ارتفاع أسعار النفط وخام برنت يسجل 83.63 دولاراً للبرميل    النص الكامل لبنود إعلان البحرين    السعودية للكهرباء تعمل على تصنيع قطع الغيار بالهندسة العكسية وتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد    «QNB» الراعي البلاتيني لمؤتمر جي تي آر السعودية الرياض 2024    رئاسة السعودية للقمة العربية 32.. قرارات حاسمة لحل قضايا الأمة ودعم السلام    ولي العهد يلتقي أمين الأمم المتحدة وملك الأردن ورئيس وزراء الكويت والرئيس السوري    وزير التعليم يشارك طلاب ثانوية الفيصل بالطائف يومهم الدراسي    المملكة والعراق توقعان مذكرة تفاهم في مجال منع الفساد ومكافحته    أمير القصيم يرفع «عقاله» للخريجين ويسلم «بشت» التخرج لذوي طالب متوفى    الرئيس الصيني يؤكد أن الحل في أوكرانيا سياسي    الشيخ بن حميد في منتدى "كاسيد": الإسلام يدعو للتسامح    " تطبيقية الرياض " تنظم المعرض السعودي للاختراع والابتكار التقني    "كواي" ابتكارات عالية التقنية تعيد تعريف التفاعل عبر مقاطع الفيديو القصيرة    ديربي النصر والهلال.. فوز أصفر غائب في الدوري منذ 3 سنوات    كيف جاءت نتائج 13 مواجهة بين الاتحاد والخليج؟    وقاية.. تقصّي الأمراض الخطرة وإعداد خطط الطوارئ    ولي العهد يصل المنامة لرئاسة وفد المملكة في القمة العربية    السعودية: ندين محاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا.. نرفض كافة أشكال العنف    أمانة الشرقية تؤكد على المنشآت الغذائية بضرورة منع تحضير الصوصات داخل المنشأة    أمير تبوك يرعى حفل جامعة فهد بن سلطان    اختتام الاجتماع الوزاري الثاني لمنتدى الحياد الصفري للمنتجين بمشاركة الدول الست الأعضاء بالرياض    الكشافة تُدرب منسوبيها من الجوالة على "مهارات المراسم في العلاقات العامة"    جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تحتفي بالفائزين بجائزة "تاج"    الرياض تستضيف النسخة الثالثة من القمة العالمية للذكاء الاصطناعي    نائب أمير الشرقية يستقبل وزير الاقتصاد والتخطيط    «الأرصاد»: رياح شديدة السرعة على عددٍ من محافظات منطقة مكة المكرمة    أمير المدينة يرعى تخريج البرامج الصحية ويترأس اجتماع المحافظين    أمطار على أجزاء من 6 مناطق    مدرب الأهلي يخضع فيغا لاختبارات فنية تأهباً ل"أبها"    "الخطيب": السياحة عموداً رئيسيّاً في رؤية 2030    سمو محافظ الطائف يرعى حفل افتتاح المجمع القرآني التعليمي النسائي    أمير تبوك يطلع على نسب إنجاز مبنى مجلس المنطقة    الأهلي يتحدى الهلال والاتحاد يبحث عن «النصر»    صفُّ الواهمين    «عكاظ» تنشر الترتيبات التنظيمية للهيئة السعودية للمياه    «الصحة» تدعو حجاج الداخل لاستكمال جرعات التطعيمات    «هاتريك» غريزمان تقود أتلتيكو مدريد للفوز على خيتافي في الدوري الإسباني    نريدها قمة القرارات لا التوصيات    حل وسط مع الوزراء !    محاولة يائسة لاغتيال الشخصية السعودية !    معرض"سيريدو العقاري"أحدث المشاريع السكنية للمواطنين    توثيق من نوع آخر    خادم الحرمين الشريفين يصدر عدداً من الأوامر الملكية.. إعفاءات وتعيينات جديدة في عدد من القطاعات    السفير الإيراني يزور «الرياض»    السلطات الفرنسية تطارد «الذبابة»    استمرار الجسر الجوي الإغاثي إلى غزة    إنتاج الصقور في الحدود الشمالية    "الدرعية" تُعزز شراكاتها الاقتصادية والسياحية    «الحر» يقتل 150 ألف شخص سنوياً    أمين العسيري يحتفل بزفاف نجله عبد المجيد    رحالة فرنسي يقطع ثمانية آلاف كلم مشياً على الأقدام لأداء مناسك الحج    رعاية ضيوف الرحمن    سقيا الحاج    تعزيز التعاون العدلي مع فرنسا وأستراليا    عبدالملك الزهراني ينال البكالوريوس    « سعود الطبية»: زراعة PEEK لمريض عانى من كسور الجبهة    لقاح جديد ضد حمى الضنك    مختصون يدعون للحدّ من مخاطر المنصّات وتقوية الثقة في النفس.. المقارنة بمشاهيرالتواصل الاجتماعي معركة خاسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهرجان لندن السينمائي الثاني والأربعين . شعر السينما وسينما الشعر
نشر في الحياة يوم 25 - 12 - 1998

مشاهد حفنة من الافلام الرئيسية في مهرجان لندن السينمائي الذي اختتم دورته الثانية والأربعين الشهر الماضي يخرج بانطباعات في مقدمها ان الفن لا يغسل عن الروح اوجاعها فحسب بل هو حرزها الواقي من الموت.
