رياح مثيرة للأتربة والغبار في 5 مناطق وفرصة لهطول الأمطار على الجنوب ومكة    أمير تبوك يعتمد الفائزين بجائزة المزرعة النموذجية    السعودية و8 دول: تمديد تخفيضات إنتاج النفط حتى نهاية 2025    الطائرة ال51 السعودية تصل العريش لإغاثة الشعب الفلسطيني    عثروا على جثة امرأة في فم تمساح    اكتمال عناصر الأخضر قبل مواجهة باكستان    الخريجي يشارك في مراسم تنصيب رئيس السلفادور    المؤسسات تغطي كافة أسهم أرامكو المطروحة للاكتتاب    «التعليم» تتجه للتوسع في مشاركة القطاع غير الربحي    «نزاهة»: إيقاف 112 متهماً بالفساد من 7 جهات في شهر    20 شخصاً شكّلوا أول فرقة كورال سعودية خاصة    إعادة كتاب بعد 84 عاماً على استعارته!    عبور سهل وميسور للحجاج من منفذي حالة عمار وجديدة عرعر    نوبة «سعال» كسرت فخذه.. والسبب «الغازيات»    زلزال بقوة 5,9 درجات يضرب وسط اليابان    في بطولة غرب آسيا لألعاب القوى بالبصرة .. 14 ميدالية للمنتخب السعودي    معرض الكيف بجازان يسدل الستار على فعالياته بعد حضور فاق التوقعات واهتمام محلي ودولي    مزايا جديدة لواجهة «ثريدز»    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 51 إلى مطار العريش لدعم غزة    نقل تحيات القيادة وأشاد بالجهود الأمنية.. الأمير عبدالعزيز بن سعود يدشن مشروعات «الداخلية» في عسير    تبريد الأسطح الإسفلتية في عدد من المواقع.. المشاعر المقدسة تستعد لاستقبال ضيوف الرحمن    انضمام المملكة إلى المبادرة العالمية.. تحفيز ابتكارات النظم الغذائية الذكية مناخيا    الأزرق يليق بك يا بونو    المملكة تستضيف بطولة العالم للراليات تحت مسمى "رالي السعودية 2025"    الكعبي.. الهداف وأفضل لاعب في" كونفرنس ليغ"    رونالدو يغري ناتشو وكاسيميرو بالانضمام للنصر    القيادة تهنئ الشيخ صباح الخالد بتعيينه ولياً للعهد في الكويت    الصدارة والتميز    أوبك+ تقرر تمديد تخفيضات الإنتاج الحالية حتى نهاية 2025    حجاج الأردن وفلسطين : سعدنا بالخدمات المميزة    وزير العدل: دعم ولي العهد اللامحدود يضع على أفراد العدالة مسؤولية كبيرة    حجب النتائج بين ضرر المدارس وحماس الأهالي    بدء تطبيق عقوبة مخالفي أنظمة وتعليمات الحج    سائقو الدبَّابات المخصّصة لنقل الأطعمة    الحجاج يشيدون بخدمات « حالة عمار»    ..و يرعى حفل تخريج متدربي ومتدربات الكليات التقنية    هذا ما نحن عليه    هنأ رئيس مؤسسة الري.. أمير الشرقية يدشن كلية البترجي الطبية    إطلاق اسم الأمير بدر بن عبدالمحسن على أحد طرق مدينة الرياض    جامعة نورة تنظم 20 حفل تخريج لطالبات كلياتها ومعاهدها    ماذا نعرف عن الصين؟!    توبة حَجاج العجمي !    "فعيل" يفتي الحجاج ب30 لغة في ميقات المدينة    "الأمر بالمعروف" تدشن المركز الميداني التوعوي بمكتبة مكة    الاحتلال يدمر 50 ألف وحدة سكنية شمال غزة    تقرير يكشف.. ملابس وإكسسوارات «شي إن» سامة ومسرطنة    أمير نجران يشيد بالتطور الصحي    نمشي معاك    أمير الشرقية يستقبل رئيس مؤسسة الري    11 مليون مشاهدة و40 جهة شريكة لمبادرة أوزن حياتك    الهلال الاحمر بمنطقة الباحة يشارك في التجمع الصحي لمكافحة التدخين    مسبار صيني يهبط على القمر    «طريق مكة».. تقنيات إجرائية لراحة الحجيج    «إخفاء صدام حسين» يظهر في بجدة    فيصل بن مشعل يرعى حفل تكريم معالي رئيس جامعة القصيم السابق    توافد حجاج الأردن وفلسطين والعراق    إرهاب «الترند» من الدين إلى الثقافة    مدينة الحجاج بحالة عمار تقدم خدمات جليلة ومتنوعة لضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تسعى الى "التعلم" من المجتمعات الآسيوية كيف يحترم الصغار كبارهم . بريطانيا تشعر ب "العيب" : ملايين المسنين تقتلهم الوحدة
نشر في الحياة يوم 31 - 10 - 2013

تسحر بريطانيا زوارها، أو غالبيتهم العظمى على أقل تقدير، ففيها بالطبع كل ما يمكن أن يتمناه السائح: قصور، قلاع، متاحف، مسارح، ملاه، مطاعم على أنواعها، مساحات خضر على مدّ النظر، وغيرها الكثير الكثير. لكن على رغم ذلك، فإن هناك من سيشكو -وربما لا يُلام على ذلك- من طقسها الرديء، فسماؤها ممطرة معظم أيام السنة، وشمسها"خجولة"تتوارى خلف حجاب من الغيوم لفترات مماثلة.
