سقطت مقاطعة نيجني نوفغورود الروسية التي توصف ب"قلعة اليمين" في يد اليسار. وانتخب محافظاً لها الشيوعي غينادي خوديريف الذي حقق انتصاراً باهراً على المرشح المدعوم من الكرملين وقوى الوسط واليمين، لكن الفائز فاجأ الجميع بإعلانه تعليق عضويته في الحزب الشيوعي موقتاً. اعلنت في مقاطعة نيجني نوفغورود الروسية امس، نتائج الجولة الثانية من الانتخابات التي خاضها الفائزان في الجولة الأولى وهما غينادي خوديريف والمحافظ السابق ايفان سكلياروف. وكانت مؤسسات الاستطلاع التي ترتبط غالبيتها بالسلطة أو بقوى اليمين توقعت فوز المحافظ أو "تعادل" الطرفين. إلا ان النتائج اكتسحت كل التوقعات وحصل مرشح الحزب الشيوعي على زهاء 60 في المئة من الأصوات، اي ضعف ما حصل عليه منافسه 6،26 في المئة. وغدا هذا الفوز الساحق بمثابة صاعقة للقوى اليمينية التي كانت اعتبرت نيجني نوفغورود "قلعة الإصلاحات". وللمقاطعة اهمية كبرى. فهي من المناطق الصناعية المتطورة وتتركز فيها صناعات الطيران والسيارات والسفن، إضافة الى عدد كبير من الصناعات العسكرية والمتطورة تكنولوجياً. واختار الرئيس فلاديمير بوتين نيجني نوفغورود عاصمة لدائرة حوض الغولف الفيديرالية، وأسند رئاستها الى سيرغي كيرينكو رئيس الوزراء السابق الذي كان بدأ حياته السياسية في المدينة. ولم تخف السلطة الفيديرالية تعاطفها مع سكلياروف، بل أطلقت اشاعات مفادها ان عاصمة الدائرة الفيديرالية سوف تنقل من نيجني نوفغورود في حال فوز المرشح الشيوعي. ولكن الناخبين كان لهم رأي آخر، فاختاروا خوديريف الذي كان اميناً أول للتنظيم الشيوعي في المقاطعة في العهد السوفياتي، وصار وزيراً في حكومة يفغيني بريماكوف ثم نائباً في مجلس الدوما عن الحزب الشيوعي. إلا أنه اعلن بعد فوزه امس انه قرر بعد التشاور مع زعيم الحزب غينادي زيوغانوف، تعليق عضويته في الحزب طوال فترة صلاحياته كمحافظ. وقال انه يقتدي في ذلك بمثال الرئيس فلاديمير بوتين الذي لم ينتم الى حزب وبمثال كيرينيكو الذي علق عضويته في اتحاد قوى اليمين حينما عين رئيساً للدائرة الفيديرالية. واعتبر زيوغانوف فوز خوديريف "انتصاراً باهراً" ودليلاً على أن "الشعب يسير وراءنا بعد عشر سنوات من اصلاحات لم تؤد الى النتائج المنشودة". وأكد نائب رئيس الحزب ايفان سيلنيكوف ان قرار تعليق العضوية كان نوقش في اجتماع قيادي. وأضاف ان خوديريف كان اتخذ قراراً مماثلاً عند توزيره: وشدد على أن الحديث عن تعليق العضوية يراد منه التقليل من اهمية "الفوز الساطع". ونقلت وكالة "انترفاكس" عن مصدر في الديوان الرئاسي ان الكرملين مستعد ل"التعاون البنّاء" مع خوديريف. ونفى وجود نيات لنقل عاصمة الدائرة الفيديرالية الى مكان آخر. وذكر رئيس "اتحاد قوى اليمين" بوريس نيمتسوف الذي كان محافظاً لنيجني نوفغورود ان خوديريف "انتصر لأنه شيوعي، بل لصفاته الشخصية". وقال إنه لم يتسن "جمع براهين تسيء إليه". إلا ان موقع "سترانا رو" الإلكتروني الوثيق الارتباط بالكرملين، اعتبر نتائج الانتخابات دليلاً على "مرض تعانيه الديموقراطية الروسية" وبرهاناً على خطأ افتراضات سابقة عن انتهاء عهد "الحزام الأحمر" وهي التسمية التي كانت تطلق على محافظات تقع تحت سيطرة الشيوعيين. ورأى مراقبون ان الاقتراع في نيجني نوفغورود سيرغم الكرملين والقوى السياسية على مراجعة حساباتها. فقد كان مستشارو الرئيس فلاديمير بوتين نصحوا بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة للإفادة من شعبية الرئيس وتأمين فوز انصاره. إلا ان الاقتراع الأخير يؤشر الى احتمال فوز الشيوعيين ب40 في المئة من الأصوات، بحسب استطلاع ذكر انه أنجز من جانب اجهزة الأمن والاستخبارات وظل لفترة في الكتمان.