السعودية تحقق أعلى مستوى تقييم في قوانين المنافسة لعام 2023    دجاجة مدللة تعيش في منزل فخم وتملك حساباً في «فيسبوك» !    «الأصفران» يهددان الأخدود والرياض.. والفيحاء يواجه الفتح    الاتحاد يتحدى الهلال في نهائي كأس النخبة لكرة الطائرة    أشباح الروح    بحّارٌ مستكشف    جدة التاريخية.. «الأنسنة» بجودة حياة وعُمران اقتصاد    منها الطبيب والإعلامي والمعلم .. وظائف تحميك من الخرف !    النوم.. علاج مناسب للاضطراب العاطفي    احذر.. الغضب يضيق الأوعية ويدمر القلب    دي ليخت: صافرة الحكم بدون نهاية الكرة أمر مخجل ويفسد كرة القدم    المملكة ونمذجة العدل    خادم الحرمين يرعى مؤتمر مستقبل الطيران الدولي.. 20 الجاري    القيادة تعزي رئيس البرازيل    14.5 مليار ريال مبيعات أسبوع    محافظ قلوة يدشن أعمال ملتقى تمكين الشباب بالمحافظة.    البلوي يخطف ذهبية العالم البارالمبية    مدرب أتالانتا: مباراة مارسيليا الأهم في مسيرتي    91 نقطة أعلى رصيد (نقطي) في تاريخ الكرة السعودية.. رقم الحزم التاريخي.. هل يصمد أمام الزعيم؟    هدف أيمن يحيى مرشح للأجمل آسيوياً    مهرجان المنتجات الزراعية في ضباء    نائب أمير منطقة مكة يكرم الفائزين في مبادرة " منافس    ختام منافسة فورمولا وان بمركز الملك عبدالعزيز الثقافي    كشافة شباب مكة يطمئنون على المهندس أبا    العمودي والجنيد يحتفلون بناصر    أسرة آل طالع تحتفل بزواج أنس    مذكرة تعاون واجتماع مجلس الأعمال.. المملكة وتايلند تعززان العلاقات الاقتصادية والتجارية    سعود بن جلوي يرعى حفل تخريج 470 من طلبة البكالوريوس والماجستير من كلية جدة العالمية الأهلية    " الحمض" يكشف جريمة قتل بعد 6 عقود    يسرق من حساب خطيبته لشراء خاتم الزفاف    روح المدينة    خلال المعرض الدولي للاختراعات في جنيف.. الطالب عبدالعزيزالحربي يحصد ذهبية تبريد بطاريات الليثيوم    الوعي وتقدير الجار كفيلان بتجنب المشاكل.. مواقف السيارات.. أزمات متجددة داخل الأحياء    عدوان الاحتلال.. قتل وتدمير في غزة ورفح    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في البرازيل إلى 95 قتيلاً    نائب أمير الشرقية يلتقي أهالي الأحساء ويؤكد اهتمام القيادة بتطور الإنسان السعودي    لقاح لفيروسات" كورونا" غير المكتشفة    تغيير الإجازة الأسبوعية للصالح العام !    الذهب من منظور المدارس الاقتصادية !    أعطيك السي في ؟!    الاتصال بالوزير أسهل من المدير !    أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة من اليوم وحتى الإثنين.. والدفاع المدني يحذّر    القيادة تعزي رئيس البرازيل إثر الفيضانات وما نتج عنها من وفيات وإصابات ومفقودين    مسؤول مصري ل«عكاظ»: مفاوضات القاهرة مستمرة رغم التصعيد الإسرائيلي في رفح    حماس.. إلا الحماقة أعيت من يداويها    35 موهبة سعودية تتأهب للمنافسة على "آيسف 2024"    سمو محافظ الخرج يستقبل رئيس مجلس إدارة شركة العثيم    "الداخلية" تنفذ مبادرة طريق مكة ب 7 دول    وزير الشؤون الإسلامية يدشّن مشاريع ب 212 مليون ريال في جازان    أمير تبوك يشيد بالخدمات الصحية والمستشفيات العسكرية    «حِمى» أصداء في سماء المملكة    إحباط مخطط روسي لاغتيال زيلينسكي    «أسترازينيكا» تسحب لقاح كورونا لقلة الطلب    انطلاق المؤتمر الوطني السادس لكليات الحاسب بجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل    الأمير خالد بن سلمان يرعى تخريج الدفعة «21 دفاع جوي»    المدح المذموم    البدر والأثر.. ومحبة الناس !    انتهاك الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الذاكرة .. مدرسة حنين


من الذاكرة .. مدرسة حنين
كثيرة هي المواقف ..أو الصور .. أو المناسبات التي مهما طال الزمن وتقدم بك العمر فإنها تبقى حاضرة محفورة في جمجمتك تستحضرها الذاكرة كلما خلى الإنسان مع نفسه .. أو ركن جسده المتعب في زاوية من زوايا الجلوس , أو حتى زوايا العذاب في الدنيا .. أو تجسدت أمامه حالة ما ..
