صاحب طرح اكتتاب البنك الأهلي حراك كبير، أعطى مؤشرات قوية على رفض الشريحة الأكبر من المجتمع للاكتتاب، وتجلت مؤشرات ذلك الحراك بوضوح؛ بعد صدور العديد من فتاوى كبار العلماء، التي أكدت على حرمة المساهمة في الاكتتاب بالبنوك الربوية، وكان أبرزها الفتوى التي صدرت عن اللجنة الدائمة للفتوى بالرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، بالإضافة إلى الحملات الداعية للمقاطعة على شبكات التواصل الاجتماعي "تويتر". وبعد فتح باب الاكتتاب، تأكد ذلك الرفض، حيث سارت عملية الاكتتاب بنسب متدنية، وإقبال ضعيف حتى اليوم العاشر، ويمكن ملاحظة ذلك بوضوح عند إجراء مقارنة سريعة بين مصرف الإنماء، والبنك الأهلي، في اليوم العاشر لكل منهما. حملة لمقاطعة الاكتتاب وفي إطار الرفض المجتمعي للاكتتاب، دشن مغردون على موقع "تويتر" هاشتاقاً يدعو لمقاطعته تحت عنوان: (#مقاطعة_البنك_الأهلي_الربوي_وسحب_الودائع)، قبل ساعات من طرح أسهم "البنك الأهلي" للاكتتاب. وحدد أحد المغردين أوجه المقاطعة في عدد من النقاط، منها: "سحب الأرصدة من البنك، وتحويلها إلى بنوك إسلامية، وعدم التعامل مع البنك في أي تمويل، وعدم السحب من مكائن صراف البنك الأهلي". وقال آخر: إن الواجب على هيئة سوق المال بالسعودية، عدم طرح أي شركة للاكتتاب العام، إلا بعد موافقة هيئة كبار العلماء. وطالب آخرون بمقاطعة جميع البنوك الربوية دون استثناء، ودعم البنوك الإسلامية، حيث قال "سعود البديري": "إن ما صدر عن الإفتاء وكبار العلماء – جزاهم الله خيراً – كانت قرارات تاريخية شجاعة وصريحة". وفي السياق نفسه، كشف د. محمد بن سعود العصيمي، المشرف العام على مركز المقاصد للاستشارات الاقتصادية، أنه خاطب 4 وزراء قبل 10 شهور؛ لإيقاف اكتتاب البنك الأهلي. وقال "العصيمي" خلال حواره مع الإعلامي فهد السنيدي، في برنامج: "ساعة حوار" على قناة "المجد": "إنه طالب بإيقاف الاكتتاب منذ 10 أشهر، ولا يزال يطالب بذلك، مشيراً إلى أنه خاطب 8 من المسؤولين، منهم أربعة وزراء في هذا الصدد". وحذّر رئيس الهيئة العالمية لتدبر القرآن، عضو الهيئة العليا لرابطة علماء المسلمين، الدكتور ناصر العمر، من تتبع رخص العلماء، وقال في تغريدة على تويتر: "لا تبرأ الذمة بمجرد الاستناد إلى فتوى العالم، بل لا بد من التحري وسؤال الأكثر استقلالاً، والأقوى اجتهاداً واعتماداً على الدليل، ولنحذر من تتبع الرخص"، وتابع: "لنجتهد في البيان، وإنكار الربا، والإلحاح على الله بأن يكفينا شر الربويين المحاربين لله ورسوله، المدمرين للبلاد، ولنحذر الحرام والمتشابه؛ لننجو". تفضيل البنوك غير الربوية وكشفت الأيام العشرة الأولى لاكتتاب البنك الأهلي التجاري، تفضيل المجتمع للاكتتاب في البنوك غير الربوية دون غيرها، إذ أوضحت الأرقام الفارق الكبير بين تغطية اكتتاب مصرف الإنماء عام 2008م، واكتتاب البنك الأهلي عام 2014م. وبلغة