الخريف: نطور رأس المال البشري ونستفيد من التكنولوجيا في تمكين الشباب    مركز الفضاء.. والطموحات السعودية    حرب غزة تهيمن على حوارات منتدى الرياض    العميد والزعيم.. «انتفاضة أم سابعة؟»    تسجيل «المستجدين» في المدارس ينتهي الخميس القادم    أخفوا 200 مليون ريال.. «التستر» وغسل الأموال يُطيحان بمقيم و3 مواطنين    بطولة عايض تبرهن «الخوف غير موجود في قاموس السعودي»    برؤية 2030 .. الإنجازات متسارعة    دعوة عربية لفتح تحقيق دولي في جرائم إسرائيل في المستشفيات    «ماسنجر» تتيح إرسال الصور بجودة عالية    أمير منطقة المدينة المنورة يستقبل سفير جمهورية إندونيسيا    العربي يتغلب على أحد بثلاثية في دوري يلو    للمرة الثانية على التوالي.. سيدات النصر يتوجن بلقب الدوري السعودي    (ينتظرون سقوطك يازعيم)    في الجولة 30 من دوري" يلو".. القادسية يستقبل القيصومة.. والبكيرية يلتقي الجبلين    بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي.. إنشاء" مركز مستقبل الفضاء" في المملكة    أمير الشرقية يدشن فعاليات منتدى التكامل اللوجستي    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يحضر احتفالية اليوبيل الذهبي للبنك الإسلامي    «الكنّة».. الحد الفاصل بين الربيع والصيف    توعية للوقاية من المخدرات    لوحة فنية بصرية    وهَم التفرُّد    عصر الحداثة والتغيير    مسابقة لمربى البرتقال في بريطانيا    اختلاف فصيلة الدم بين الزوجين (2)    قمة مبكرة تجمع الهلال والأهلي .. في بطولة النخبة    تمت تجربته على 1,100 مريض.. لقاح نوعي ضد سرطان الجلد    بقايا بشرية ملفوفة بأوراق تغليف    إنقاص وزن شاب ينتهي بمأساة    الفراشات تكتشف تغيّر المناخ    اجتماع تنسيقي لدعم جهود تنفيذ حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين    العشق بين جميل الحجيلان والمايكروفون!    فزعة تقود عشرينيا للإمساك بملكة نحل    Google Maps أولوية الحركة لأصدقاء البيئة    الجبير وثياو يناقشان المستجدات الدولية حول حماية البيئة والحد من التصحر    وسائل التواصل تؤثر على التخلص من الاكتئاب    أعراض التسمم السجقي    زرقاء اليمامة.. مارد المسرح السعودي    «عقبال» المساجد !    دوري السيدات.. نجاحات واقتراحات    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة (37) من طلبة كلية الملك فهد البحرية    ولي العهد يستقبل وزير الخارجية البريطاني    دافوس الرياض وكسر معادلة القوة مقابل الحق    السابعة اتحادية..    الإطاحة بوافد وثلاثة مواطنين في جريمة تستر وغسيل أموال ب200 مليون ريال        اليوم.. آخر يوم لتسجيل المتطوعين لخدمات الحجيج الصحية    أمير المدينة يدشن مهرجان الثقافات والشعوب    فيصل بن بندر يستقبل مدير 911 بالرياض.. ويعتمد ترقية منتسبي الإمارة    إنقاذ معتمرة عراقية توقف قلبها عن النبض    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشاريع التي تنفذها أمانة المنطقة    رسمياً.. إطلاق أوَّلَ مركز ذكاء اصطناعي للمعالجة الآلية للغة العربية    سياسيان ل«عكاظ»: السعودية تطوع علاقاتها السياسية لخدمة القضية الفلسطينية    أمطار مصحوبة بعدد من الظواهر الجوية على جميع مناطق المملكة    دولة ملهمة    سعود بن بندر يستقبل أعضاء الجمعية التعاونية الاستهلاكية    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر رجل - محاكمة حاتم الطائي
نشر في الحياة يوم 24 - 01 - 2004

كفلت الشرائع السماوية والقوانين الوضعية، حقوق المتضرر، وان كان "بعض" هذه القوانين يصادر حرية الجهر بالضرر، بخاصة في دول العالم الثالث التي يأتي الوطن العربي في مقدمها، ما اخرس الكثير من المتضررين قروناً عدة، وليس بالضرورة ان تكون هذه "القوانين" مجموعة اللوائح التي تنظم علاقة الفرد بالمجتمع والدولة، فالعادات والتقاليد هي الاخرى قوانين سنها المجتمع، وبالتالي فان هذه العادات والتقاليد تساهم في شكل او آخر في مصادرة الحريات، ومنها حرية الجهر بالضرر او الاعلان عنه، وانا متأكد من ان في داخل كل منا رفضاً واستهجاناً لكثير من العادات، اما لماذا نحن غير قادرين على اعلان الرفض، فذلك لأن العادات والتقاليد قوانين فرعية لتنظيم المجتمع، ورفضها يعني الخروج على ارادة المجتمع، علماً ان هذه العادات والتقاليد لم تكن نتاج المجتمع الحالي، فهي تنظيم اجتماعي قديم، وقد تكون اوجدت وفقاً لمتطلبات ذلك العصر، وبالتالي فان وجودها الآن نوع من التخلف، واكاد اجزم ان غالبيتنا ترفضها في داخلها، لكننا نتظاهر بالتمسك بها، ولو ان احداً منا تبرع وبدأ السباحة ضد ارادة المجتمع، لانقشعت الظلالة، وحتى ان لم تنقشع فاستمرار وجود المتبرعين كفيل باجتثاثها ولو بعد حين.