لكن السائح لو أتيح له أن يبقى لفترات أطول لربما كان اكتشف أيضاً أشياء أخرى سيئة في بريطانيا"الجميلة". لا شك في أن لكل مجتمع حسناته وسيئاته، والمجتمع البريطاني ليس مثالياً بالطبع، ففيه من الاثنين، لكن واحدة من السيئات الصادمة التي يشاهدها المقيم بأم عينيه يومياً لكنها ربما تغيب عن انتباه الزائر"السائح"، تلك التي تطاول المسنين في هذا البلد. ترى كثيرين منهم، ممن لا تزال لديهم القدرة على المشي، يسيرون لوحدهم لشراء حاجاتهم من السوق، لكنهم يعانون أشدّ المعاناة وهم يجرون أنفسهم حاملين"مونتهم"في طريق العودة إلى البيت. بعض هؤلاء لا يمكن سوى أن يلفت النظر: رائحة توحي بقلة الاستحمام، أو ثياب رثة أكل الدهر عليها وشرب. وإذا كان هؤلاء هم من تراهم العين، فإن ملايين غيرهم يعيشون وحدهم حياة كئيبة موحشة لفترات طويلة من السنة، محوطين بجدران أربعة كأنها السجن، لا يتلقون زيارات من أقاربهم سوى في القليل النادر.
صحيح أن أجهزة الرعاية الاجتماعية تتكفّل عادة بالعناية بهؤلاء، أو على الأقل هذا ما يُفترض بها. لكن المشكلة هنا ليست في ما تقدمه -أو لا تقدمه- أجهزة الدولة لهؤلاء، بل في ما يجب أن تقدمه -أو يُفترض أن تقدمه- عائلات المسنين أنفسهم لهم. وبما أن مئات الآلاف -بل ملايين- من المسنين يُتركون لوحدهم لفترات طويلة من السنة بلا زيارات من أفراد عائلاتهم لهم، فإن ذلك كشف ليس فقط تقصيراً حكومياً بل أيضاً واقع التفكك الأسري في المجتمع البريطاني وهو أمر لا يزال إلى حدّ كبير بعيداً من مجتمعات أخرى تُعرف بتماسكها الأسري، كالمجتمعات الآسيوية والعربية.
وكانت مأساة المسنين البريطانيين حكراً حتى الآن على تقارير الجمعيات الخيرية التي غالباً ما تثير قضيتهم في إطار تسليط الضوء على معاناتهم أو بهدف جمع تبرعات لمساعدة الأكثر عوزاً بينهم. لكن اللافت في الأمر أن الحكومة نفسها دخلت على هذا الخط، للمرة الأولى، من خلال تحميلها المجتمع"العيب"الناتج من"إهمال العائلات"لكبار السن من أفرادها.