هذه الصور .. والمواقف .. أو المناسبات ليس لبساطتها .. أو طرافتها .. أو عنفها دور في الحضور الدائم في الذاكرة .. لا .. أنها تأتي فجأة دون داعي .. أحياناً صورة مضحكة تأتي وأنت في أشد حالات الهم .. فتضحك .. وأحياناً العكس .. وأحياناً أخرى لا تأتي هذه الصور إلا بعد نبش عنيف للذاكرة لا يقل عن تفجير الصخور فتظهر لك فجأة حكاية .. أو حادثة .. أو مناسبة .. أو موقف .. وإذا كان جوك الذهني صافياً تدفقت عليك الصور كشريط سينمائي ..
سأروي هنا بعض المواقف الطريفة عني وعن مدرسة حنين ومعلميها وطلابها في فترة زمنية محددة بالعام الأول بافتتاحها أو قل الأسبوع الأول أو حتى قل اليوم الأول وليس فيها إلا موقف واحد كان الأعنف في بداية حياتي ،وقد يكون له دور ما في تغيير الإتجاه الحياتي لي .. أنا لا أجزم بذلك .. فالله وحده العالم ، إنما هي قراءتي الشخصية لذلك الموقف تقول كذا .. قد أكون مخطئاَ وقد أكون مصيباً .. وبدون تدقيق فيما سلف ذكره فذاكرتي مثقوبة فلا أحد يدقق في التواريخ عنوة .. دعونا نستعرض الشريط كما هو من البداية عن هذا الموقف وحواشيه ..
كنت مع عدد من أبناء مشروفة ندرس في المسجد (الكتاتيب) فيما يعرف بمدارس القرعاوي آنذاك ، وكان أستاذنا أو شيخنا سيف بن راشد بن غطاط رحمه الله .. كنا في حدود 20 طالباً وكان أكبرنا سعيد بن محمد بن عبد الرحمن بن مريد رحمه الله هو العريف لكبر سنه ، والطلاب من الحرجة ومشروفة وآل فهيد وبعض البادية و هم 3 على أية حال ، كنت معهم وقد حفظت جزئي عم وتبارك خلال هذه الدراسة أعطينا من الدولة مقابل ما حفظنا مبلغ 10 ريال فرانسي يخصم منها للشيخ ريال واحداً عن كل طالب وكان في أسفل طريب على ما أذكر الشيخ سعيد بن أحمد آل عادي رحمه الله يدرّس الطلاب من الفرعة ولاهمة والحدبا وحرف الفهر وكان المسجد "مسجد سهله" .. وكان فيه تنافس بين الطلاب في كلا المسجدين فكلما حفُظ جزء من قبل هؤلاء الطلاب أو أولائك يهذب الحافظون منهم مع شيخهم في صوت إنشادي ديني لزيارة الآخرين ليرتلوا على مسامعهم ما حفظوا كنوع من التفاخر وكان ذلك في عام 1379 أو 1380 ه تقريباً، ثم توقف التعليم في المساجد لسبب نجهله ذلك الوقت والآن وعندما جاء الأمر بافتتاح مدرسة حنين في طريب كنت ممن سجل في هذه المدرسة وخلال الأسبوع الأول صادف أن كنت من الفصل الذي تقرر أن يلعب الكرة في الحصة الأولى في ذلك اليوم المشئوم أو السعيد .. لا أعرف .. وكان يوماً بارداً ممطراً ،طبعاً كان المجيء للمدرسة يتم مشياً على الأقدام ليس هناك من وسيلة أخرى إلا عيال الذوات والميسورين فقد أمنت لهم بعض (التانات) فيما بعد رحمة بهم ،كنا في ذلك اليوم قد قطعنا وادي طريب عند منعطف مشطف والسيل يجري ولكن على خفيف .. بالتأكيد ليس هناك مشقة في عبور السيل حتى لو