قلت ان عادة استقبال الصديق العائد من السفر بمفطح عادة سيئة وتقليد اكثر سوءاً لأنها غالباً ما تأتي على حساب اشياء اهم من الصديق ذاته، والذي ربما يكون سافر لاغراض سياحية بالمعنى السيئ للسياحة، لكن رفض هذه العادة امر ربما يبقي "اختك" عانساً، لأنك لم تكرم الصديق الذي عاد للتو من ممارسة المجون في بلد يحلل كل شيء، وبقليل من العقل يستطيع كل منا ان يقول "لا" لمجتمع يكافئ الماجن على مجونه، لكنها لعنة حاتم.
نعم، انها لعنة حاتم الطائي، هذا الرجل الذي تدحرج من اعالي "آجا" و"سلمى" قبل اكثر من خمسة عشر قرناً، مثلما تتدحرج كرات الثلج، حتى وصل إلينا بحجم لا يمكن لنا معه التدقيق بحقيقة هذا الحاتم، الامر الذي اضطررنا معه للاحتفاظ به الحاتم في قلوبنا الباردة، ولم نسمح لأي مخلوق بتعريضه للشمس، ولو كنا فعلنا ذلك لكانت استراليا تعيش اليوم ازمة اقتصادية خانقة، ولم لا وهي الدولة "شبه الوحيدة" التي نستورد منها ملايين الاغنام سنوياً، بغية السير على هدّي حاتم الطائي، ولأن هذا الحاتم الذي تدحرج قبل الاسلام، ومازال يتدحرج في كل الاتجاهات، حتى اصبح اسطورة الكرم العربي، فتح بسلوكياته ان كانت صحيحة باباً جديداً للانفاق، بحسب المعايير والاصطلاحات الاقتصادية الحديثة، هذا الباب الذي كان بامكان الامة العربية اغلاقه، او ترشيده على اقل تقدير، والاستفادة منه في مشاريع تنموية تخدم المجتمع، لهذا اطالب بمحاكمة حاتم الطائي بتهمتي الاسراف والتبذير، واستند في هذه المطالبة بمحاكمته، لسندين اساسيين اولهما: العدد الهائل من المتضررين من سلوكياته، وثانيهما: عدم وجود ادلة كافية على صحة كرمه، راجياً ان لا تأخذ اهالي حائل العزة بالاثم، فيتبرؤون مني، بحكم ان الطائي رمز من رموز مدينة حائل، فأنا - ايضاً - ابن لهذه المدينة المتربعة على عرش القلب والعقل منذ فجر التاريخ، ومن حقي بالتالي ان اطالب بمحاكمة هذا الرجل ليس باسم اهالي مدينة حائل، بل باسمي انا، وذلك بحكم كفالة القوانين لهذا المطلب، وحتى لا يفهم احد هذا المطلب على انه تضرر شخصي لادعاء الكرم، احب ان اقول إنني معتدل الانفاق، ليس هذا وحسب، بل انني اميل للبخل، ولم اقدم يوماً على دعوة صديق عاد لتوه من بانكوك او حتى المغرب، لكني ارى مثلما يرى غيري الاضرار المترتبة على الناس، جراء الاقتداء بحاتم الطائي، وان كان غيري غير قادر على الخروج على ارادة المجتمع المحكوم بآلاف العادات والتقاليد التي "ما انزل الله بها من سلطان" فها أنا افتح صدري للنار، واطالب المؤرخين والباحثين والاكاديميين والكتاب والمفكرين، باعادة قراءة سيرة حاتم الطائي وتمحيصها وفق اصول البحث العلمي الدقيق، وذلك بغية استخلاص حقيقة هذا الرجل بعيداً مما نسجه خيالنا الخصب حوله لأكثر من خمسة عشر قرناً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.