30 ألف ممارس صحي و2800 متطوع شاركوا في رعاية الحجاج    المملكة.. استدامة الريادة    المملكة تحقق المرتبة الأولى عالمياً في الأمن السيبراني    المملكة تؤكد موقفها الثابت والداعم للسودان ولشعبه في أزمته الحاليّة    شابة أفغانية تروي في الأمم المتحدة جحيم النساء في بلادها    يورو 2024 .. تركيا تهزم جورجيا بثلاثية    ولي العهد يبحث القضايا الإقليمية والدولية مع رئيس الوزراء الكندي    توءمان في معسكرات الكشافة يثيران استغراب الحجاج    الشاب عبدالمجيد عوض صليم في ذمة الله    طلائع الحجاج المتعجلين ل«الرياض»: جهود المملكة لا ينكرها إلا جاحد    المدينة المنورة تتأهب لاستقبال ضيوف الرحمن    الحج.. وفشل المتصيدين !    على رأس الهلال ريشة    موجة حر مبكرة بدأت تضرب الولايات المتحدة    مبدأ الذكاء الرقمي وتمكين الوجود الإنساني    نجاح الحج.. والنوايا الطيبة !    Air Taxi 1    مدير تعليم القنفذة يهنئ القيادة الرشيدة بنجاح موسم الحج.    خادم الحرمين يتلقى برقية تهنئة من سلطان عُمان بنجاح موسم حج هذا العام 1445ه    الاتحاد الفرنسي يعلن تطورات إصابة مبابي    رونالدو يسعى لضم راموس للنصر    الهلال يعلن خضوع مالكوم لجراحة    القيادة القطرية تهنئ خادم الحرمين الشريفين بنجاح موسم حج هذا العام    مدير عام تعليم الطائف يهنئ القيادة بنجاح موسم حج 1445ه    المملكة تحقق المركز 16 عالميًا في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2024    نائب أمير مكة يعلن نجاح حج هذا العام    نائب أمير منطقة مكة يطّلع على أعمال "الجوازات" خلال موسم حج 1445ه    حجاج بيت الله الحرام يرمون الجمرات ثاني أيام التشريق    حرس الحدود بجازان يحبط تهريب (450) كيلوجراماً من نبات القات المخدر    الأماكن التراثية في الشرقية تجذب زوّار العيد    المملكة «ضيف شرف» في معرض سيؤول الدولي للكتاب    أمنٌ واطمئنانٌ لِضيوفِ الرحمن    حاجة مغربية سبعينية تستعيد القدرة على المشي    مخزونات المنتجات النفطية في الفجيرة تنخفض إلى 20.7 مليون برميل للمرة الأولى    محمد بن عبدالرحمن: تسخير جميع الطاقات لخدمة الحرمين وضيوف الرحمن    «هيئة الطرق»: الخط المدني يُزيّن طرق المدينة المنورة    المفتي: ما رآه العالم من واقع فريد في الحج خير شاهد على ما تقوم به الدولة وقيادتها في خدمة ضيوف الرحمن    فتح القبول لحملة الثانوية للالتحاق بالكلية الأمنية    وزير الاتصالات يعلن نجاح الخطط التشغيلية في موسم الحج    جمعية "كبار السن" تزور وتعايد كبار السن المنومين    دعوا إلى انتخابات جديدة ..متظاهرون يطالبون بإسقاط حكومة نتنياهو    رئيس الوزراء بجمهورية النيجر يُغادر جدة بعد أدائه مناسك الحج    17 شهيداً في غزة.. الأمم المتحدة: الوضع في غزة «جحيم»    أمطار بمعظم المناطق.. وأجواء حارة بالمشاعر    جامعة جازان إلى العالمية بالتنمية المستدامة    الطبقة الموسيقية الدولية: أداة توحيد للعزف والغناء    طيار مصري يفارق الحياة في الجو… ومساعده يبلغ الركاب ويغير مسار الرحلة خلال رحلة من القاهرة إلى الطائف    الإمارات تخصص 70% من تعهدها البالغ 100 مليون دولار للأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية في السودان    6 نصائح للمتكممين خلال العيد    تعرف على درجات الحرارة في مكة والمشاعر المقدسة    هذا سبب ارتفاع أقساط السيارات في الوقت الحالي    نجاح مدهش اسمه «إعلام الحج»    جدة: منع تهريب 466 ذبيحة فاسدة    «ترجمان» فوري ل140 لغة عالمية في النيابة العامة    رسالة لم تقرأ..!    