حرمة المسجد الحرام ومكةالمكرمة لم تمنع الإرهابيين من استهدافهما في العشر الأواخر من شهر رمضان، لكن يقظة رجال الأمن في السعودية كانت لهم بالمرصاد، إذ أحبطت حادثة إرهابية استهدفت الحرم المكي الشريف ومرتاديه في ليلة ختم القرآن أول من أمس (الجمعة). والحادثة الإرهابية التي أحبطها رجال الأمن في حي أجياد المصافي الذي لا يبعد عن الحرم المكي سوى 800 متر مربع، عادت بالذاكرة للوراء 365 يوماً، وتحديداً يوم 29 من شهر رمضان الماضي، الذي تم فيه إحباط عملية مماثلة كانت تستهدف المسجد النبوي. الإرهابيان كانا يلبسان حزامين ناسفين، وكلاهما فجر نفسه ليعيد التاريخ نفسه للتنظيمات الإرهابية التي لا تعترف بقدسية الحرم المكي الشريف والمسجد النبوي وبحرمة مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة، إذ حرم القتال فيهما. هذا ما أكده عضو مجمع الفقه الإسلامي الدكتور حسن سفر في حديثه ل«الحياة»، قائلاً: «إن للمسجد الحرام في مكةالمكرمة والمسجد النبوي الشريف في المدينةالمنورة حرمة، ولا يجوز القتال فيهما، واستهدافهما من التنظيمات الإرهابية انتهاك لحرمتهما الواردة في تعاليم الدين الإسلامي». ولفت إلى أن ما تقوم به التنظيمات الإرهابية من انتهاك لحرمة شهر رمضان المبارك والعشر الأواخر، بالتخطيط لأعمال إرهابية تستهدف الأماكن المقدسة لدى المسلمين يعد إفلاساً. وزاد: «الأماكن المقدسة في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة لها حرمتها في الدين الإسلامي، كما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية، التي أوضحت أن هذه المساجد آمنة وملاذ للآمنيين، والاعتداء عليها بأعمال إرهابية من فعل كافر وليس مسلماً». مشيراً إلى أن العمليات الإرهابية التي تستهدف الأماكن المقدسة لدى المسلمين لا تراعي قدسيتها ولا قدسية الشهر الفضيل ولا الدين والتشريعات السماوية، واستطرد بالقول: «إن هذه الأفعال تعد من الأفعال الشنيعة والجرائم الخطيرة التي فيها انتهاك لحرمة المسجد الحرام». فيما لفت إلى أن الإرهابيين حاولوا محاولة فاشلة العام الماضي في الأيام الفضيلة لانتهاك حرمة المسجد النبوي في 29 من شهر رمضان الماضي، وقال: «هذه الأفعال الدنيئة التي تقوم بها التنظيمات الإرهابية تعد نوعاً من الافتقار الديني الذي يعري صاحبه». وأكد سفر أن الحكومة السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، تعمل جاهدة على توفير السبل كافة لراحة زوار بيت الله الحرام والمسجد النبوي، وسخرت إمكاناتها لتوفير الراحة والأمان لهم. في المقابل، أوضح الخبير الأمني الدكتور يوسف الرميح في حديثه ل«الحياة»، أن استهداف المسجد الحرام في ليلة ختم القرآن يعد رداً لكل من يحاول الدفاع عن تلك التنظيمات الإرهابية، التي تسعى لنشر الفوضى والدمار وقتل الأبرياء حتى في أقدس الأماكن الإسلامية وهي المسجد الحرام. وقال: «إن الإرهاب لا يعترف بقدسية الأماكن المقدسة، وهؤلاء الإرهابيون يغفلون ما حرمه الله، إذ أرادوا قتل أبرياء آمنيين في المسجد الحرام الذي هو قبلة المسلمين وله مكان في قلب كل مسلم، ما يؤكد أن الجماعات الإرهابية هي جماعات متوحشة تريد سفك دماء الأبرياء ونشر الفوضى والدمار». وأشار إلى أن الجماعات الإرهابية تحاول جاهدة إحداث بلبلة في المجتمعات الآمنة، وقال: «محاولة تلك الجماعات الإرهابية زعزعة الأمن بأية طريقة وبأي أسلوب، من خلال تخطيطها لإحداث تفجيرات هو نوع من الشرور، ولاسيما أن المساس بالأماكن المقدسة والتخطيط لعمل إرهابي من الصعب السكوت عنه». وفي السياق ذاته، أشار المتحدث الأمني لوزارة الداخلية إلى أن الجهات الأمنية تمكنت في صباح أول من أمس (الجمعة) من إحباط عمل إرهابي وشيك، كان يستهدف أمن المسجد الحرام ومرتاديه من المعتمرين والمصلين من مجموعة إرهابية تمركزت في ثلاثة مواقع. وأوضح أن أحد المواقع كان في محافظة جدة، والآخرَين بالعاصمة المقدسة، فالأول بحي العسيلة، والثاني بحي أجياد المصافي الواقع داخل محيط المنطقة المركزية للمسجد الحرام، وهو عبارة عن منزل مكون من ثلاثة أدوار، كان يوجد بداخله الانتحاري المكلف بالتنفيذ، الذي بادر فور مباشرة رجال الأمن محاصرته بإطلاق النار باتجاههم، ما اقتضى الرد عليه بالمثل لتحييد خطره بعد رفضه التجاوب مع دعواتهم له بتسليم نفسه، واستمر في إطلاق النار بشكل كثيف، قبل أن يقدم على تفجير نفسه، ما نتج عنه مقتله وانهيار المبنى الذي كان يتحصن بداخله وإصابة 6 من الوافدين نقلوا على إثرها للمستشفى، إضافة إلى إصابة 5 من رجال الأمن بإصابات طفيفة. وبين المتحدث الأمني أن العملية الأمنية أسفرت عن القبض على 5 من عناصر الخلية بينهم امرأة، بعد دهم مواقعهم المشار إليها آنفاً، لافتاً إلى أن مصلحة التحقيق تقتضي عدم الإفصاح عن أسمائهم، وخصوصاً أن الجهات الأمنية لا تزال تباشر تحقيقاتها ورفع الأدلة المختلفة في مكان التفجير والتثبت من هوية الانتحاري.