في غير السعودية إن رغبت في مشاهدة فيلم سينمائي، لا يحتاج الأمر إلى أكثر من الوقوف في طابور قصير، وقطع تذكرة بمبلغ في متناول اليد، وحمل كيس كبير من «الفوشار» ومشروب بارد، ثم انتقاء مقعدك داخل قاعة السينما، والاستسلام لشاشتها العريضة ساعتين كاملتين وسط ظلام يتخلله نور طفيف. لكن في السعودية يتخذ الأمر شكلاً آخر، إذ لا دور سينما، ولا محال فيديو «رسمية» يمكنها إتاحة هذه الأفلام للبيع قبل مرور عام على عرضها، في السينما. هذا الوضع يمكن حله في طريقتين لا ثالثة لهما، الأولى شراء نسخة مسربة من الفيلم، «رديئة الصوت والصورة» ومسجلة على قرص مضغوط، بقيمة لا تتجاوز 10 دولارات، أو الاتصال هاتفياً أو إلكترونياً بمواقع توفير الأفلام التي تنتشر على شبكة الإنترنت، وتحديد خياراتك من قوائم الأفلام المعروضة، وإيداع المبلغ في حساب مصرفي محدد إن كان المشتري خارج مدينة صاحب الموقع، ليتسنى إرساله له من طريق البريد التجاري السريع، أو يتم التسليم يداً بيد إن كان المشتري والبائع يقطنان المدينة نفسها. لكن الأفلام الجديدة، تكون عادة أغلى من القديمة، لعدم توافر ترجمة عربية لها بسهولة، وهو ما يدفع أصحاب هذه المواقع إلى ترجمتها، للحصول على مشترين أكثر. ويحرص الشباب السعوديون ذكوراً وإناثاً على متابعة الإصدارات الجديدة، التي يتزايد الطلب عليها في ظل قصور واضح من المنتجين في توزيع تلك الأعمال في شكل سريع على أقراص مدمجة ضمن إطار قانوني يحمي حقوق ملاكها أدبياً وفكرياً. ويقول سلطان محمد وهو أحد مالكي مواقع ترويج الأفلام الأجنبية: «على رغم أننا من خلال الموقع نهدف إلى الربحية، نحس بسعادة كبيرة من خلال العمل الذي نقوم به، إذ يشعرك العملاء غالباً بالامتنان الكبير للخدمات التي نقدمها ولا يمانعون أبداً في دفع الرسوم المترتبة عليها أياً كانت مرتفعة». ويضيف: «من خلال الإعلانات الترويجية التي بدأت ظاهرتها تنتشر في الفترة الأخيرة على القنوات الفضائية لتسويق أعمال معروضة في دور عرض عربية أو خليجية، أصبح الطلب متزايداً، إذ يرغب كثيرون من الشباب في مواكبة تلك الأعمال ومتابعة جديدها، وهو ما نقوم بتوفيره دائماً». أما سعود خالد، وهو مترجم يعمل لمصلحة موقع يسوق أفلاماً، فيضطر أحياناً إلى العمل لساعات طويلة أملاً في إنجاز ترجمة فيلم جديد «لكنني في الغالب أعجز عن تسليم فيلم واحد بترجمة كاملة قبل يومين على أقل تقدير، إذ تستغرق ترجمة أي فيلم 12 ساعة وهو ما يصعب القيام به خلال يوم واحد». ويستدرك: «يرغب بعض العملاء في الحصول على أفلامهم سريعاً، ما يدفعنا إلى العمل في شكل جماعي على ترجمة فيلم واحد، فيما البعض الآخر يغضون الطرف عن الترجمة، إذ يريدون فقط الحصول على الفيلم في أسرع وقت حتى من دون ترجمة، وهو ما لا نمانعه أبداً». ظاهرة انتشار المواقع في الفترة الأخيرة وضعت المحال المختصة في بيع وتسويق الأفلام في موقف منافسة ضعيف وهو ما يشدد عليه فهد السالم مالك محل بيع أشرطة الفيديو. ويقول: «نحاول كثيراً مجاراة تلك المواقع وتقديم الأفلام نفسها، لأنها تشكل تهديداً حقيقياً لنا، خصوصاً أننا نضطر إلى تحمل إيجارات شهرية لمحالنا على عكسهم، ما يعني خسارة يومية بالنسبة إلينا وقد تكون فادحة في بعض الأحيان». وعلى رغم أن القوانين في السعودية تشدد على حماية الحقوق الأدبية والفكرية من خلال تحريم بيع الأفلام المنسوخة إلا أن فهد يقول انه مضطر إلى اللجوء إلى ذلك الحل في ظل شدة المنافسة: «النسخ الأصلية اليوم تحتاج إلى وقت طويل قبل صدورها وهو ما يعني مزيداً من التأخير الذي يرفضه الزبائن في ظل متابعتهم الدائمة لإعلانات الأفلام الجديدة ما يدفعنا إلى تسويق النسخ في الخفاء وبيعها رغبة منا في تلبية تلك الطلبات، على رغم الخطورة القانونية التي تترتب على هذا الأمر». ولا يعير الشباب ممن يقتنون هذه الأفلام اهتماماً بالحقوق الأدبية أو الفكرية لأصحابها، ويقول محمد عبد الهادي: «أصبحت في أحيان كثيرة مثار سخرية لزملائي، خصوصاً الأجانب منهم في السفر، إذ أفضل البقاء في دور العرض ومتابعة أربعة عروض متتالية طوال تسع ساعات على زيارة مناطق سياحية في بلد أزورها للمرة الأولى». ويضيف: «في ظل غياب تلك الفرصة في السعودية وبقائي بعيداً عن تلك الدور معظم فترات السنة فأنا محتاج - باعتباري متابعاً - إلى التنازل عن المتع التي تقدمها صالات السينما بشاشاتها الضخمة ومكبرات صوتها المميزة ومتابعة الأفلام التي تعجبني في أجواء أقل زخماً، ولا يعنيني بأي شكل حقوق أصحابها، كل ما يهمني هو متابعة الأفلام حالي في ذلك حال كثيرين من الشباب حول العالم».