ما كاد الوسط الكروي الانكليزي يهضم الخسارة 1-2 امام السويد في ستوكهولم نهار السبت في اولى مباريات المنتخب الانكليزي في تصفيات كأس الامم الاوروبية 96، حتى اصيب بصدمة ثانية عندما تناقلت وسائل الاعلام خبر رغبة شبكة "سكاي" للتلفزة في شراء نادي مانشستر يونايتد اشهر الاندية الانكليزية وصاحب الشعبية الجارفة على الصعيد الدولي. وتركز الحديث على صفقة شراء النادي ونسي كثيرون الهزيمة المرّة امام السويد، لأن للصفقة - في حال تمت - اثرها في المستقبل الشعبي والاقتصادي لكرة القدم الانكليزية في السنوات المقبلة. تملك شركة "نيوز كورب" 40 في المئة من شبكة "سكاي"، ويملك الاسترالي روبرت مردوخ 30 بالمئة من "نيوز كورب"، ومردوخ هو رجل اعمال اكتسب شهرة واسعة من سعيه الى السيطرة على وسائل الاعلام في العالم. والرغبة في شراء مانشستر يونايتد هي بمثابة "بوليصة تأمين" لمردوخ الذي يدرك ان الرياضة "سلعة" لا يمكن الاستغناء عنها، خصوصاً كرة القدم التي حولت "سكاي" من شركة تخسر 10 ملايين جنيه استرليني اسبوعياً 16 مليون دولار في العام 91 الى شركة تحقق ارباحاً هائلة! فپ"سكاي" التي حصلت العام 93 على حق نقل مباريات الدوري الانكليزي الممتاز مقابل 304 ملايين استرليني وضاعفت هذا المبلغ 647 مليوناً في العام 95 لتمديد العقد حتى العام 2001، تواجه خطر افلات الامور من يدها بعد نهاية العقد، لأن كل ناد قد يصبح حراً في بيع حقوق مبارياته لأي شبكة يريد أو بثها عبر قناة خاصة به، بعدما كانت الشركة المالكة للدوري الممتاز تبيع تلك الحقوق. وبشراء مانشستر يونايتد يضمن مردوخ كلمة في التصويت لبيع حقوق الدوري الممتاز في حال بقي القرار مع الشركة المالكة او يبث مباريات الفريق عبر شبكة "تلفزيون مانشستر يونايتد" التي ستبدأ البث الخميس المقبل وهي الاولى من نوعها في العالم! كما ستكون لمردوخ كلمة في حال استمر "مشروع" الدوري السوبر الاوروبي لان مانشستر يونايتد من الاندية الكبيرة في اوروبا... لكن الصفقة تواجه مطبات لعل ابرزها سياسي - اقتصادي. فقد اعلن وزير الرياضة الانكليزي طوني بانكس، الشغوف بكرة القدم، تحفظه على الصفقة مشيراً الى امكان استشارة لجنة التنافس التجاري التي ستضع الحكومة في موقف حرج في حال قدمت تقريراً سلبياً عن الصفقة. لكن الحكومة العمالية قد لا تقدر على شيء في مواجهة مردوخ الذي يملك صحفاً عدة منها "التايمز" و"ذي صن"، ولا يريد حزب العمال ان تنقلب هذه الصحف ضده في الانتخابات المقبلة! يذكر ان "ذي صن" دعمت حزب العمال علناً في الانتخابات الاخيرة. ويخشى الوسط الاقتصادي ان تتحول الاندية الرياضية الى "مخارج" للشركة الضخمة ل "تبييض" الاموال، فتشتري الشركة مثلا ناديين وتتلاعب بقيمة صفقة لاعب من فريق الى آخر! وأثارت الصفقة حفيظة مشجعي الفريق وتظاهر عدد منهم امام مقرّ النادي امس وصبّ بعضهم جام غضبه على رئيس النادي الحالي مارتن ادواردز فاتهموه بأنه "مجرد رجل اعمال لا علاقة له بكرة القدم" في حين أكد اندي ولش رئيس رابطة مشجعي مانشستر المستقلة ان مردوخ "سيغتصب مانشستر يونايتد ويستغل اسم النادي وعراقته حسب متطلبات امبراطوريته الاعلامية"... هذا رغم ان اصحاب الأسهم من المشجعين سيحققون ارباحاً هائلة في حال تمت الصفقة! وهذه ليست الصفقة الاولى لمردوخ في عالم الرياضة اذ أسس "الدوري السوبر" لرياضة الرغبي، وبدّل اسماء الاندية ومواعيد المباريات حسب متطلبات قنواته قبل ان يشتري أندية لوس انجليس ليكرز ونيويورك نيكس في الدوري الاميركي لكرة السلة، ونادي لوس انجليس دودجرز احد اشهر الاندية في رياضة البيسبول. وتملك شبكة "فوكس" الاميركية التي يملكها حقوق بث الرياضات الاكثر شعبية في الولاياتالمتحدة. وكل ذلك في اطار سعيه الى استغلال الرياضة على أكمل وجه لتحقيق ارباح لقنواته... لا شك ان الصفقة ستفتح باباً جديداً، رياضياً واقتصادياً، وسترفع حمى التنافس بين شبكات التلفزة على شراء الاندية الرياضية كنال " الفرنسية تملك نادي باريس سان جرمان وربما تبدلت اسماء الفرق في المستقبل لتصبح "سكاي يونايتد" و"كنال" سان جرمان"...!