بلغ متر فالكتب لم تسلم لنا بعد وكل ما نحمل هو ثوب يشبه كيس الدقيق ( الطحين ) لخشونته فقط له فتحة يدخل معها الرأس والأيادي نص كم وبالإمكان رفعه حتى الكتف خوفاً من البلل في السيل ( ولا يهم ما انكشف من الجسد ) ولم يكن هناك خوف من عبور السيل فالخوف والشياطين كانت تهرب من أولئك الطلاب لجلافتهم التي اكتسبوها من واقعهم وحياتهم المريرة حتى المس " الجن " كان يهرب منهم.. عندما تجمع الطلاب في الخارج بجوار المدرسة كانوا أربعة صفوف كل صف في حدود 12 طالب .. دخل ثلاثة صفوف وبقي الصف الذي أنا فيه وطلبوا منا المشاركة في حصة الرياضة وبلباسنا إياه .. كل الطلاب تنزف صدعان أرجلهم بالدماء لوجود ما يشبه الجرب فيها وهو ما يسمى محلياً " الحصف " تجمعنا داخل حدود المعلب الترابي وكله أحجار عدوانية تقف أمام أقدامنا الصغيرة لتركلها قبل أن نركل الكرة فتسيل الدماء وتتكسر الأظافر من هشاشتها ومن لثمها لكل هذه الأحجار ... كان الكابتن والمدرب هو الأستاذ / جمعة .. كان مثيراً متمكناً من لعب الكرة وكان مضرب المثل وقدوة للطلاب تلك الأعوام وخلال وجوده فيما بعد .. والكرة مطاطية لم يعد لها وجود في الأسواق الآن وعليها خطوط ورسومات تشبه اسم بوذا والعياذ بالله وهي تصنع في الصين أو باكستان .. لا أعلم .. وخلال المباراة يركل الكرة عشرة أرجل معاً وكانت الكرة تطير هلعاً منهم في كل ثانية مسافة كيلو متر ليس هناك لعب كرة كان هناك تعاون عدواني ضد جلدها وهوائها ويركض خلفها عشرة طلاب من أجل الظفر والإمساك بها ويرتمون عليها وكأنهم يرتمون على دجاجة أو طائر وتقديمها للأستاذ جمعه لكسب وده ..فذلك مبتغاهم .. وكان بابا المعلب بحجم عرضه حدهما الأعلى ارتفاع المدرسة أما الملعب فحده الشرقي خليج الفهر والغربي مزارع لاهمة .. انتهت المباراة ولا نعلم من سجل وكم سجل ومن فاز كلنا ندّعي التسجيل وكنا نمسح دم الرجل بيد ونمسح دمع العين باليد الأخرى .. وبعد انتهاء المباراة طُلِب منا الانتظام في صف متتالي للدخول بهدوء وكان الهدف تربوي تعليمي لم نكن مؤهلين له.. كنت آخر التعساء ويبدو أن ذلك بسبب طولي .. كان أمامي أحد أطفال سفينة الجذور من سكان حرف الفهر أعجبني تمدد أذنيه الواضح رغم البرودة وتجعد شعر رأسه الذي لا يكاد يرى من سواده في سواد جسمه و أثارني، وقد كنت في صغري شقيٍ بشكل لافت انحنيت عليه قليلاً ثم صرخت في أذنه اليمنى بقوة .. كنت أبحث عن ردة فعله ماذا سيفعل .. ما الذي سيحدث .. من سيضحك .. لم أكن أعرف انه سيكون هناك ألم ودموع بل وفراق وتغيير مسار حياة إن جازت لي التسمية وقد تكون تلك الصرخة اعتراض تلقائي مني على الدراسة والحياة ... لا أعرف .. وفجأة سقط عليّ صوت أجش من السماء مثل قنبلة هيروشيما .. توقف الطابور .. نظرت إلى السماء وإذا به المدير الأستاذ محمود الذي يشبه محمود هنيه بالذقن والشكل إلا أنه في قمة شبابه 30 عاماً تقريباً ،يناديني من ( اللهج " النافذة" تحت السرب المشار له بالسهم في الصورة ) صعدنا الدرج وأنا أردد وأتمتم في داخلي بعض الكلمات التي لا تكاد تسمع كأنني من السحرة الأفارقة .. أولاً من البرد .. وثانياً حتى لا يسمع أحد كلامي ويضحك عليّ .. حالة نفسية ..