الشعر هو صنو الحياة وعمادها في "الخلود ويوم واحد"، ملحمة اليوناني ثيو انجلوبولوس التي كانت جناحه الى منصة الشرف في مهرجان "كان" الماضي، حيث اختطف "السعفة الذهبية". الشاعر المريض المتوسط العمر الكسندر يستعد للرحيل في سفر طويل والوحدة تخنقه. لا يجد الحنان لدى ابنته وصهره، لكنه يستمد بعض الدفء من شبح زوجته الراحلة الذي كثيراً ما يزوره.
تقوده المصادفة الى لقاء طفل ألباني تسلل الى شوارع اليونان، فتبدأ علاقة اثرت حياة الشاعر وولد من رحمها الفيلم.
على عادته، يضرب انجلوبولوس سرب عصافير بحجر واحد، يمضي بالمشاهد الى المنفى ويغوص به بعيداً في غياهب العزلة والذكرى. وهو في هذا وذاك لا يخون ادواته وأساليبه. يتكئ على الصمت ويزاوج بين الماضي والحاضر ويطعِّم الواقع بالاسطورة، وكأن الجدل في حد ذاته عنصر جوهري في الفيلم، وليس نافذة اساسية على هموم الشريط ودلالاته فحسب، والتوتر لا ينبع من العلاقة بين النقيض وحده بل من عناصر ومناخات وشخوص يستعيدها المخرج من أفلامه السابقة، على طريقة وليم فوكنر الذي دأب على التذكير في اعماله الجديدة بما كان نشره في روايات وقصص اولى.
الفيلم الشاعر
والشعر يؤدي دوراً اكثر ريادة في الفيلم البريطاني "بروميثيوس". لم ينظم صاحب الفيلم توني هاريسون "شعراً" سينمائياً على طريقة بازوليني وأنجلوبولوس، مع انه قدم حفنة من الاشرطة التليفزيونية، بل آثر على امتداد حوالى 35 عاماً تعاطي شعر الكلمة المكتوبة ووقع عدداً من المسرحيات الشعرية.
في "بروميثيوس" نعتز على باكورته السينمائية، والشريط الأول - في بريطانيا على الأقل - الذي يبدعه شاعر بالمعنى المألوف للكلمة. فضلاً عن هذا، يعتبر الفيلم القصيدة الانكليزية الأولى المنظومة للشاشة الكبيرة، بمعنى ان كل كلمة فيه تقريباً هي شعر منظوم ومُقفى! لماذا؟ تأتي في طليعة الاسباب رغبة هاريسون في تعزيز البعد الاسطوري لفيلم يستمد نسغه الأساسي من الميثولوجيا، كما يدل العنوان.
الشعر في رأي المخرج، كالنار "قوة كبرى" واداة تغيير من شأنها ان تجعل "عالم الآلهة ملكاً لنا" نحن البشر. كيف اذاً لا يكون الشعر حاضراً بقوة في فيلم يقبس جذوته الأساسية من النار الميثولوجية ليسلط الضوء على اللحظة المعاصرة؟
سينما ما بعد الحداثة
وربما يكون الخيال، الموسوم بالابتسامة، درعاً واقية ضد الموت كما ادرك بطل فيلم "الحياة جميلة". فذاك اليهودي الذي ينتهي به الامر في معسكرات الاعتقال النازية مع ابنه الصغير، ويؤدي دوره مخرج الفيلم الايطالي روبرتو بنيني، لا يجد سوى الفكاهة والتهريج كي يحول انظار طفله عن الموت المحدق. وهو في ذلك يسعى الى انقاذ نفسه. خلاص الطفل يعني خلاص ابيه، فهذا يستمد حياته من حياة عائلته الصغيرة.
