حلّت ملكة الأردن الملكة رانيا العبد الله ضيفة على لبنان، أقل من 24 ساعة، للمشاركة في سلسلة نشاطات تتعلق بالطفولة. وهذه ثاني زيارة لها للبلد الذي قالت عنه ل"الحياة": انه "كبلدي أحبه وأحب شعبه وأتمنى ان يكون هناك تعاون دائم بين بلدينا". ومن المتوقع ان تقوم بزيارة ثالثة قريباً تلبية لدعوة جامعية. الملكة رانيا التي وصلت ليل أول من أمس الى بيروت، يرافقها فريق عمل مصغّر، سحرت بلباقتها وسعة ثقافتها حضوراً ملأ قاعة الجامعة اللبنانية الأميركية، استمع اليها وهي تتحدث عن "التربية الشمولية في القرن الحادي والعشرين". وزاد اقتراباً منها حين راحت تشرح صعوبة توفيقها بين عملها وحياتها العائلية "فأنا كأي ام أحاول ان أوازن بين الحياة العائلية والعمل، انه صراع دائم. وأنا اشارك في هذا التحدي كل امرأة عاملة اذ اعتقد انهن يشعرن الشعور نفسه. انها مسألة لا تنتهي، فكل يوم تسألين نفسك السؤال نفسه: كيف سأمضي وقتاً كافياً مع عائلتي وأولادي؟ وأنا اعتقد انها مسألة اولويات. وما افعله اني أضع زوجي وأولادي في سلم الأولويات وقبل اي شيء آخر، وفي الحقيقة لا جواب نهائياً عن هذه المسألة المستمرة". وقالت الملكة رانيا في محاضرتها: "اننا أحوج ما نكون اليوم الى أنسنة التربية، وهذا يضع القادة وصانعي القرار والمربين أمام تحد كبير يتمثل في القدرة على تهيئة اطار للتعليم يأخذ في الاعتبار حاجات أطفالنا الانسانية ونوعية حياتهم". وتحدثت عن "القلق الذي يساور البعض من ان نفقد هويتنا الثقافية في اطار العولمة المستمرة لوسائل الاتصال وثقافة الشباب". ورأت ان التحدي الذي تواجهه "سيبقى في تنفيذ نهج شمولي للتعليم يؤتي افضل الثمار ولا يستثني أحداً من منافعه". وإذ تحدثت عن الخطوات التي تقوم بها المملكة الأردنية لتنمية الطفولة المبكرة، لفتت الى "أهمية تعليم المرأة وأثره الايجابي في المجتمع بأكمله وردم الفجوة بين الذكور والإناث". وشددت على "ضرورة إتاحة الفرص لجميع الاطفال بمن فيهم ذوو الاحتياجات والتحديات الخاصة". وأكدت "ضرورة الاستثمار في الثروة البشرية". الملكة رانيا التي ألقت محاضرتها باللغة الانكليزية حرصت على تلقي أسئلة من الحضور للإجابة عنها، فلاحظت "ان أطفال اليوم يعون أكثر خياراتهم وحقوقهم". ورأت "ان ثروة لبنانوالأردن في طاقاتهما البشرية". وقالت: "من المهم جداً ان ننمي مهارات شعبنا في التعبير عن نفسه والتواصل مع العالم ويبقى الشباب هم من يصنع مستقبل المنطقة". واعتبرت ان التعليم أكثر المهن نبلاً، "إلا اننا كعرب لا نقدر المعلمين كما يجب، وعلينا ان نشعرهم انهم مهمون ولهم التقدير وأن نعطيهم المزيد من التقديمات". وكانت المرأة ركناً أساسياً في حديثها عن التنمية "ومن هنا كان اهتمامي بموضوع القروض الصغيرة، لأنها تساعد الناس على بناء حياتهم المهنية بأنفسهم فيحسّنون أوضاعهم وأوضاع اطفالهم. انها وسيلة فاعلة للقضاء على الفقر ووسيلة مهمة جداً لمنح النساء الثقة بأنفسهن وجعلهن قادرات على صنع القرارات واتخاذها وتسيير حياتهن في شكل افضل فيصبحن منتجات في المجتمع". ملكة الأردن لم تنف ارتكاب جرائم شرف في بلدها ضحاياها النساء، لكنها رأت في حديث مقتضب الى "الحياة" ان هذه الجرائم "أخذت زخماً اكثر من حجمها لأننا حين ننظر الى الأرقام، علماً بأن حصول جريمة واحدة امر غير مقبول، ونقارنها بعدد الجرائم ومنها جرائم الشرف في البلدان الأخرى نجدها أكبر بكثير. ما نسعى اليه هو ان تتقدم المرأة في المجالات السياسية والاقتصادية، وأن تكون في مراكز صنع القرار من طريق التعليم وتغيير القوانين ووسائل أخرى". وكان للملكة رانيا لقاء مع الطلاب الأردنيين في الجامعة اللبنانية الأميركية فسألتهم عن أحوالهم ودراستهم. وانتقلت الى اجتماع مغلق في فندق "بريستول" يتعلق بالأطفال العرب، وأقامت زوجة رئيس الجمهورية أندريه لحود غداء على شرفها في قصر بعبدا شاركت فيه زوجات الرؤساء وعدد من الوزراء والنائبات الثلاث.