يصنف التزوير ضمن الجرائم الأكثر انتشاراً في السعودية، على رغم العقوبات المشددة التي سنت لمكافحة هذه الجريمة، التي يلجأ إليها المحتالون ممن يرغبون في الالتحاق بوظيفة ما إلى تزوير شهادات رسمية أو علمية. ولا يقتصر التزوير على الشهادات، بل يشمل وثائق أخرى. إلا أن هناك وثائق سعودية يجد المحتالون صعوبة في تزويرها، من بينها الهوية وجواز السفر والعملة، إذ تمنع الخصائص الأمنية في الجواز السعودي تزويره مطلقاً، بحسب ما أكدته المديرية العامة للجوازات في وقت سابق، لافتة إلى أن نسبة الجوازات المزورة «شبه منعدمة». والأمر نفسه ينطبق على «هوية مقيم» التي أكدت «الجوازات» استحالة تزويرها أو التلاعب بها، نظراً إلى خصائصها الأمنية العالية، وتتميز الهوية بربط جميع المعلومات الخاصة بالوافد إلكترونياً. وتشكل العُملة السعودية أيضاً «تحدياً» للمزورين، وذلك بحسب أحد أشهرهم في الشرق الأوسط عماد ناصر، الذي اعترف خلال ظهوره في مقابلة مع محطة «MTV» اللبنانية في العام 2014، بأن «الريال السعودي أصعب عملة على وجه الأرض يمكن تزويرها». ويرجع ذلك إلى احتوائه على أعلى عدد من العلامات الأمنية على مستوى العالم، منها شريط فضي وأحبار وأشكال ثلاثية الأبعاد، إضافة إلى علامات مائية تقليدية وبارزة تساعد المكفوفين على التعرف عليها. وشهدت المملكة خلال السنوات الأخيرة عمليات تزوير متعددة لشهادات ودرجات علمية في الطب والهندسة والقانون وغيرها. وكشف عضو مجلس الشورى الدكتور موفق الرويلي، وهو أحد البارزين في ملف محاربة «الشهادات الوهمية»، أن إحدى الجامعات أصدرت 6 آلاف شهادة وهمية في درجة الدكتوراه، وحوالى 3800 شهادة في الماجستير والبكالوريوس، بحسب ما أورده موقع «العربية نت». وعٌوقب شابان سعوديان بالسجن والغرامة، بعد ثبوت اتهامها بالتزوير، أثناء محاولتهما تصديق شهادتهما، بعدما ادعيا أنهما كانا ملتحقين بجامعة أميركية بنظام «الدراسة عن بعد»، وحصلا على الشهادة، إلا أنهما أبلغا أن ختم السفارة السعودية في أميركا على الشهادة «مزوراً». وكشفت الأعوام الأخيرة تزوير آلاف الشهادات الهندسية، ما ترتب عليه تعثر مشاريع كثيرة. وأوقفت الهيئة السعودية للمهندسين عدد ممن انتحلوا المهنة بتلك الشهادات أو بشهادات لا تحقق الحد الأدنى، تجاوزت ال30 ألف شهادة، أُبعد إثرها المزورين المقيمين، فيما لا يوجد إجراء في حق المزورين من السعوديين. ومن أطرف القضايا التي كشفتها الهيئة، قيام أحد الوافدين بتزوير شهادته ليعمل في مكتب هندسي بالرياض، واكتشفت الهيئة ذلك، وأنه «أمي» أيضاً. فبادر الوافد إلى تغيير مهنته إلى أخرى غير هندسية من دون الرجوع إلى كفيله، ليقوم بعدها بتهديد الهيئة وتحدي مسؤوليها بعدم قدرتهم على اتخاذ إجراء قانوني ضده. ومن بين القضايا التي شغلت الرأي العام لفترة طويلة، تزوير توقيع وزير العمل الأسبق عادل فقيه لأكثر من ألف تأشيرة عمل في العام 2014، اُتهم فيها آنذاك مسؤولون في وزارات عدة، هي: التعليم العالي، والمياه، والعمل. ويعمد مزيفون إلى تزوير شهاداتهم للعمل ممارسين صحيين، ورصدت الهيئة العامة للتخصصات الصحية أكثر من 2700 شهادة مزورة، منها 70 شهادة لأطباء، بعدما استعانت بشركة أميركية للتحقق من تلك الشهادات. ولم تسلم الشهادات القانونية من التزوير، إذ كشفت وزارة العدل عن توافر معلومات لدى جهات رقابية بحصول محامين ومستشارين قانونيين على شهادات عليا من جامعات «وهمية» غير معتمدة عالمياً ومحلياً، لافتاً إلى استفادة هؤلاء الأشخاص من الألقاب الأكاديمية في التعريف بهم، وضمنوها سيرهم الذاتية. وفي ما يخص التزوير التجاري، زورت منشآت علامات وملصقات بلد المنشأ على السلع الغذائية والاستهلاكية، والأدوات الكهربائية والإلكترونية والسباكة والعطور ومراتب الأسرة، إضافة إلى مواد البناء، وتم استبدال ملصق «صنع في الصين» بآخر يحمل عبارة «صنع في ألمانيا»، التي كشفتها جولات رقابية لوزارة التجارة والاستثمار في العام 2014. ويعاقب النظام مرتكبي التزوير بالسجن من عام إلى سبعة أعوام، وغرامة تصل إلى 700 ألف ريال، بينما يعاقب من زور محرراً منسوباً إلى الملك أو ولي العهد أو رئيس مجلس الوزراء أو أحد نوابه بالسجن لعشرة أعوام في الحد الأعلى وغرامة لا تتجاوز المليون.