وأخذ وزير الصحة البريطاني جيريمي هانت على عاتقه مهمة تسليط الضوء على هذه القضية، قائلاً إن حوالى مليون مسن مرغمون على قضاء بقية عمرهم وهم يعيشون حياة من الوحدة واعتلال الصحة بسبب"الفشل المعيب"للمجتمع في تحمّل مسؤولية الاعتناء بالأقارب المسنين. وجادل الوزير، وفق كلمة له أمام مؤتمر اجتماعي وزّعت مقتطفات منها، بأن أعداداً كبيرة جداً من المسنين يوضعون ?من دون أن تكون هناك ضرورة ماسة لذلك- في بيوت للرعاية أو يُتركون معزولين في بيوتهم، في حين أنه يمكن أن يوضعوا في منازل تابعة لأفراد من عائلاتهم حيث يمكن الاعتناء بهم في شكل أفضل. ودعا هانت -المتزوج من صينية- بريطانيا إلى التعلم مع غيرها من المجتمعات حيث"العقد الاجتماعي"أقوى بكثير بين جيل الشباب والمسنين، مشيراً خصوصاً إلى المجتمعات الآسيوية التي يحظى فيها كبار السن باحترام الصغار، وملمحاً إلى أن بريطانيا يمكنها أن تتعلم الكثير من الطريقة التي تعامل بها مجتمعات أخرى المسنين.
وفي حين تفيد منظمات خيرية أن خمسة ملايين مسن في بريطانيا يعتبرون جهاز التلفزيون رفيقهم الوحيد تقريباً، لفت هانت في كلمته إلى أن في إنكلترا وحدها حالياً 800 ألف مسنّ يعانون"وحدة مزمنة". وقال إن"كل واحد من هؤلاء الأشخاص الذين يعانون الوحدة لديه أحد ما يمكنه أن يزوره ويعرض عليه أن يكون رفيقاً". وزاد:"لقد فشلنا فشلاً ذريعاً كمجتمع يعيش حياة مزدحمة في التصدّي لمشكلة الوحدة بين المسنين"، مضيفاً أنه"فضلاً عن الثمن المرتفع من التعاسة الإنسانية، فالوحدة هي سيئة لصحة الإنسان بقدر سوء تدخين 15 سيجارة في اليوم. بل إنها أسوأ لصحتك من البدانة لأنها تزيد خطورة أمراض القلب وتصلّب الشرايين والخرف".
وربما يقول منتقدو الحكومة إن كلام هانت يندرج في إطار التهرّب من تحمّل مسؤولية المسنين نتيجة سياسة عصر الإنفاق الذي طاول قطاع الصحة كما طاول غيره من القطاعات التي مسها تقليص الإنفاق الحكومي. ولكن بغض النظر عما إذا كان الوزير قد قال كلامه حقاً من أجل نقل مسؤولية الإنفاق على المسنين عن كاهل وزارته إلى كاهل أهاليهم، إلا أن كلامه يصيب، بلا شك، وتراً حساساً وهو أن المجتمع البريطاني حقاً لا يعتني بما يكفي بمسنيه. وقد قال الوزير في هذا الإطار إن المسنين الذين يعانون من الوحدة"يعيشون في وسطنا لكن يتم تجاهلهم. هذا أمر معيب علينا".
وتشير كارولاين أبراهامز، وهي مدير الجمعية الخيرية"إيج يو كي"للعناية بكبار السن، إلى أن المسنين في حاجة لأن يُقدم لهم مزيد من الدعم، سواء من عائلاتهم أو من الحكومة. وتضيف أن هناك ضرورة لحصول"تغيير جذري في النظرة نحو الأشخاص الأكبر سناً أو الذين يهرمون في هذا البلد". وتوضح:"بينما نحن نكبر فإننا نكون عرضة في شكل أكبر لأن نعاني من الوحدة ومن الإعاقة التي يمكن أن تمنعنا من حرية الحركة، كما أن شبكات العلاقات الاجتماعية للناس تتقلص في الغالب نتيجة التغييرات التي تحصل في الحياة، كالتقاعد أو الموت، ما يزيد من خطورة أن يصبح الشخص وحيداً". وتلفت إلى"إننا في ايج يو كي قلقون جداً من أن تقليص موازنات السلطات الحكومية المحلية يزيد مشكلة الوحدة للمسنين لأنه يتسبب في وقف خدمات دعم عدة لكبار السن، مثل أندية الغداء التي يمكن أن تكون شريان حياة لأولئك الذين يعيشون لوحدهم"، إذ إنها تتيح لهم الالتقاء بغيرهم من الفئة العمرية ذاتها وتكوين صداقات على موائد الطعام المشتركة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.