ينتظر العالم كله معرفة هوية بطل النسخة السابعة عشرة من مونديال كرة القدم المقرر من 31 أيار مايو الى 30 حزيران يونيو المقبل في كوريا الجنوبيةواليابان معاً، ويتلهف الجميع للتعرف على هوية القائد الذي سيرفع الكأس الذهبية أمام نحو 90 ألف متفرج وما يقرب من ثلاثة بلايين آخرين يتابعون ختام هذا الحفل العالمي عبر شاشات التلفزيون. لكن مهما يكن من أمر، فإن الايطاليين لن يخرجوا من منتصف ليل ال30 من حزيران من استاد يوكوهاما في اليابان بخفي حنين، لأن جزءاً من هذه الكأس سيبقى دوماً ايطالياً. سيلفيو غاتسانيغا منح هذه الميزة لأبناء وطنه، عندما وضع بنفسه تصميم هذه الكأس وابدع بيديه تنفيذها. "المايسترو" بلغ الان من العمر ارذله لأنه احتفل بيوم ميلاده الواحد والثمانين في 21 كانون الثاني يناير الماضي في مدينته ميلانو. وما من شك في انه سيكون اكثر المتشوقين لمعرفة وجهة كأسه الغالية لأنها تحمل في داخلها جزءاً مهمًا من حياته "كم اتمنى ان تعود الكأس، التي امضيت في تصنيعها احلى اوقات عمري، الى بلدي هذه المرة، فلم يعد في العمر بقية. اتمنى التوفيق لمنتخبنا، لأن فوزه باللقب سيحقق امنيتي بعودة "ابنتي الى احضاني مجدداً". كنت اسعد انسان على وجه الارض عندما رفعها الحارس العملاق دينو زوف في ختام مونديال 8219 في اسبانيا، ولم اصدق عيني عندما وصلت الى روما وهي في احضان ابناء جلدتها" . احلام غاتسانيغا ليست بعيدة المنال، لأن المنتخب الايطالي يظل دوماً واحداً من اوائل المرشحين للفوز باللقب. وليس بعيداً أبداً ان تلمس الكأس يدي القائد باولو مالديني تحديداً في تلك الليلة المرتقبة، ليكون ثامن قائد يتسلمها من بعد الالماني فرانتس بكنباور عام 1974، والارجنتيني دانيال باساريللا 1978، والايطالي دينو زوف 1982 ، والارجنتيني دييغو ارماندو مارادونا 1986 ، والالماني لوثار ماتيوس 1990 ، والبرازيلي كارلوس دونغا 1994، والفرنسي ديدي ديشان 1998 . لكن ما هي حكاية الكأس... ولماذا وكيف ولدت؟ دعت الحاجة الى توفير كأس جديدة بعد ان فازت البرازيل بلقبها الثالث عام 1970 في المكسيك واحتفظت بكأس جول ريميه الى الابد، فطرح الاتحاد الدولي مناقصة عالمية لتقديم تصميمات متطورة ومعبرة عن أهداف المونديال المعلنة والخفية. ومن بين 53 تصميماً، اختار الفيفا ذلك الذي قدمه غاتسانيغا. في الخامس من نيسان ابريل 1971 ، وقف ذلك الفنان الايطالي المبدع بشرح للجنة المختصة تقويم الاعمال المقدمة لماذا اعد هذا التصميم "إلهامي ارشدني الى عنصرين اساسيين: الرياضي والعالم. كانا دوماً في مخيلتي وانا اعمل على اعداد ما صار في ما بعد تحفة فنية حقيقية، ان هذا العمل يرمز الى القوة وبذل الجهد الذي يقدمه اللاعبون... وأيضاً التناسق والبساطة والسلام. ووضعت نفسي في موقع القائد الذي سيتسلم هذه الكأس ووجهت الى نفسي سؤالاً: ماذا اريد منها وانا ألمسها للمرة الاولى؟... الاجابة لم تكن صعبة لأن إحساساً انتابني بأنني اريد ان اشعر أنني بطل، لكن بطلاً قدم جهداً وبذل عرقاً ليصبح هذا البطل... وان يكون رفاقي من حولي نحتضن معاً بحب واخلاص العالم كله من خلال دنيا الرياضة". غاتسانيغا صمم هذه الكأس في عصر لم تكن تعرف الرياضة بعد عالم المال ورجال الاعمال وملايين الدولارات... عصر كانت الجائزة التي يحصل عليه الرياضي هي المبتغى الوحيد الذى يسعى اليه "لذا اهتممت جداً بان اجعل البطل يشعر انه حصل فعلاً على جائزة ذات قيمة. المفاهيم تغيرت وحتى نمط الحياة تغير كثيراً واذا انتهى المطاف بكأسي الى احضان بطل الى الابد أرى انه من المناسب ان يمنح الفنانون الشباب فرصة تصميم الكأس الجديدة لأنها ستتماشى من دون شك مع روح العصر الذي يعيشونه الان بكل حواسهم واحاسيسهم". كأس جول ريميه بقيت في تجوال مدة أربعين عاماً قبل ان تستقر في خزائن البرازيل... وكأس غاتسانيغا تتجول منذ 28 عاماً، وفرصة استقرارها مرهونة بما ستقدمه الارجنتين وألمانيا لأن كلاً منهما خطب ودّها مرتين. فهل تُطلب الكأس الذهبية الى بيت الطاعة في ختام المونديال المقبل... أم انها ستظل، على رأي الكوميديان المصري المعروف عادل امام في مسرحية "شاهد ما شافش حاجة": "دايرة على حل شعرها" في انتظار زوج محترم يلمها؟