قريباً بعيداً في الثانية والثمانين تصدر نادين غورديمر كتابها التاسع والعشرين."عش حياتك"الصادرة عن دار بلومزبري، بريطانيا، تروي قصة شاب في منتصف عقده الثالث عمل طوال حياته على حماية البيئة من الخطر واذا به يتحول فجأة خطراً على الآخرين. يعالج من السرطان لكنه يصاب بمرض نادر. يصبح مشعاً وينقل الى بيت ذويه لكي لا يعرّض زوجته وابنه للخطر فيستعيد حياته ويتفحص المساومات التي كان عليه القبول بها لكي لا يخسر من أحبهم. زوجته العاملة في الاعلان تساعد مستغلي البيئة وتسهّل عملهم في وقت يحارب هو المشاريع التي تضر بها بما فيها مشروع اقامة مفاعل نووي في منطقة حساسة بيئياً. وفي حين يتجنب لقاء ذويه والخادمة في غرفة واحدة ويواجه"ابارتايو"من نوع آخر، تتابع زوجته عملها ولا تتوقف عن حضور الحفلات لكي لا تغضب زبائن شركتها. زميلاه الأسودان يصران على لقائه في الغرفة نفسها بينما تقف الزوجة خلف باب الحديقة مع ابنها الباكي الذي لا يفهم لماذا أصبح أبوه المحب غريباً وبعيداً فجأة. يعرف الشاب انه تزوج نقيضه لكنه يستعيد حياته السابقة عندما يشفى من حال الاشعاع من دون ميلودراما. يتبنى المساومة عن ادراك بعد ان كان غافلاً عنها، ويعيش وحيداً وسط زواج"ناجح"من امرأة جميلة"ناجحة". مرض الابن يقدم لوالدته أيضاً الفرصة لاستكشاف حياتها. المرأة الستينية ارتبطت في عقدها الرابع بعلاقة، وكان عليها ان تواجه ذنبها السري طيلة حياته. تراقب ابنها في حديقة المنزل يستعيد جنة طفولته وتكفّر بالعناية به وتبني طفل أسود مصاب بالايدز. الأم المحامية ثم القاضية تستعد لنهاية حياتها المهنية المرموقة بتبني قضية جنوب أفريقيا الجديدة بعد انهيار النظام العنصري. تقوم بعملها بكفاءة وقدرة تخفيان وجعها من رؤية ولدها العائد اليها مريضاً يواجه الموت."عش حياتك"عن الحياة الداخلية المنفصلة وسط الحياة المشتركة لأشخاص قريبين بعيدين معاً، يتعايشون ويتعلمون مصالحة النقائض والماضي والحاضر. تكتب نادين غورديمر باقتضاب يبلغ حد شد اللغة. الحائزة على نوبل الأدب، نائبة رئيس جمعية"قلم"العالمية وسفيرة الأممالمتحدة للنيات الحسنة تقول مرة أخرى ما لا يجرؤ كثيرون على قوله أو يتحملوا سماعه. سود جنوب أفريقيا لن يلحقوا أبداً بالبيض فيها على رغم تظاهر الطرفين بالعكس. بلا تردد فوجئ بالضجة التي أثارتها روايته الأولى"تردد"ورآها غريبة. روى فيها قصة الشباب الحائر الضائع ورفض المقارنة مع ج.د. سالنجر وديف ايغرز. بنجامين كونكل لم يقرأ"الحارس في الجاودار"لسالنجر منذ كان مراهقاً، وهو أكثر غضباً، يقول، من ايغرز الذي يلتقي معه في رئاسة تحرير مجلة أدبية صغيرة ولكن نافذة. روايته التي صدرت في أميركا في أيلول سبتمبر الماضي كوفئت بمديح النقاد غير المتحفظ."اذكى الروايات عن البلوغ وأكثرها اضحاكاً منذ سنوات"بحسب"نيويورك تايمز"."بارعة من دون سابق تصور وتصميم... كونكل يعالج المشاكل العصرية الجدية بلغة ماهرة وتوقيت كوميدي أكيد"وفق"واشنطن بوست". الشهرة المفاجئة دفعته الى اتخاذ قراره بلا تردد. سيترك نيويورك ويعود الى كولورادو ليكتب رواية ومسرحية. يحب ملازمة البيت لكن الوسط الأدبي يدمن على الحفلات وهي آخر همومه."يبدو كأن آخر ما يريدون منك فعله اذا نشرت رواية نالت بعض النجاح هو نشرك رواية أخرى". "تردد"لم تحظ بالحماسة نفسها منذ صدورها أخيراً في بريطانيا عن دار بيكادور. ربما كان الكتاب الشباب الأميركيون يبذلون جهداً أكبر من اللازم في محاولتهم منافسة ابهار التلفزيون وابقاء القارئ مهتماً ما يكفي لمتابعة القراءة. المتمرد بينهم اليوم تقليدي في الواقع ويعالج العواطف والمشاكل الانسانية القديمة في الحياة الأميركية باحترام واقتناع لم يعودا رائجين. يروي كونكل عجز بطله عن اتخاذ أهم القرارات وأبسطها. أي كعكة يتناول في الفطور، والى أين يأخذ صديقته ليلة السبت؟ يرتاح وسط حيرته الدائمة الى قدرته على البقاء موظفاً في شركة"فايزر"للأدوية لكنه لا يلبث أن يخسر وظيفته. لحالته اسم طبعاً كما هناك اسم لكل الحالات، ولحسن حظه يصنع دواء لعلاج هذا المرض العصري الشائع. بعد بضع أقراص"ابولينيكس"يشفى من حالة الپ"أبوليا"ويقرر السفر الى الاكوادور للقاء حبيبة قديمة. لكنه يلتقي هناك صديقة لها ويستكشف الغابة التي دمرتها أميركا ويجد خلاصه. يشاهد بطل"تردد"الهجوم على برجي مركز التجارة العالمي في 11 أيلول سبتمبر من بعد بضعة أبنية من دون أن يتأثر كثيراً بالشك والخوف والتعصب التي أفقدت أميركا الكثير من براءتها."يصعب ألا يكون المرء مسيساً اليوم في أميركا"يقول كونكل الذي يفتح عيني بطله على خطايا النظام الأميركي في العالم النامي. عندما ذهب الى هارفرد أراد هو ونصف الشباب الذين عرفهم أن يكونوا دون ديليلو. أرسل اليه نسخة من"تردد"طمعاً بكلمة يضيفها الى الاعلان عن الكتاب، لكن ديليلو بخل عليه. أرسل بطاقة بريدية موجزة:"كونكل؟ ألم يسكن هناك لاعب في فريق اليانكيز اسمه كونكل؟"مع ذلك فرح الكاتب الشاب كمراهق وعرض البطاقة الثمينة بفخر في شقته. حلوة جداً قبل الذكرى المئتين والخمسين لولادة فولفغانغ موزارت في السابع والعشرين من كانون الثاني يناير 2006 صدر"نساء موزارت: اسرته، صديقاته، موسيقاه"عن دار ماكميلان لجين غلوفر، الباحثة وقائدة الأوركسترا. اذا قورنت موسيقى موزارت، تقول غلوفر، بموسيقى بيتهوفن مثلاً تبدو أنثوية، وقبل أيام رفض"راديو 3"التابع لهيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي اذاعة أعمال موزار كلها في عشرة أيام كما فعل مع باخ وبيتهوفن لكي لا تبدو"حلوة المذاق"أكثر مما هي حقاً وتلحق الأذى بأعماله. تفصل غلوفر تأثر موزارت بوالدته التي طغت عليها صورة والده المسيطر، وأدت الى تجاهلها في كثير من السير عنه. تعرفت ماريا آنا بفضل ابنها الى الملكة ماريا تيريزا، زوجة لويس الرابع عشر، والملكين لويس السادس عشر وجورج الثالث، لكنها استمدت قيمتها من ميزاتها. دعمت ابنها ورافقته في جولاته الموسيقية وتركته مصدوماً عندما توفيت فجأة في باريس في 1778 وهما في جولة. شقيقة موزارت، نانرل، كانت صديقته الأولى وتمتعت بموهبة موسيقية غطت عليها الأولوية الذكرية. عاشت بعده ثمانية وثلاثين عاماً، وكان يمكن أن تموت امرأة حاقدة مرة لو لم تتصالح مع أسرتها وتشعر بحب عميق لابن شقيقها الأصغر. كونستانز ترملت باكراً وعاشت نصف قرن بعد وفاة زوجها عن خمسة وثلاثين عاماً. سيدة الأعمال الماهرة نشطت في نشر أعمال زوجها الراحل، وعندما تزوجت بعد ثمانية عشر عاماً ساعدت زوجها الثاني في كتابة سيرة موزارت. عني الموسيقي برسم شخصيات بطلاته، وناصر النساء في"عرس فيغارو"وحتى في"كل النساء هكذا"حتى استحق الاعتقاد في أن يكون الموسيقي النسوي الأول. قناع عند صدور"ماو: القصة المجهولة"في بريطانيا باع الكتاب ستين ألف نسخة وسط المراجعات النقدية الحماسية. قالت يونغ تشانغ مؤلفة"بجع بري"وزوجها المؤرخ البريطاني جون هوليداي ان صورة ماو تسي تونغ كقائد عسكري وبطل الفلاحين زائفة. لم يكن أكثر من صنيعة ستالين، وبطش بمنافسيه وجوّع الملايين وتسبب بالحروب وأساء الى زوجاته. تسبب بموت سبعين مليوناً ولم تكن ماركسيته أكثر من قناع لأنانية خارقة. خبراء في شؤون الصين من جامعات عدة بينها اكسفورد وكولومبيا ردوا في مجلة"لندن ريفيو اوف بوكس"ان ماو كان وحشاً بالفعل لكن الكتاب الذي امتد 814 صفحة لا يشرح أسباب صعوده وبقائه في السلطة ستة وعشرين عاماً وتأثيره الدولي. المناهج التي اعتمدها الكتاب أدت الى"تاريخ سيئ وسيرة أسوأ"وفق بعضهم. ركز هؤلاء على عشرين حدثاً بينها زعم المؤلفين ان تشانغ كاي - شيك ترك عمداً الجيش الأحمر يهرب خلال"المسيرة الطويلة"في 1934 وپ1935 عبر الصين الى الشمال. وينفي المؤلفان أيضاً حدوث معركة جسر لودينغ لانعدام وجود تقارير عن الضحايا واستناداً الى شهادة أمين متحف وامرأة في الثالثة والتسعين عاشت في المنطقة في تلك الفترة. صحافي استرالي حقق في ادعاءات"ماو: القصة المجهولة"التقى شاهداً مسناً أكد حدوث المعركة. واستند بريطانيان عاشا في الصين ويستعدان لنشر كتاب"المسيرة الطويلة"الى شهادة صينية مسنة عزت قلة عدد الضحايا المسجلين لدى الجيش الأحمر الى استخدامه الفلاحين دروعاً بشرية وعدم تدوين موتهم.