تحولت محافظة كفر الشيخ في دلتا مصر خلال الايام الثلاثة الماضية مسرحاً تعدد اللاعبون فيه بحثاً عن المواطن المصري محمد محمد الأمير عوض السيد عطا، الذي تؤكد اجهزة التحقيق الاميركية انه قاد واحدة من طائرتين اقتحمتا برجي "المركز التجارة العالمي" يوم الثلثاء الماضي، مستغلاً خبراته كمهندس معماري في اختيار مكان الهدف وتحديد الضربة القاصمة التي تضمن انهيار البرج ومستفيداً من دورات تدريبية في المانيا وأميركا لتعلم قيادة الطائرات في الهبوط بمستوى الطائرة الى الارتفاع الذي كفل له اتمام المهمة التي اوكلت اليه. لكن الاحساس العام لدى المصريين هو الأمل بألا يكون الرجل ضالعاً في العملية. جال عدد غير قليل من مراسلي وسائل الإعلام والصحف شوارع المحافظة التي تبعد نحو مئتي كيلومتر شمال العاصمة ولم يجدوا إجابات عن أسئلتهم التي طرحوها على مواطني كفر الشيخ لكشف الغموض حول شخص لم يكن يعرفه أحد وصار حديث العالم. ووقف الباحثون عن الحقيقة امام مقار الشرطة والادارات المحلية في كفر الشيخ عاجزين، اذ أُبلغوا أن البحث عن منزل عطا أو أسرته أمر يحتاج الى وقت طويل حتى يتم الانتهاء من فحص قوائم من صدرت لهم بطاقات هوية او جوازات سفر أو رخص قيادة السيارات لبيان ما اذا كان عطا واحداً منهم. ولم تفلح صور عطا التي حملوها في كشف المجهول. وحينما علم بعض المراسلين ان إحدى أسر قرية "الخادمية" الواقعة على أطراف المحافظة تحمل لقب عطا هرعوا الى هناك معتقدين انهم وجدوا ضالتهم، وبعد السير في طرق وعرة والخوض في غمار بعض البرك والاراضي الطينية وصلوا إلى هناك ولاقوا الرد الذي لم يكونوا يتمنونه، فتلك الاسرة ليس بين ابنائها من ذهب الى المانيا او أميركا. حل اللغز في القاهرة وعلمت "الحياة" أن عطا وُلد بالفعل في كفر الشيخ في الأول من ايلول سبتمبر 1968 لكن عائلته رحلت الى القاهرة وتنقلت بين أحياء عدة فيها الى أن استقرت في احد احياء محافظة الجيزة، والتحق عطا عام 1985 بكلية الهندسة في جامعة القاهرة كان خلالها حسن السير والسلوك ولم يظهر عليه ما يوحي بانتمائه الى أي من الجماعات الدينية التي كانت تغصّ بها تلك الجامعة. وعاش حياة طبيعية مع والده ووالدته وثلاث شقيقات. وأشارت المعلومات الى أن عطا حصل عام 1990 على بكالوريوس الهندسة قسم العمارة وسجّل في نقابة المهندسيين وعمل في بعثة الاعمال الحرة ثم توجه في 1999 الى ايطاليا حيث مكث نحو سنة، وبعدها توجه الى المانيا واستقر في هامبورغ ثم التحق بجامعة هاربورغ لدرس التخطيط العمراني. في مرحلة لاحقة تعرف عطا الى مروان الشيحي الذي يعتقد أنه شارك في خطف الطائرة الاخرى التي دمرت البرج الثاني لمبنى المركز التجاري العالمي. توطدت العلاقة بين الاثنين الى درجة أن كثيرين اعتقدوا أنهما من عائلة واحدة خصوصاً بعدما أظهر الاثنان رخصتي قيادة صادرتين من دولة الامارات تحمل الاولى الرقم 79581 وتخص عطا، والثانية الرقم 79583 وهي تخص الشيحي، ما يوحي بأنهما صدرتا في اليوم نفسه. وفي 18 كانون الثاني يناير من العام الماضي حصل الشيحي على تأشيرة لدخول أميركا، وفي تموز يوليو من العام نفسه ولحق به عطا واقاما في فلوريدا حيث درسا الطيران. ويرجح خبراء أمنيون ان تكون أفكار عطا تبدلت أثناء وجوده في ايطاليا أو المانيا قبل ان يرحل الى أميركا وان يكون تم تجنيده في عضوية إحدى الخلايا التابعة لأسامة بن لادن عن طريق واحد أو أكثر ممن يدينون له بالولاء. وترسخ ذلك الاعتقاد بعدما ظهر أن عطا طلب اثناء دراسته في المانيا من إدارة الجامعة تخصيص إحدى غرف الجامعة لإقامة مسجد فيها.