بين ما يمثله نظام الاحتراف في طبيعة كرة القدم، وما يبحث عنه الرياضيون في الأوساط المحلية، هناك ما يستوجب البحث عن إجابة للسؤال المهم: ماذا قدم الاحتراف للأندية السعودية؟ وعلى رغم مضي أكثر من خمسة عشر عاماً على اعتماد المسيرة الكروية على هذا الاحتراف، إلا أن الفائدة المرجوة من ورائه ما زالت محدودة... ولم تصل إلى المبتغى المأمول... وهنا يأتي التساؤل الأكبر: لماذا؟ وللإجابة لا بد من أن نلاحظ أنه في طيات تلك الأعوام المذكورة، ما يكفي لفك طلاسم الأسئلة... حيث ظلت آليات النظام مفقودة داخل الأندية الرياضية التي استنزفت مالياً، فيما لم تؤد تلك الملايين من الدولارات إلى تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع، إلا في ما ندر من الصفقات الاحترافية، التي تعد على أصابع اليد الواحدة، خلال السنوات المنصرمة من عمر نظام الاحتراف... والسبب أن جميع المحترفين الذين استقطبتهم الأندية تفاوتت مستوياتهم بين المتواضع والعادي... ولم يشهد الجمهور الكروي بشرائحة الانتمائية كافة محترفاً أجنبياً واحداً يشار إليه بالبنان... ولعل اللافت في الموضوع برمته، هو أن عمليات الاختيار تركزت فقط على الجانب الدعائي الوهمي، المتمثل في أشرطة الفيديو التي تخالف حقائق مسيرة المحترف، ما أسهم في ضياع حقوق الأندية المالية، بحكم التسرع في توقيع بنود العقد الملزم بين الأطراف... والذي يستفيد منه دائماً المحترف الأجنبي في حالتي الفشل والنجاح... ويرى بعض الخبراء الرياضيين وأصحاب الفكر، أن المرحلة المقبلة تتطلب ايجاد استراتيجيات مضادة، من أجل المحافظة على المكتسبات المالية والفنية للأندية... ومن خلفية السلبيات السابقة، حان الوقت لوضع الخيارات التي تتلاءم مع أهمية الاحتراف الحقيقي، التي تتمثل في"الطريقة الصحيحة لرصد المحترف الجدير بالاستقدام"... و"الرصد"الذي يعنيه الخبراء هو ذلك الذي يعتمد على منهج"الاستقراء"في المقام الأول، والابتعاد عن المبالغة في التوقيع على التعاقدات السريعة من دون اجراء أي تجربة فعالة للاعب المراد بالاحتراف. أندية محلية كبيرة وأخرى متوسطة كشفت موازناتها العجز الواضح، بسبب المبالغ المهدرة في الصفقات الفاشلة... ما يحتم على المهتمين بالاحتراف ولجانه الاعتماد على وسائل، من شأنها أن تسهم في احتواء الوضع، بما يفسح المجال للأندية للاستفادة من نظام الاحتراف على شكله السليم لا الوهمي. الحلول والمقترحات ونستعرض في ما يلي آراء بعض المهتمين بالأمر بحثاً عن أفضل الحلول... في البداية قال عضو شرف نادي الأهلي الأمير منصور بن مشعل:"القضية تعد قضية رياضة وطنية، ولأنها كذلك ففي اعتقادي أن النظرة للاحتراف كماضٍ ومستقبل، هي أولوية تلح علينا في الأندية التمييز بينهما حتى نستفيد من الاحتراف كنظام لا أن نخسره... والحل في منظوري يقوم على عاتق الأندية والمسؤولين عنها، بحيث يجب عليهم التوازن بين أهمية اللاعب الأجنبي والمحلي، بعد أن أصبحت الأندية للأسف ضحية للاندفاع صوب العنصر الأجنبي، الذي لا يفوق مستواه كثيراً مستوى اللاعب المحلي... كما أن على لجنة الاحتراف إعادة النظر في منهجها من منطلق دراسات رياضية علمية بحتة تساعد على إثراء الأندية بالمقترحات الصحيحة والمثالية". وقال عضو شرف الاتحاد حسن باصفار:"لا أختلف كثيراً عن ما ذكره الأمير منصور بن مشعل بن عبد العزيز.. لكنني أود أن أضيف شيئاً مهماً وهو أنه يتوجب علينا أن نضع هذا الجانب عاملاً ثابتاً في منظومة التطوير الرياضي... ذلك أنه من حيث الأرقام الاقتصادية نلاحظ أن الأندية ضخت قرابة"ملياري ريال"طوال الأعوام الخمسة عشر الماضية لجلب المحترفين... وهذا الرقم لو وُزع وفق دراسة معينة لدعم مدارس الناشئين والشباب، لكان مؤثراً وفاعلاً في دعم هذه القطاعات، ولتحصلنا على كوادر كروية محترفة". وأضاف"إننا بحاجة إلى محاضرات داخل الأندية لتطوير فكر المحترف المحلي، وكذلك إلى برامج تتحدث عن أهمية الثقافة الغذائية والانضباط، لأن ذلك ما يحتاجه اللاعب السعودي وما زال يعاني كثيراً من غيابه". واختتم الكاتب الرياضي أحمد صادق دياب هذا الاستطلاع قائلاً:"الاحتراف لم يعد مجرد مسمى ولائحة، لكنه بات في واقعنا المعاصر ذا أهمية يجب أن تتجاوز النظرية لتصبح تطبيقاً ومتى ما نجحنا في ذلك، من الممكن أن نصل باحترافنا إلى مكانة مميزة ننطلق من خلالها إلى العالمية الحقيقية".