بديل لحقن مرضى السكري.. قطرات فموية فعّالة    5 مثبطات طبيعية للشهية وآمنة    فخ الوحدة ينافس الأمراض الخطيرة .. هل يقود إلى الموت؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نهاية صادمة في سورية لاستضافة اللاجئين الفلسطينيين
نشر في الحياة يوم 27 - 02 - 2013

من دون أية مقدمات أو انذارات مبكرة، بوغتت جماعة اللاجئين الفلسطينيين في سورية بواقع متغير شديد المرارة"بما أوقعها في لجة من الحيرة وأوقفها أمام خيارات صعبة وتحديات عاصفة لم تألفها لأكثر من ستين عاماً.
في سيرة اللجوء الفلسطيني الممتد في أرض العرب بعامة، ومستجدات ما بعد اندلاع النزاع الأهلي في سورية بخاصة، ما يؤكد صحة القاعدة الفقهية القائلة إن الحل الأمثل لقضية اللاجئين، أي لاجئين في كل مكان وزمان، هو عودتهم الى أوطانهم الأم، وأن أي حل بديل آخر يظل مشوباً بالنقص الذي قد يتجلى في وقت لاحق طال الزمن أو قصر.
على صعيد الاحتياجات الأساسية للإنسان، كحقوق السكن والتعليم والعمل والتنقل والملكية، وبقية شروط الحياة السوية، لم يتم التعاطي عربياً مع اللاجئين الفلسطينيين ككتلة مصمتة واحدة. فقد تراوحت أوضاعهم الحقوقية بين الجودة والسوء وفق أماكن اللجوء وطبيعة النظم السياسية فى الدول التى استقبلتهم. ثم إن هذه الأوضاع طرأت عليها أحياناً تحولات جوهرية داخل الدولة المضيفة الواحدة، وفقاً لتطورات داخلية أو إقليمية لم يكن للاجئين دخل في تحديدها.
وهكذا، فإنه إذا كانت النظرة البانورامية الشاملة، تساوي للوهلة الأولى بين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، باعتبارهم عرباً بين مضيفين عرب، فإن التأمل في التفصيلات من قريب يبين أننا في صدد قطاعات مختلفة نسبياً من اللاجئين يخضعون لأكثر من مقاربة قانونية في البلاد المضيفة.
على سبيل التوضيح، لنا أن نلاحظ عدم التساوي بالمطلق بين الأوضاع الحقوقية والشروط الحياتية لكتلتي اللاجئين في كل من سورية ولبنان، وذلك على رغم قصر المسافة الجغرافية الفاصلة بينهما، التي لا تزيد كثيراً عن رمية حجر. فبينما ظل اللاجئون في سورية يحظون بحقوق ترقى تقريباً إلى مساواتهم بالمواطنين السوريين الأقحاح، وقع لاجئو لبنان في قعر المجتمع المضيف وعلى هوامشه بكل ما تنطوي عليه هذه المكانة من معانٍ سلبية.
للإنصاف، فإنه طوال أعوام اللجوء الفلسطيني الموشاة بالمرارات منذ نكبة 1948 وصولاً الى اللحظة الراهنة الدامية، ظل التعامل السوري مع اللاجئين بمثابة المثال الذي تهفو إليه أفئدة العاطفين على تحسين أحوال اللاجئين الفلسطينيين عموماً فى الرحاب العربية قاطبة. وفي مقابل الاستقرار الحقوقي في المثل السوري، سيق اللاجئون في نماذج الدول المضيفة الأخرى الى الخوض عنوة في قضايا خلافية وجدالية داخلية وإقليمية، ارتدت على شؤونهم بخسائر فادحة.
