أعادت الحملة الصيفية للتوعية ومحو الأمية التي تنفذها وزارة التربية والتعليم، ممثلة في إدارتها في منطقة تبوك منذ شهرين، 450 مسنًّا ومسنة إلى مقاعد الدراسة في سبعة مراكز بقطاعي الجهراء وتيماء. وجاء ذلك وسط طموحات تتطلع إلى طلب العلم رغم أن الشباب قد ذهب وأتى الكبر راسمًا على جباههم علامات السنين. ففي أحد الفصول الدراسية بمركز الجهراء، رفع العم مفرح العنزي يده طالبًا الإذن من معلم القرآن الكريم ليقرأ أمامه سورة الناس التي حفظها مع سور أخرى عن ظهر قلب إبان شبابه، ولم يعرف حروفها إلا حينما أتى هذا الفصل، وبدأ يتلو الآية تلو الآية في حضور أقرانه، محاولاً إتقان مخارج الحروف فيها. وعبر العم مفرح عن سعادته قائلاً: "إن هذه اللحظة من أجمل لحظات عمري، وأتمنى أن أزود بالمعارف التي حُرمت منها في شبابي بسبب ظروف الحياة القاسية في زمني". وشارك الدارس كاتب العنزي (70 عامًا) زميله مفرح هذه الفرحة؛ إذ قال إنه التحق بالحملة وهو لا يعرف القراءة والكتابة؛ فقد قضى حياته في رعي الأغنام والإبل، إلا أن تشجيع أقرانه الدارسين له وحبه لقراءة القرآن الكريم ساعداه على اتخاذ قرار الانضمام إلى الحملة. ويسرد جمعان العنزي (80 عامًا) قصة إعجابه بما قدمت الحملة من نشاطات وبرامج دينية وعلمية، في حروف ملونة على اللوحة البيضاء سطرتها أنامله التي شاخت بسنين الدهر، وقال: "إن فرصة التعليم التي فاتته في الشباب لن يدعها تفوته الآن". وكان هؤلاء الدارسون نماذجَ واقعية من أصل 300 دارس سعودي انضموا إلى حملة محو الأمية. وفي المقابل، كانت هناك نماذج مشرفة من أمهاتنا اللاتي التحقن بالحملة، وعددهن 150 دارسة، قامت على تعليمهن 12 معلمة، قدمن لهن برامج مجتمع بلا أمية، ومسابقات لتحفيظ القرآن الكريم، ونشاطات تعليمية، وتثقيفية، وصحية ودينية، وطبية واجتماعية.