تمتمة أشعر أنها ترفع من معنوياتي قبل المواجهة كنت أتوقع منه التوبيخ أو الضرب على الرأس أو الكتف لكنه ما أن رآني حتى أستلّ ( الوت ) من الجدار ثم إنهال عليّ ضرباً , أعطاني به في اليمين سبع وفي اليسار سبع .. لا زلت أذكرها وأذكر عددها.. كان البرد والمطر واللعب كجناح أيمن في الفريق الغبي ذلك اليوم كل هذه العوامل كانت كافية لتجمد الدم في أطرافي ثم جاء الضرب ليكمل الناقص وكنت أعض أصابعي في الفصل بعد أن تخدرت لأتحسسها هل ما زالت تابعة لي أم أنها غادرت جسدي .. قررت لحضتها أن أكون شجاعاً وأن أتصرف على طريقة أهل الديرة بغضب قمت من الفصل الذي لم يدخله الأستاذ بعد.. غادرته اتجهت نحو ( الوت ) فإذا به قد أعاده لمكانه .. لكنه بعيد عني ثم أنه غائر في الجدار ولا أستطيع انتزاعه بسهولة وبسرعة كنت أبحث عن الانتقام من محموداً هذا .. لكنني كنت كالمشلول يدا وفكرا ، فما كان مني إلا أن نزلت أسفل البيت فإذا به في ( الريشة ) وقد حولها إلى مكتب ثم أطلقت عليه وعلى والديه الكثير من الكلام الذي نقوله في حالة الغضب أيامها على مستوى المنطقة وطريب من المنطقة وهو سب عدائي وليس سب رذيلة كما يتصور البعض ( كنت قبلها في الفصل قد صفقت ذلك الطفل الأفريقي الذي يسكن في حرف الفهر كف ميت في " نقرته " مؤخرة رأسه لأن يدي كانت معطوبة لا حياة فيها ) ثم طلعت وأسلمت ساقي للريح مخافة أن يلحق بي محمود نتيجة للسب اللفظي العنيف الذي قلته له وبعض السب والإشارات اليدوية .. كنت أركض وأنظر خلفي مخافة أن يلحق بي هو وبعض المدرسين ..كانت الصورة الذهنية القبلية الغبية تحركني، بالتأكيد لم أترك في المدرسة ما يستحق الندم فلا كتب ولا شنطة ولا أقلام ولا شيء فقط تركت مكاني في ( سرحة المجلس ) أرض المجلس الذي هو الفصل واستمريت في الركض حتى بلغت موقع مستودعات البلدية الحالية التي توجد في قلب الوادي , تركت مدرسة حنين وعدت وحدي وكنت أجلس كثيراً في المسجد أقرأ ما كنا نسميه ( الختمة ) أي المصحف بعد الصلوات وفي أوقات الفراغ وكل اليوم كان فراغاً على أية حال ، وبعد نهاية العام الدراسي الثالث أو الثاني أو حتى الرابع لا اعرف الآن وفيما كنت جالس في العصر بالقرب من المسجد وإذا بعدد من الطلاب الذين حصلوا على شهاداتهم ذلك اليوم وهي شهادات مجدورة أغلبها دوائر حمراء.. ولأنهم في الصف الأول فإنهم لا يعرفون القراءة ولا يعرفون معنى