الأرقام فقد تمت تغطية 174% من أسهم مصرف الإنماء بنهاية اليوم العاشر والأخير للاكتتاب، في حين بلغت تغطية اكتتاب البنك الأهلي بعد اليوم العاشر 50.3% فقط. وبلغ عدد المكتتبين في أسهم مصرف الإنماء نحو 8.85 مليون مكتتب بنهاية اليوم العاشر، استثمروا مبلغاً إجمالياً قدره 18.27 مليار ريال. أما البنك الأهلي، فقد بلغ عدد مكتتبيه في نهاية اليوم العاشر 757 ألفاً، بإجمالي أموال محصلة 6.79 مليار ريال. تدين المجتمع وتعليقاً على انخفاض التغطية في الأيام العشرة الأولى، أكد الشيخ الدكتور سعد البريك، في تغريدة عبر حسابه الشخصي بموقع "تويتر": أن النسبة المنخفضة لتغطية الاكتتاب في أسهم البنك الأهلي، رغم مرور ثُلثي المدة هي دليل على تدين الشعب السعودي، وزيادة وعيه. وأشار إلى أن انخفاض أعداد المكتتبين، رغم مرور عشرة أيام على بدء الاكتتاب، يحمل دلالة قوية على أثر فتوى المرجعية على المجتمع، وارتفاع نسبة الوعي بين أفراده. طفرات في نسب التغطية وظل معدل الزيادة في نسبة تغطية البنك تسير بزيادة ثابتة إلى اليوم العاشر للاكتتاب، حيث لم تتخطَ نسبة التغطية 51%، إلا أن حدث طفرة في النسبة باليوم التالي، حيث بلغت 210%، في الوقت الذي زاد فيه عدد المكتتبين بشكل طبيعي، دون حدوث طفرة فيه توازي الطفرة في نسبة التغطية (الأموال المجمعة). ثم قفزت نسبة التغطية مرة أخرى؛ لتبلغ 480.8% قبل يوم واحد من إغلاق الاكتتاب، حيث فاقت قيمة الأموال المحصلة الأسهم المعروضة بأربعة أضعاف، فيما لم يتخطَ عدد المكتتبين مليون مكتتب. المستثمرون ينقذون الاكتتاب ووفقاً لمصادر مطلعة على سير عملية الاكتتاب – فضلت عدم ذكر اسمها – أن السبب وراء القفزة التي حصلت في اليوم قبل الأخير من عملية الاكتتاب، التي نفذ الحصة الأكبر منها عشرة فقط من كبار المكتتبين في السوق، حصلوا على تسهيلات ضخمة من القطاع المصرفي تتجاوز تسعة أضعاف رأس مال المكتتب، وضخوا نحو 16 مليار ريال، وهو ما أسهم في إحداث القفزة الهائلة، مشيرين إلى أن حجم المكتتبين – يوم أمس – لم يتجاوز أصلاً 50 ألف مكتتب، وذلك وفقاً لما نشرته "الاقتصادية". وبالنظر إلى منحنى عدد المكتتبين نجده أقرب إلى الخط المستقيم؛ وهو ما يعني ثبات معدل زيادة عدد المكتتبين في الأيام المتتالية للاكتتاب، في حين يظهر منحنى الأموال المجمعة مستديراً لأعلى؛ بما يعني ارتفاع معدل الزيادة في الأموال المجمعة؛ وهو ما يدل على تدخل قوى شرائية ضخمة موجهة. اكتتاب أفراد أم مؤسسات؟! وفي تناقض واضح لجوهر عملية الاكتتاب، التي من المفترض أن تكون مقتصرة على الأفراد، دون مشاركة المؤسسات أو شركات، قال خالد الجوهر، العضو المنتدب في شركة الجوهر للاستثمار: "إن زيادة نسبة التغطية في اكتتاب البنك الأهلي التجاري، خلال الأيام الأخيرة، بشكل مفاجئ وكبير، راجع لدخول سيولة كبيرة في الاكتتاب لشركات تحت أسماء أفراد، إضافة إلى تسهيلات بنكية".