يوسف ليد واسمه الأصلي توميسلاف لاميل الأوروبي الاشكنازي، ظهر على الساحة السياسية بعد ان فاز حزبه الجديد شينوي التغيير بستة مقاعد في الانتخابات الأخيرة على رغم عمر الحزب القصير. وليوسف ليد هدف رئيسي من انشاء حزبه وهو محاربة نفوذ الارثوذكس المتشددين الحريديم وتحجيم سيطرتهم والتقليل من نفوذهم في المجتمع الاسرائىلي. وعلى رغم ان أحزاباً حاربت وتحارب هؤلاء إلا أن شينوي هو أول حزب يجعل محاربة مجموعة معينة من اليهود قضية رئيسية وليست قضية ثانوية للاقتصاد أو عملية السلام أو غيرهما. ولد يوسف ليد وتربى في رعاية عائلة صهيونية لا تؤمن بالدين ولا علاقة لها به إلا بقدر ما تحتفل به في مناسبات كانت بمثابة المناسبات القومية لها كما يقول. ولأن والده قتل في المحرقة أصبحت هذه تسيطر على حياته وأفكاره وينظر إلى العالم والآخرين من خلالها. وأصبح الناس في نظره ينقسمون الى مجوعتين، يهود وغير يهود. ويقول انه دائماً مع اليهودي في أي نزاع بين الاثنين. ويوسف ليد كان معروفاً قبل انشاء حزبه، اذ كان يقدم برنامجاً تلفزيونياً مثيراً لفترة سبع سنوات. وقبل ذلك عمل مراسلاً لصحيفة "معاريف" في لندن ثم أصبح مدير تحريرها لفترة وله مجموعة من الكتب طبع بعضها اكثر من مرة. انتقد ليد الارثوذكس المتشددين قبل حملته الانتخابية واشتد نقده وعنفه اثناءها. فقال عنهم انهم أناس مدمّرون ويهددون كيان الدولة على المدى البعيد ويبتزون أموالها. ورفض ما يقولونه عن أنفسهم بأنهم هم وحدهم اليهود الحقيقيون وان غيرهم ليسوا كذلك. وانتقد نظرتهم الى اليهود العلمانيين واعتبارهم غوييم. وقال: "إنهم يجوزون خداعنا ويعتبرون عدم الخدمة في الجيش فرضاً شرعياً. كما أنهم يهددون وصول المساعدات من يهود اميركا الى اسرائيل لأنهم لا يعترفون بالمذاهب اليهودية الأخرى". ووعد ناخبيه بأنه سيعلن حرب عصابات عليهم ويوقف "الصفقات غير النظيفة لهم" كما وصفهم بالمرض وانه الطبيب لذلك المرض. وانتقد يهودية هؤلاء الارثوذكس، وقال بأن اليهودية التي يمثلها زعماء هؤلاء هي يهودية الرقى والتمائم ويهودية التعامل بتقديس الماء بعض حاخامي الارثوذكس يقرأون أدعية وصلوات على الماء ليجعلونه كما يقولون مقدساً كي يستعمله اليهود لشفاء الأمراض مقابل تبرعات يعطونها لهؤلاء الحاخامين ويهودية إخراج الدبوق من الإنسان والدبوق في معتقد اليهود الارثوذكس هي روح شريرة تدخل في الانسان وتربكه نفسياً وعقلياً فيفكر باسمها ويتحدث على لسانها، ولا تخرج منه إلا بقراءة أدعية خاصة يقوم بها عادة يهودي أرثوذكسي. فهم يدمرون اليهودية لأنهم يعطونها صورة مضحكة، اذ تبدو وكأنها من نوع شعوذة القرون الوسطى. وهو يقول: "إنني لا أغفر لهم ذلك لأنهم أبعدوا الشباب بذلك عن اليهودية". كما أنه لا يغفر لهم نقدهم للصهيونية ويعتبره عاراً عليهم ونقدهم لعدم ترديدهم للنشيد الوطني عند انشاده. وكان في دعايته الانتخابية في التلفزيون، عرض قنينة تنظيف وقطعة صابون وعلبة طعام كلاب ومناديل مراحيض ورقية. وتساءل أمام المشاهدين وقال: "لماذا تحتاج هذه الى وثيقة ثبت جواز استعمالها كشروت، ان الحالة تجاوزت المعقول". وعرض كذلك لقطة في دعايته الانتخابية لمجموعة من الناس وهم يدفعون الارثوذكس المتشددين وتعليقاً عليها يقول: "إن هؤلاء يسيطرون على حياتنا بالقوانين الدينية ويلدون أولاداً كثر ويأخذون ما ندفعه من ضريبة لمؤسساتهم الانعزالية ويرفضون الخدمة