ينتظر عشرون رجلاً بفارغ الصبر في طابور أمام شباك تذاكر سينما "السعدون" في بغداد، وهم متشوقون للقاء جديد مع الشاشة الكبيرة، على رغم تهديدات إمام شيعي بمعاقبة دور السينما التي تعرض أفلاماً "غير لائقة". يصرخ أبو مريم، مدير إحدى دور السينما وهو يدل على ختم وزارة الثقافة على ملصقات دعائية للأفلام قائلاً إن "كل الافلام التي نعرضها حصلت على اجازة من وزارة الثقافة العراقية السابقة". ولكن، هناك صور وضعت إلى جانب ملصق للممثل ارنولد شوارزنييغر تظهر نساء شبه عاريات، ولا تحمل ختم الوزارة. وأضاف أبو مريم ليبرر الحضور الذكوري الكبير في قاعته: "الناس ليس لديهم ماء ولا كهرباء، أين سيذهبون للترويح عن النفس"؟ وكان الإمام محمد الفرطوسي هدد في خطبة صلاة الجمعة في مدينة الصدر قاعات السينما في شارع السعدون، بعواقب وخيمة إذا لم تتوقف في غضون أسبوع عن عرض الافلام "الخلاعية". واعتبر ابو مريم ان "هذه التهديدات ليست إلا استفزازات ومجرد كلمات. يقولون لنا أصبحتم أحراراً، ماذا تعني الحرية؟ انها تعني ان بإمكاني الذهاب الى المسجد والسينما والمقهى كما أريد". وأضاف: "ما يلزمنا في العراق هو نظام عسكري علماني يعيد النظام". ويؤكد المشرفون على قاعات السينما في شارع السعدون أنهم لم يتلقوا تهديدات حتى الآن، لكن مدير سينما "الأطلس" يحتفظ ببندقية "كلاشنيكوف" في مكتبه، في حين يؤكد مدير قاعة "النجوم" انه نشر حراساً بين الجمهور، ليتدخلوا عند الضرورة. ويعزو مدير قاعة "الأطلس" موجة العدائية إلى حزب "الدعوة" الاسلامي، ويوافق على أن "الأفلام الاباحية تتنافى مع الاسلام"، مؤكداً أنه لا يعرضها، في وقت تكدست على مكتبه ملصقات تضم صوراً لفيلم "بايسيك اينستينكت" غريزة اساسية. خارج القاعة، تحلق شبان أمام صور بطلة الفيلم النجمة الاميركية شارون ستون والتي كتب على ملصقها "حب، اغواء، جنس". ويقول أحمد، الزبون الدائم لسينما "ساميراميس": "الأفلام التي تعرض في القاعات ليست اباحية، انها تخضع للرقابة". وبين الأفلام المعلنة للأسابيع المقبلة انتاج فرنسي أثار انتقادات واسعة في فرنسا، بسبب احتوائه مشهد اغتصاب. ويؤكد مدير السينما انه لا يعرف من أين سيحصل صاحب القاعة على هذا الشريط الحديث. وأمام عدسات المصورين، اخرج ملصقاً لفيلم عنف، وقال: "يمكنكم تصويره أما الباقي فلا". و"الباقي" ليس سوى صور لنساء عاريات طليت بالأحمر والأسود للاحتشام، ومشاهد حب معبرة. يقف عمر 32 سنة مذهولاً أمام الصور، وهو جاء من الأنبار 100 كلم غرب بغداد ليجول على قاعات السعدون. ويقول وقد قطب حاجبيه: "سمعت ان قاعات السينما تعرض أفلاماً غير لائقة، وجئت لاستجلاء الأمر. ما شاهدته لم يعجبني". ويتابع قبل مغادرته المكان وهو يبصق أرضاً: "انني اتفق تماماً مع الإمام الفرطوسي". … على رغم ذلك، بدت قاعات السينما مكتظة بالزبائن، في انتظار يوم الجمعة المقبل.