جولة على تاريخ الفن وإشراقاته ورمزياته ودلالاته يقوم بها الفنان التشكيلي المصري جمال قطب بعد مسيرة طويلة في عالم الرسم. وها هو يقدم كتابه شبه الموسوعي"لوحات العباقرة في ألف عام... المدارس الفنية وروائع مبدعيها"وكأنه شهادة رسام وناقد ومؤرخ في وقت واحد، ويستعرض بدءاً بعصر ما قبل النهضة وسيادة الفن القوطي في فرنسا وانتشاره في ربوع أوروبا باعتباره فناً دينياً معمارياً، وهو ما كان من شأنه أن تستحوذ العمارة القوطية على الفنون الأخرى كافة كالنحت والتصوير والزخارف وتجعلها خاضعة لمقتضيات الإنشاء في الكنائس والأديرة والكاتدرائيات. وكان فن التصوير عموماً يلجأ إلى استخدام أساليب توارثتها الأجيال مثل الموزاييك والفريسك، وكان الفنان جيوتو هو الذي مهد لبدايات عصر النهضة وإنطلاق النزعة الإنسانية الرامية إلى التغلب على مبدأ الاستسلام للسلطة الدينية ثم جاء عصر النهضة الذي كان ظاهرة إيطالية تتجه نحو مؤشرات التحوّل إلى الواقع التجريبي ومحاولات الكشف عن حقيقة العالم والإنسان وانتهاج الطابع العلمي المنهجي بدراسة الطبيعة والبعد عن الرموز الكهنونية والميتافيزيقية. وبمعنى آخر كانت هذه الظاهرة بمثابة حرب التحرير الكبرى للعقل وانتصار الروح الفردية والاستقلال الذاتي للشخصية وتمهيد الطبيعة وإعلان فكرة الاستمتاع بالحياة، واستحوذ إقليم فلورنسا دون غيره من أقاليم إيطاليا بكونه بؤرة مهمة للمصورين العباقرة من أمثال: جيوتو، بيزانو، بوتيشيللى، دافنشي، مايكل أنجلو، رافائيل، فيرونيزي، وغيرهم ممن اعتمدوا فكرة عودة الفنان الأوروبي إلى التراث الإغريقي والروماني وهو ما يعني كلمة"الرينيسانس". وشكل عصر النهضة هذا امتداداً منطقياً نحو توجهات فنية أخرى أعقبت ذلك العصر, ومنها فن"الباروك"في القرن السابع عشر, وهو ما يعني في اللغة البرتغالية"اللؤلؤ الخام"وامتدت ظلال هذا الفن إلى دول كثيرة مثل بلجيكا وأسبانيا والبرتغال وفرنسا وهولندا. ثم تلا هذا التيار الفني عصر فن"الركوكو"والكلمة تعني في الأصل الفرنسي النقوش الحلزونية, وهو فن يعبر عن الجماليات الارستقراطية المتسمة بالأناقة والرقة والرونق والمشيعة لجو خاص من الرفاهية. ومن ثم كانت انطلاقة الكلاسيكية الجديدة التي تشدقت بالفن الكلاسيكي الروماني المحاكي للفن الأغريقي القديم وتزعمها جاك لويس ديفيد الذي أعاد الكلاسيكية الأغريقية في ثوب ثوري. ثم امتدت مسيرة التيارات الفنية نحو الواقعية التي سادت النصف الثاني من القرن التاسع عشر والتي عملت على تسجيل الواقع كما هو بلا إرهاق الخيال والفكر في التحوير والتعبير عن إحساسات ذاتية، منفلتة من قيود الكلاسيكية، بل ومن التعاليم الأكاديمية كافة. وفي مسار الخط التطوري والرؤية المتجددة سادت التأثيرية باعتبارها نهجاً تجلى فيه إطلاق سراح الألوان وتكريس مبدأ الفن للفن والتركيز على المساحات اللونية لتصوير الإحساسات البصرية، وقوبلت بغضب من جانب الأكاديميين لأنها تحتل في رؤيتهم خروجاً على التقاليد الفنية المتوارثة والثوابت المتبعة. أما عن لوحات العباقرة التي تمثل الرصيد الفني والإبداعي للبشرية فقدم منها جمال قطب لوحة"مدام دي بمبادور"لفرانسوا بوشيه،"الموناليزا"لليوناردو دافنشي،"لقاء كليوباترا وأنطونيو"وأيضاً"موكب امرأة العزيز"لالما تاديما،"جبال سيناء"لدافيد روبيرتس،"الخيول العربية"لهارينغتون بيرد،"الفلاحة المصرية"لوليم هولمان،"تتويج نابليون"لجاك لويس دافيد،"أنغام الرومانطيقية"لأنطونيو واتوا.