في الجيش ويضغطون على اقتصادنا". ونشر اعلاناً في الصحف الاسرائيلية تحت عنوان: "حكومة من دون يهود حريديم: اليهود الحريديم يقسمّون الشعب اليهودي" ويعدد الإعلان ما اسماه بالطرق التي يستعملها هؤلاء لتقسيم الشعب كالوسائل السياسية والإكراه الديني وعدم اعترافهم بالمذاهب اليهودية عدا المذهب الارثوذكسي. ويقول إن الوقت حان للتخلص من هؤلاء "والتخلص من الجبن والتردد اللذين فينا واللذان يسمحان لهؤلاء بالتدخل في شؤون حياتنا حتى بعد موتنا". وينوي زعيم حزب "شينوي" أن يقدم للكنيست 30 مشروعاً لقوانين كلها أو أكثرها تضعف من سيطرة السلطة الدينية وتقلل من نفوذها في المجتمع الاسرائيلي. ومن هذه القوانين تلك التي تكون موازية للشريعة اليهودية مثل الاعتراف بالزواج المدني. وأعلن بعد انتخابه مباشرة بأنه لن يشارك في حكومة يشارك فيها الحزب الارثوذكسي شاس. ويرى بأن النزاع مع العرب انتهى عملياً وان على الاسرائيليين ان يفكروا جدياً في طبيعة الدولة اليهودية التي يجب ان تكون في القرن الواحد والعشرين والتي يريدون ان يعيشوا فيها. تلقى ليد تهديدات بالقتل وعندما دخل الكنيست للمرة الأولى وقف 19 عضواً من اعضاء الكنيست الارثوذكس وأداروا ظهورهم له ثم خرجوا تعبيراً عن احتقارهم له. وعلى رغم رأي ليد في الحريديم فإنه لا يريد فصل الدين عن الدولة لأنه يريد لإسرائيل ان تبقى صهيونية ويهودية "ولا يمكن الفصل الكامل بين الدين والهوية اليهودية وأنا أخشى إذا فصلنا الدين عن الدولة ان يطالب العرب في اسرائيل بإلغاء قانون العودة بعد ان يفقد الأساس اليهودي الذي قام عليه". رد بعض اليهود الارثوذكس على نقد ليد فقال احدهم - وهو صحافي من هاآرتس - بأن ليد عندما ينتقد جماعة معينة على أنها سبب أمراض المجتمع ويقوم بحملة ضد نسبة الولادة العالية بين الارثوذكس فإن هذا يذكرنا بما كان يقول به النازيون. كما قال عضو الكنيست ابراهام رافتس بأن هجوم ليد على منح وثيقة "الكشروت" يذكرنا بدعاية النازية الجديدة في الولاياتالمتحدة وان ليد لا يختلف عن الفرنسي لوبان ولا عن الروسي زيرنوفسكي وقد اخذت بعض الصحف الارثوذكسية تكتب اسمه Lepid ليشبه الفرنسي Lepen. ويقول الصحافي الارثوذكسي اسرائيل اليخر اذا انتصرت علمانية ليد فإن اسرائيل ستموت، اذ من دون الإيمان بالتوراة فإنه سينظر للاسرائيليين على أنهم يسرقون أراضي العرب وسيفقدون دافعهم للبقاء هنا، علماً ان تصويت 170 ألف شخص له يعني ان اسرائيل أصبحت شبيهة بأسوأ الأنظمة في التاريخ التي أضمرت العداوة لليهود. ويذكر ان أكثر الذين انتخبوا ليد من الطبقة الغنية في المجتمع وسكان المدن التي تسكنها غالبية من البيض مثل رامت هاشرون وكفرشماريا. ويعتقد البعض بأن ليد لا يحتمل التعددية ويريد للثقافة الاشكنازية ان تسود في المجتمع الاسرائيلي، لذلك فهو يقدس الثقافة الغربية ويعتبرها في أعلى السلم من الثقافات، كما أنه يحتقر الثقافة الشرقية ومن ينتمي اليها. وربما يدخل في هذا السياق مطالبته للحكومة الاسرائيلية في وقت سابق ان تضع سيارات مفخخة في المدن الفلسطينية وتفجرها. ويبدو ان الحرب الضروس التي يشنها ليد ضد اليهود الحريديم ستقود الى تعميق الشرخ الديني - العلماني الذي بدأت تظهر معالمه وتتبين أعراضه في السنوات الأخيرة، خصوصاً بعد اتفاق أوسلو حين أخذ الاسرائيليون يشعرون بالأمن بعد انتهاء ما يسمونه "التهديد العربي". * أكاديمي عراقي.