الدوائر الحمراء التي تعني الرسوب وممن أذكر منهم إلى الآن سعيد بن غثيث ، وعلي بن محمد بن عايض، وعبيد بن سعيد بن عوض، وعبيد بن عبد الله العابسي وقد طلبوا مني أن أقرأها لهم وحينما كنت أقرأ لهم الشهادات وهم لا يعرفون القراءة، كان عبيد بن عبدالله العابسي أكثرهم إثارة .. كان يضحك من الشهادات ومن عدم معرفتهم بما فيها وهم الدارسون وأنا الذي لست في المدرسة كنت أكثرهم فهماً لهذه الشهادات بحكم قراءتي في الكتاتيب، وكان كثير العزوة كلما بلّغت أحدهم بما في شهادته من الدوائر الحمراء وفيما هو راسب فيه ، بالمناسبة ( يقول عنها أحد الشيبان أن ابنه أطيب العيال لأن شهادته كلها دوائر حمراء وهذا يعني أنه الأطيب في نظره ) .
من طرائف تلك المدرسة أن أحد الطلاب وكان من أشقى الناس حتى بلغ الخمسين عاماً كان يستأذن ليخرج للخلاء أو لشرب الماء في وسط الحصة الرابعة ثم يذهب ليطلق وسائل النقل البدائية ( الحمير ) التي يأتي عليها بعض الطلاب من أبناء الذوات وكان عددها ما بين أربعة إلى ستة وعندما يخرج أولئك الطلاب وقد أُنهِكوا يمكثون وقتا طويلاً للبحث عن وسائل نقلهم ثم مطاردتها للإمساك بها إما في قرى أو وادي طريب ومزارعه أو في الزيران البرية الشرقية عن المدرسة وأحياناً يعودوا لأهلهم مع المغرب بدون دوابهم ( صورة مشابهة لها ما يحدث الآن عندما تسرق السيارات التي يتركها أصحابها دائرة ومفتاحها فيها وينزلون منها للتسوق عند البقالات) ومن طرائف مدرسة حنين أن أحدهم وكان في الصف الرابع طلب منه الأستاذ أن يأتي بوالده للمدرسة وهو من أبناء البادية وكان والده مع أبله وأغنامه خارج طريب ولم يكن معه في بيتهم وهو بيت شعر سوى أمه ولا يمكن أن يأتي بأمه للأجانب ولأنه بليد في الفهم .. والمدرسة تريد إخبار والده بوضعه التعليمي ، وأصر الأستاذ على حضور ولي أمره حتى لو كانت أمه وهو أصر على اعتذار الأستاذ من ذكر أمه وكان بيتهم منصوباً تحت إحدى الطلح بالقرب من مركز شرطة طريب حالياً ودخل في عراك لفظي مع الأستاذ ما لبث أن تحول لعراك يدوي خفيف فما كان من هذا الطالب إلا أن غادر المدرسة والدراسة وهي المغادرة النهائية للدراسة كليةً حتى غادر الدنيا قبل أربع سنوات رحمه الله ومن خلال الموقف الذي حدث معي بعد تلك المباراة وفي ذلك اليوم المشؤوم قررت أن أنتقم لنفسي وكنت أول من استخدم الحجارة ضد الأعداء .. وليس أطفال فلسطين فهم أخذوها مني فقد كان أولئك المدرسين يذهبون في كل اتجاه ومعهم بندقية صيد هوائية ( ساكتون ) لصيد الطيور والحمام وعندما يأتون إلى مشروفة مع الوادي كنت أختبئ في مزارع الذرة و بين أشجار (النظار) وأبدأ في رجمهم بالأحجار حذفاً باليد وأحياناً بالنبيلا ( المنضافة ) حتى يتراجعوا وقد تحقق لي مبتغاي حيث لم يعودوا نهائيا إلى مشروفة ..
