من الأشياء الجميلة التي يتميز بها الشعب العراقي، هي ان لديه ذاكرة أقوى من ذاكرة غوغل وأبل ماكنتوش وكل منتجات بيل غيتس، ذلك أنهم استطاعوا ان يعروا ويفضحوا أغلب ساسة المنطقة الخضراء، بدءاً من بيان جبر صولاغ وعلي يزدي، وصولاً إلى نوري المالكي وموفق الربيعي. أحد هؤلاء كان إلى قبل ثماني سنوات مشرداً في ساحة المرجة بدمشق، اشترى ولده عقاراً في دبي بتاريخ 20 كانون الثاني (يناير) 2011 بقيمة 230 مليون درهم إماراتي. العراقيون الشرفاء يوثقون مثل هذه التجاوزات تحسباً ليوم تعاد فيه هذه السرقات إلى الشعب العراقي الجائع. العراقيون يعرفون أيضاً، أن المالكي لا يحق له ان يصبح رئيساً للوزراء، وهو ذاته يعلم لماذا، وهذا أمر لا يعنيني بما أن العراق بكامله أصبح محمية لإيران وأزلامها في المنطقة الخضراء، ما يهمني هنا هو التجبر الذي وصل إليه المالكي وهو الذي كان يعمل «جايجياً» لدى بعض قيادات إيران إلى وقت قريب، بالأمس نضح المالكي كل ما فيه من طائفية وهو يشتم السعودية والكويت والبحرين على خلفية المظاهرات في البحرين. قبل أيام وفي مهرجان في الجامعة المستنصرية ببغداد، قال المالكي تعليقاً على أحداث البحرين: «الطواغيت جبناء (...) رأينا كيف يتعاملون مع المطالبين بحقوقهم بشكل سلمي في ليبيا والبحرين والسعودية»، هذا كلام لا يمكن أن يصدر إلا عن شخص «طائفي» خصوصاً في ما يخص السعودية»، التي نظمت جولة للصحافيين الأجانب في الرياض في ذات اليوم الذي دعا فيه سفيه يدعى حنين محمود القدو من طائفة الشبك الكردية إلى التظاهر في السعودية. ليس من حق المالكي الذي التف على الانتخابات وقمع مظاهرات العراقيين بالسلاح أن يزايد على أهل الخليج. على المالكي أن يتفقد سجونه السرية قبل أن يصبح ضيفاً عليها، لا أن يتدخل في شؤون جيرانه. عرب الخليج يا مالكي أرسلوا قوات لحماية المنشآت الحيوية في البحرين بناءً على اتفاقات أمنية موقعة بين دول الخليج منذ عقود، صحيح أن المالكي تراجع عن تصريحاته الطائفية، لكنه وكما يقول المثل: «بغى يكحلها عماها»، حيث قال في لقاء مع تلفزيون «بي بي سي» البريطاني: «البحرين تختلف عن ليبيا ومصر (....) القضية أصبحت بين سنة وشيعة ودخول قوات من دول عربية مصنفة سنية على جانب الحكومة السنية في البحرين وضع الشيعة أمام حالة وكأنها حشد سني ضد الشيعة». لا أدرى لماذا لم يسأل المالكي نفسه قبل اللقاء، لماذا التف هو وأزلام إيران على قائمة إياد علاوي التي فازت بالانتخابات العراقية؟ أليس لأن علاوي علماني تبنى مطالب وطنية بعيداً عن التخندق الطائفي؟ لماذا لم يسأل المالكي نفسه قبل أن يصفنا ب «الطواغيت»، لماذا قمع العراقيين الذين تظاهروا في بغداد وغيرها من المحافظات بقوة السلاح، وقال إن «إرهابيين اندسوا في صفوف المتظاهرين»؟ أليس لأنه خائف من أن يفضح المتظاهرون فساد حكومته؟! من هنا أتمنى على جميع دول الخليج العربي أن تقاطع القمة العربية المقرر انعقادها يومي 10 – 11 أيار (مايو) المقبل في بغداد، وهذا هو الرد السياسي الأمثل على تصريحات المالكي الطائفية وغير المحترمة. المالكي يصر هو وغيره من ساسة العراق على عقد القمة العربية في بغداد لتحقيق مكاسب سياسية لحكومته غير المنتخبة، وعلى دول الخليج ان تقاطع هذه القمة وإن لم يكن ذلك ممكناً فعلى الأقل تقليل التمثيل الخليجي في هذه القمة إلى أدنى حد، بهدف عدم تبني قراراتها، خصوصاً وأن زعماء عرباً كثيرين سيغيبون عن القمة بسبب الأحداث الجارية في المنطقة العربية. المالكي بدأ منذ ولايته الأولى السير باتجاه الحكم الديكتاتوري، وبدأ يتصرف وكأنه ديكتاتور جديد، واعتقد أن مقاطعة القمة العربية في بغداد من دول الخليج وإعلان ذلك بشكل واضح ومسبب، سيحد من طموحات المالكي الديكتاتورية وسيجعله يبقى في حدود مقره في المنطقة الخضراء.