ترميم ما في الصدور من خواطر مكسورة وجفاء في النفوس، وتبادل المشاعر الصادقة التي تخرج من القلوب ولا تحركها أزرار الجوال ومفاتيحه". ويجد رأي عمر موافقة لدى محمد سعود، الذي لم يشعر بفرحة العيد حين استقبل هاتفه الجوال عشية العيد وغداته نحو 130 رسالة. ويرى أن هذه الطريقة للتهنئة"حيلة المتقاعسين عن التهنئة، إذ يستخدمونها بدلاً من زيارة الأحباب من الأهل والأصدقاء وتبادل التهنئة والأماني الصادقة معهم". ويضيف"في العيد التقي أشخاصاً لم أرهم منذ فترات طويلة، بسبب بعد المسافات والمشاغل اليومية، فالعيد يوفر لي رؤيتهم، فأنا والعائلة في إجازة من العمل والمدارس، لذا نستطيع أن نزور وأن نُزار، فنلتقي من نحبهم ونسأل عن أحوالهم ونطمئن على صحتهم". وقطع عبدالعزيز لافي خلال أيام العيد الثلاثة نحو 500 كيلومتر لتهنئة أقاربه في حفر الباطن ومدن أخرى، ويقول"حين أقطع هذه المسافات الطويلة أشعر بطعم الفرحة الحقيقي في العيد، كما يشعر بها من ذهبت لأجله إذ يعرف حينها مقدار الحب الذي يحمله له قلبي، فيقدر ذلك ويرد الزيارة في العيد المقبل". ويتهم لافي من يكتفون بإرسال رسائل التهنئة بالجوال بأنهم"ضحايا العولمة". ويقف سعد أحمد في منطقة وسطى بين من يقبلون هذا الأسلوب ومن يرفضونه، ويقول"استخدام الرسائل الإلكترونية في تبادل التهاني أصبح أسلوباً معمولاً به في هذا العصر، الذي تدخلت فيه التقنية في كل شؤون الحياة، ولكن يجب عدم الاتكال عليها في إيصال المشاعر وتبادل الأحاسيس، فهي وحدها لا تكفي... فأنا أرسل رسائل إلى من أحبهم، لكنني أزور القريبين وأهاتف البعيدين منهم". وفي المقابل هناك من ينظر إلى استخدام الوسائل الحديثة في إيصال المشاعر وسيلة مثالية في وقت أصبح الجميع منشغلين في أعمالهم والسير وراء اهتماماتهم الشخصية، ومن ثم لم يعد هناك وقت كافٍ للزيارات والذهاب شخصياً للتهنئة بحلول العيد". ومن هؤلاء الشاب فواز المطيري، الذي يؤكد أن الحرص على القيام شخصياً بالتهنئة وغيرها من المناسبات لم يعد بالشكل السابق،"لأن الرسائل الإلكترونية سهلت من العملية كثيراً، فهي لا تكلف أي مجهود بدني، فما عليك سوى كتابة رسالة تعايد بها الجميع، ومن ثم الانتقال إلى قائمة الكل في جهاز الجوال، لتصل إلى جميع الأسماء المخزنة في ذاكرة الجوال. وبهذا تكون قمت بالواجب الذي عليك في العيد، وليس لأي كان أن يعاتبك على عدم معايدتك له في العيد". ويجزم فواز أن أسلوب التهنئة برسالة جوال لا تقتصر على الشباب فقط،"فهناك كبار في السن يعتمدون عليها في شكل أكبر من الشباب، فالكل يبحث عن الراحة والاسترخاء، ويفضل أن يذهب شخصياً إلى أقرب الأقرباء لتهنئتهم بالعيد، أما الباقون فيكتفون بإرسال الرسائل إليهم". ويبرر ذلك بأن"إيقاع الحياة أصبح سريعاً، ولهذا فإن الوقت ضيق". ولا يكتفي المطيري بالتهنئة عبر رسائل الجوال فهناك التهاني عبر رسائل البريد الإلكتروني من خلال الإنترنت، ويقول"في يوم العيد أرسلت نحو 150 رسالة لأصدقاء داخل السعودية وخارجها من خلال الإنترنت لتبادل التهاني معهم". واستغل مبارك العنزي وجود عدد من المواقع على شبكة الإنترنت قدم نماذج لرسائل التهنئة بالعيد، إذ خزّن عدداً من الرسائل من هذه المواقع، ثم قام بإرسالها إلى أصدقائه، ويقول:"يقبل الشباب على هذه المواقع بكثرة لاقتباس تلك الرسائل وتخزينها في جوالاتهم قبل مجيء العيد، ليرسلوها فيما بعد، كما أن هناك مواقع تتفنن في كتابة الرسائل بأشكال مختلفة تغرى الباحثين والمحبين لهذه الأساليب الذين يتفاخرون بها أمام بقية الأصدقاء".