ففي لبنان منتصف سبعينات القرن الماضى، أجبر اللاجئون على أن يكونوا طرفاً بين فرقاء حرب أهلية شبه طائفية. وكان من تبعات غزو عراق صدام حسين للكويت عام 1990 أن دفع بعض فلسطينيي الملاجئ الخليجية، وفي طليعتها الكويت، ثمناً باهظاً من أنفسهم وأموالهم واستقرارهم، وتحولوا الى لاجئين للمرة الثانية والثالثة، ومنهم من صار عالقاً على الحدود المشتركة في صحارى وقفار الشام وشمال شبه الجزيرة العربية. وحدث الشيء ذاته للفلسطينيين في العراق جراء احتلاله العام 2003"الذين انتهت السياحة المؤلمة ببعضهم في أرض الله الى اقامة مزرية في البرازيل. ولم يجد نظام العقيد القذافي البائد وسيلة لإثبات أن اتفاق أوسلو عام 1993 لم يقم دولة فلسطينية، غير إلقاء مئات من اللاجئين على قفار الحدود الشرقية لبلده، كي تتولى قيادتهم تطبيق حقهم في العودة إن استطاعت!
بين يدى هذه الأمثلة ونحوها، لم تعبأ العواصم المضيفة بعذابات اللاجئين وإنسانيتهم، ولا انشغلت أو ارتدعت بأنهم جزء من لحم الأمة ودمها"قدر له مواجهة غزوة وضعت قدمها في فلسطين أولاً، وأن بلاد العرب كلها ربما كانت مرشحة لخطواتها التالية في شكل أو آخر. بل ولم يسأل صناع السياسة والقرار في هذه العواصم أنفسهم، عما إذا كانت قيودهم على حيوات هؤلاء اللاجئين تتناسب والعهود والمواثيق الإقليمية والدولية الخاصة بمعاملة اللاجئين عموماً، حتى وإن لم يكونوا عرباً أمثالهم؟
ما يعنينا من استحضار هذه الوقائع التذكير بأن لاجئي الاستضافة السورية ظلوا مطولاً بعيدين نسبياً عن تبعات الاحتقانات والمشادات والاشتباكات الداخلية والبينية العربية"التي أوقعت نظراءهم في دول مضيفة مجاورة في أحابيلها. والظاهر أن هذه"النعمة"أوشكت على الأفول وبطريقة انعطافية حادة وبالغة القسوة، نتيجة الصراع الدامي بين النظام السوري ومعارضيه. والعبرة هنا أنه في غضون هذا الصراع، أطلت القاعدة التي سرت على بقية قطاعات اللاجئين الفلسطينيين، بحيث أضحى لاجئو سورية بدورهم في مرمى نيران لم يألفوها من قبل ولا يدرون كيف يتقون لظاها. وهم الآن بين عدو يتجهمهم وشقيق ملك أمرهم ومدارات حياة لم يجربوها. ومن المؤكد أن هؤلاء يعانون راهناً أزمنة طاحنة، لا سيما في اللحظات التي يعن لهم فيها القياس والمقارنة بين ما كانوا فيه بالأمس القريب وما أصبحوا عليه اليوم.
وبغض النظر عن التلاؤم المحتدم حول الجهة المسؤولة عن استدراج اللاجئين الى هذه المعمعة، تبقى النتيجة واحدة وهي أن حالة اللجوء الفلسطيني تضع أصحابها على حافة أخطار، بعضها معلوم يمكن اتقاء شروره ولو بشق الأنفس، وبعضها مجهول لا يدري أحد متى وكيف ومن أين يقع؟ وفي ذلك حجة داحضة للزعم بأن معالجة هذه الحالة قد تمر بسلام من دون تطبيق حق العودة الى الوطن الأم.
* كاتب فلسطيني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.