ومع ان الرجل يخسر الرهان ويسقط برصاص الجنود النازيين، يبقى طفله في منأى عن الحقيقة الرهيبة بفضل "تمثيليات" ابيه المتمرس في ابتكار الكوميديا.
موهبة بنيني تتفتق عن حركات ومواقف تهدد احياناً بتحويل الفيلم الى مهزلة، خصوصاً قبل ان تبدأ محنته الحقيقية في المعتقل، وتطمس جانباً من تراجيدية الحدث. مع ذلك، يمثل العمل مقاربة اصيلة لمأساة تصعب الاحاطة بها.
في شغب بنيني شيء من تمرد ما بعد الحداثة وميلها للاتكاء على السخرية وسيلة لكسر الانطباع التقليدي بأن النص منتهٍ وثابت.
المخرج الفرنسي المعروف كلود ليلوش يوغل اكثر من زميله الايطالي في عالم ما بعد الحداثة، وان اختار سمة اخرى من سماتها محوراً لشريطه اللافت "فرص ومصادفات". فبدلاً من السخرية، نجد الكذب، بتجلياته، حاضراً بقوة في شريط ليلوش الذي يقدم، على طريقة ما بعد الحداثة، حجة فلسفية ووجودية على خواء الحقيقة او صعوبة القبض عليها لأنها غير موجودة. هكذا يغدو الكذب مرادفاً للحياة في فيلم تبدو كل حركة او كلمة فيه محسوبة بدقة شديدة.
ضياع... في المغرب
يعرض المخرج الاسكتلندي ماكينون عددا من نماذج الغربي الضائع والمفتون بشمال افريقيا. ويرسم تفاصيل مسرح الاحداث بانصاف ربما فاق الانصاف الذي أبداه برتولوتشي في "السماء الواقية" حيث الاكزوتيكية والغموض اللذان اتهم بهما الشرق تقليدياً، حاضران كسمتين بارزتين.
صحيح ان جوليا تائهة، كل همها الابتعاد عن زوجها، الحبيب الخائن، وليس القبض على "الحقيقة" الصوفية. وصحيح ان تعاملها مع طفلتيها يفتقر الى كثير من النضج. لكنها تكن احتراماً شديداً، على عفويته، للمكان وثقافته. ولعلها تنشد اساساً، كغيرها من الغربيين الهائمين في شمال افريقيا، النسيان الذي تعد به اغنية شهيرة يستعملها المخرج خلفية لبعض المشاهد: "في الصحراء تنسى اسمك"!
وإذا كان الغربيون متيمين بالمغرب من غير ان يفهموه، فكيف يبدو المغرب وناسه في فيلم ماكينون؟ طبيعي انه كان في حاجة الى بعض البهار الاكزوتيكي كي يضع المشاهد في عالم المكان ومناخه المميز.
عدا ذلك نجد بلال، صاحب الشخصية الايجابية بامتياز يسرق ويعرض نفسه للخطر كي يؤمن لجوليا ثمن بطاقات السفر الى لندن لمعالجة ابنتها المريضة، ورجال دين يفيضون بالحكمة والهدوء الروحي. ولا يفوته ان يقدم شخصية "مثقف" تبدو عليه الرصانة المفرطة، وبعض جوانب الحياة المحلية الأقل بهاء. ولأنه لا يسعى الى اغراق المديح المجاني على المغرب، نرى مثلاً عاهرات ثلاثاً يسرقن بنطال جوليا ويحاولن ازعاجها لاعتقادهن الخاطئ بأنها ستنافسهن على الزبائن. الطريف في امر اولئك الساقطات انهن دفعن البعض لاتهام المخرج الاسكتلندي بتشويه صورة المجتمع المغربي، وكأن من الممكن فهم الشخصية في معزل عن سياقها ودلالاتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.