أُمِرنا بإفشاء السلام بين من نعرف ومن لا نعرف، وهي لحكمة إلهية توفر التقارب النفسي وتزرع الطمأنينة داخل النفوس البشرية التي لا تختلف في الغالب عن بعضها في طبيعتها الإنسانية. يؤسفني جداً ما سأكتبه ولكن سأكتبه لغرض واحد فقط هو مراجعة واقعنا لنعلم أين يقع الخلل ولماذا أصبحت تصرفاتنا محاطة بسياج من الشك والريبة والتساؤل وربما نظرات الاستغراب على رغم أن السلام والتحية أمر إلهي أكده أيضاً رسولنا الكريم فلماذا تحول ليصبح غريباً وباهتاً ومثاراً للشك وربما يخرج بادئ السلام بانطباع غير مريح يجعله يحجم مرة أخرى عن الفعل نفسه. كيف حالك أو (هالو) أو حتى (هاي) مجردة هي كل ما تسمعه أثناء سيرك في الخارج وخصوصاً في غير البلدان العربية؟ تحية مصحوبة بابتسامة عريضة تجعلك لا شعورياً تجيب بالطريقة نفسها وربما أفضل منها رداً على تحية عابرة تجلب معها السعادة والفرح وتضفي نوعاً من التواصل المحبب. من الذي علّمهم أن يبدأوا الغير بالتحية، ولماذا هم يتفوقون علينا في هذا المجال أيضاً؟ لا أميل لجلد الذات ولكنها مواقف لاحظتها كثيراً ولاحظها غيري مراراً وتكراراً. نحن في العادة نفرح عندما نجد في الخارج من يتحدث العربية أو من يرتدي الحجاب وكعادتنا البشرية نبتسم له ربما فرحين أن هناك من يتحدث اللغة نفسها ويدين بالدين نفسه. نفاجأ أن الرد باهتاً لا يساوي كمية الفرح التي ظهرت على محياك بعد أن قمت بإلقاء تحية الإسلام كاملة كما أمرنا بها الله لتفاجأ برد مختصر وعليكم فقط وربما رد خال من الابتسامة أيضاً وبوجه عبوس متجهم. لم أكتب عن مرة واحدة ولا أحب التعميم، ولكن ملاحظات عدة ومتكررة وفي أكثر من موقف أيدته بملاحظات أخرى من بعض معارفي. بعضهم أفاد لا نستطيع السلام على أسرة فلربما (تضايق الرجل) أو شك في أننا نضايق زوجته أو نخبره بصورة ما أننا رأينا وجهها وعرفناه. ولا نستطيع أن نسلم على رجل بمفرده خوفاً من أن يفهم سلامنا خطأ ولا نستطيع أن نسلم على امرأة بمفردها خوفاً أيضاً من أن تفهمنا خطأ لذلك من الأفضل التجاهل التام والتعامل أنك لم تشاهدهم ولم تعرفهم ولم تشك ولو لحظة أنهم عرب أو مسلمين أو سعوديين أيضاً. سؤالي هو لماذا تنتشر هذه العادة الجميلة خارج الوطن، وتتضاءل داخله لماذا نسعد بمجاملة لطيفة من أشخاص لا نعرفهم ليس هدفها أي شيء مطلقاً سوى التواصل الإنساني لماذا نذهب إلى بعض المحال التجارية، ونسأل عن كل شيء ثم نغادر من دون أن نشتري مصحوبين بابتسامة جميلة من البائع أو البائعة مع اعتذار أنك لم تجد ما ترغب في شرائه في محلهم. وبالطبع هذا السلوك يستحيل مجاراته في البلدان العربية التي تؤمن بأنك ما دمت دخلت المحل إذن من المفترض إن تشتري وإذا لم تشتر، ربما لا تسلم من عبوس البائع وربما بعض تعليقاته اللاذعة. و«عليكم» جملة نحتاج إلى مكاشفة ومراجعة لنعرف من خلالها لماذا نحن مختلفون ولماذا نحينا جانباً الأمر الإلهي! [email protected]