أصدرت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد قراراً يقضي بحسم خمسة أيام من صافي راتب «موظف» بالمرتبة السابعة يعمل في أوقاف مكة بسبب إفشائه الأسرار التي يطلع عليها بحكم عمله ومخالفته للفقرة (ه) من المادة 12 وكذلك الفقرة (ب) من المادة 11 من نفس النظام.واتخذت الوزارة قرارها (حصلت «الحياة» على نسخة منه) بعد النتائج التي قدمتها لجنة التحقيق التي كلفت بالتحقيق مع الموظف في وقت سابق بسبب ما نشر في بعض وسائل الإعلام حول القضايا التي كان الموظف طرفاً فيها وصدرت فيها أحكام شرعية وأخرى لا تزال منظورة لدى المحاكم الإدارية. وانطلقت الأسرار بدءاً من شكوى تقدم بها الموظف إلى الجهات المختصة كشف من خلالها تجاوزات في فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف في جدة، أسهمت في إهدار المال العام بقصد الاستفادة منه استثمارياً لدى البنوك والدخول به في عملية شراء الأسهم الخاصة بمسؤولين بمبالغ تصل إلى مليون ريال. وأسفرت نتائج التحقيق التي أجراها ديوان المراقبة العامة حينها عن وجود عجز مالي بمبلغ يصل إلى أكثر من 300 ألف ريال، تم تسديده بموجب سند القبض رقم 42208/418 بمبلغ 180.982 ريالاً وسند القبض رقم 19298/418 بمبلغ 135 ألف ريال، إضافة إلى اكتشافه عدم تبليغ إدارة الأوقاف ديوان المراقبة بهذا العجز فور اكتشافه مخالفة المادة ال 17 من نظام الديوان التي تقضي «بأن على الجهات الخاضعة لرقابة الديوان إحاطته فور اكتشافها لأي مخالفة مالية أو وقوع حادثة من شأنها أن تترتب عليه خسارة مالية للدولة وذلك من دون إخلال». كما تضمنت النتائج، تأخر في إيداع شيك السلفة المستديمة رقم 11649 بمبلغ 50 ألف ريال لأكثر من ستة أشهر، وتأخر في إرسال يوميات والاكتفاء لقسم المحاسبة لمراجعتها بتسجيل المبالغ المستلمة، وعدم انتظام المحاسبة في القيد والترصيد في يومية الصندوق، وكذلك عدم الترحيل الصحيح من شهر إلى آخر. وتواصلت الأسرار بتسجيل المحكمة الإدارية في منطقة مكةالمكرمة دعوى أخرى للموظف ضد إدارة أوقاف جدة بعد أن تمت ترقيته إلى المرتبة السابعة بمسمى «رئيس قسم الاستثمار»، إلا أنه لم يمكّن من مباشرتها، وتم نقله إلى الفرع الرئيس في منطقة مكة، حيث طالب فيها بتمكينه من وظيفته المرقى إليها. وانتهت الأسرار التي جرى فيها التحقيق بالقضية التي لا تزال منظورة في المحكمة الجزئية في المحافظة الساحلية بعد أن أعادتها محكمة الاستئناف التي قدمها مدير أوقاف جدة فهيد البرقي ضد الموظف نفسه التي صدر فيها حكم تضمن سجن الموظف مدة شهرين وجلده علناً 60 سوطاً، وتم رفعها إلى محكمة الاستئناف التي بدورها نقضت الحكم وإعادته إلى المحكمة الجزئية مرة أخرى. وطالب الموظف في لائحة رده على الدعوى بتعزير المدعي (المدير العام) بالحق الخاص وفقاً لنص المادة (4/7) من نظام المرافعات الشرعية، وإلزامه بالتعويض عن الأضرار الأدبية والمعنوية التي أصابته جراء اتهامه زوراً وبهتاناً، إضافة إلى إلزامه بالحق الخاص بالمصاريف ومقابل الأتعاب التي تكبدهما لدفع هذا الظلم والاعتداء الصارخ الواقع ضده. وفي تعليقه على القضية، قال المحامي والمستشار القانوني خالد أبو راشد: «لا يحق لنا أن نحكم بما إذا كان هذا القرار (وأقصد قرار الحسم) صحيحاً من عدمه لأن ذلك يعود للجهة القضائية المختصة وفقاً لما يتضح لها من أدلة»، مشيراً إلى أن الحقوق العامة المكفولة للموظف أنه يحق له أن يعترض على هذا الإقرار إلى وزير القطاع ثم إلى ديوان الخدمة المدنية وأخيراً إلى ديوان المظالم الذي يكون قراره نهائياً في هذا الأمر». بدوره، أكد المحامي والمستشار القانوني أحمد جمعان المالكي أنه إذا كان ما أدلى به الموظف من أسرار المحاكمات فإن الجهة المختصة بمساءلته تكون هي الجهة التي تتولى محاكمته أي المحكمة المختصة بنظر قضيته، لافتاً إلى أنه لا يجوز لمرجعه الوظيفي التدخل في هذه الحال، إذ إن المحكمة هي صاحبة الحق في منعه من التصريح أو محاسبته. وأضاف: «أما إذا كان ما أدلى به الموظف لا يعتبر من أسرار المحاكمات بل نقداً أو لوماً لجهة عمله فيحق لمرجعه الوظيفي مساءلته وإصدار العقوبة المناسبة له وفق المادة ال11وللموظف الحق في الاعتراض على قرار العقوبة في المواعيد والمدد المنصوصة في قواعد المرافعات والإجراءات أمام ديوان المظالم». وأشار المالكي إلى أن المادة ال11 من اللائحة التنفيذية لنظام الخدمة المدنية نصت صراحة على حظر قيام الموظف بتوجيه النقد أو اللوم إلى الجهات الحكومية بأية وسيلة من وسائل الإعلام المحلية والخارجية، ولا شك أن النص واضح وصريح، وليس بحاجة إلى تفسير أو قياس حتى ولو لم نتفق معه، كما أن نظام المطبوعات والنشر يحظر إفشاء أسرار التحقيقات والمحاكمات إلا بإذن من الجهة المختصة بالتحقيق أو المحاكمة. وبما أن نظام المطبوعات والنشر لم يحدد ما يعتبر من الأسرار من عدمه، أوضح المالكي أن الجهة المختصة بالتحقيق أو المحاكمة تكون هي الجهة المخولة بتحديد هذه الأسرار.