ظلت الماسونية لغزاً غامضاً غلبت سريتها على ما عرف وكتب عنها، باعتبار ان السرية هي أهم مبادئ هذه الجمعية العالمية ذات الفروع المتشعبة. ويبدو ان كثرة ما قيل عنها وعن علاقاتها باليهود والصهيونية العالمية وتأثيرها على مجريات السياسة والاقتصاد في العالم، أزعج بعض جماعاتها في تركيا حيث العديد من الكتب التي تتهمها بالفساد، فيما تدّعي أنها جمعية خيرية تهدف الى اغراض انسانية سامية ونبيلة. وفي محاولة لتأكيد صفتها الخيرية، خرجت الجمعية في تركيا الى النور. وعقد كبيرها "الاستاذ" ساهر طلعت اكيف مؤتمراً صحافياً ومعرضاً فنياً عن الجمعية في مقرها في انقرة يوم الجمعة الماضي. وهو المعرض الثالث بعد اثنين اقيما في اسطنبول وأزمير العام الماضي، بهدف درء الاتهامات والشبهات عن جمعيته وجماعته. وبدأ المعرض بفيلم وثائقي عن كبار الماسونيين الاتراك ودورهم التاريخي في نهايات الدولة العثمانية ودعمهم لجمعية الاتحاد والترقي. واكد اكيف ان جمعيته ساهمت الى حد كبير في قيام الجمهورية التركية الحديثة واسقاط الخلافة. واعترف بأن اتاتورك كان محاطاً بشلة من الماسونيين، اقصاهم في بداية الثلاثينات عندما تأثر بالسياسات الديكتاتورية التي كانت تحكم أوروبا آنذاك. ورأى اكيف ان الفاشيين في المانيا وأعوانهم في تركيا، أثروا على أتاتورك لإغلاق محافل الماسونية في بلاده عام 1935. ورفض اكيف اعتبار ذلك حملة ضد الماسونية واسماها فترة استراحة، مذكراً بعودة الجمعية بشكل فاعل بعد الحرب العالمية الثانية، بداية الخمسينات. ولكن "الاستاذ" لم يُشبع فضول الصحافيين المتعطشين لمعرفة أسرار الجمعية. وقال: "لا تسألوني عن فلان هل هو ماسوني أم لا، فنحن لا نكشف عن هوية جماعاتنا، ولكن من يريد ان يكشف عن نفسه فهو حر". وأضاف ان الماسونية ليست جمعية سرية وانما مغلقة على نفسها ولديها طقوسها ورموزها الخاصة. واعترف بتأثير الجمعية على السياسات والاقتصاديات في بعض بلدان العالم. ولكنه نفى ان تكون تركيا احدى هذه البلدان. وعلق على منع وزير الدفاع الحالي شاكماك اوغلو عناصر جيشه من الانتساب الى الجمعية وقال ان ذلك يخالف حقوق الانسان الأوروبية التي تضمن حرية الفكر والتعبير للفرد. ووعد بإقامة العديد من الندوات للتعريف بالجمعية واصدار بعض الكتب عنها "لتصحيح صورتها في أذهان المواطنين" ، فيما يستمر المعرض لصور الماسونيين الاتراك القدامى ورموز الجمعية وبعض طقوسها والكتابات عنها، حتى نهاية الشهر الجاري. وكشف المعرض عن اسماء الماسونيين في الفترات القديمة وحتى أواخر الخمسينات، فيما امتنع اكيف عن تسمية الذين انتسبوا الى الجمعية بعد ذلك.