وبالمناسبة على ضوء ما كشفه الأخ القدير عبد الله العابسي عن مدرسة حنين والردود البكائية التي صاحبت ذلك الموقف من بعض خريجي تلك المدرسة أقول أن أولئك الأساتذة كانوا محقين في ما كانوا يفعلون بنا .. قارنوهم بما يحدث من أساتذتنا الآن مع طلابنا . . لماذا نلومهم ولا نلتمس لهم العذر .. لأنهم شباب أتوا في ذلك الوقت من مدن حضارية إلى مناطق بادية أو قل كهفية مخيفة كل ما فيها يدعوا للانتحار .. تخيل الآن شبابنا الذين يرفضون التعليم خارج منطقتهم .. بعضهم صار له أولاد وبنات وأصبح مدير مدرسة وما زال في حضن ( بابا وماما ) وتحت رعايتهم .. أرجو أن تتخيلوا بعقل ردة فعلكم لو كنتم مكانهم في ذلك الوقت .. دعوا عنكم الروح العدوانية التي تلازمنا حتى الموت ضد كل من يتعامل معنا بحزم وهو حزم لصالحنا على أية حال .. أنكم الآن معلمين وموظفين وآباء ولديكم قواسم مشتركة مع طلابكم وأبنائكم وزملائكم من تشجيع الكرة وعشق الأندية واللاعبين وحتى ومتابعة أفلام الكرتون معاً ومع هذا تجد كل هؤلاء عدوانيين حتى مع أبناء عمهم وليس أبناء جلدتهم فما بالكم بأشخاص من خارج عالمكم ومجتمعكم وقد أتوا بحثاً عن حياة كريمة ودوراً رائد وقد خرجوا من حياة كلها ذل من قبل إسرائيل وجيرانها العرب ولكي تعرفوا أنكم لستم المستقصدين من أولئك الأساتذة حيث يقول لي أحدهم وأسمه عبد الهادي وهو الآن محرر صحفي في صحيفة الجزيرة وكان قبلها مصححاً لغوياً أنه كان مع المجموعة الأولى من هؤلاء المدرسين التي ذهبت للباحة وكان من تلاميذه الدكتور سعيد عطية أبو عالي مدير التعليم السابق في الشرقية وكان من زملائه المدرسين في تهامة الباحة أبو جهاد خليل الوزير نائب عرفات هل عرفتم من هم أولئك الشباب في ذلك الحين ؟ولماذا كانوا عنيفين؟ أنهم أتوا من رحم العذاب ومن النكبة ، ومن أساتذة طريب المعلم جمعة هو الآن في نجران معلم في مدرسة خاصة وابنه الذي وُلِد في (سيّار المرحوم شايع بن جبران بن محمد " أبو جابر" ) في لاهمه ودرس بمدرسة حنين هو الآن دكتوراً و عميداً لكلية تقنية في إحدى الجامعات الأمريكية الكبيرة ولديه الجنسية هناك وأحفاد عبد الهادي الآن دكاترة في ولم يكونوا بكّائين مثلنا ..
يقول الأستاذ الشاعر معيض البخيتان وهو علم في الثقافة والشعر العربي النقي وعلم في قحطان حالياً مثل ما هو حسان بن ثابت علم في مذحج أنه درس في نفس فترة دراستنا في تثليث وبالتأكيد أنه عايش ما عايشنا من الظروف لكنه لم يخذل أهله ومجتمعه، وصادف أن كان معلمه للغة العربية في تثليث هو معلمه للغة العربية حينما انتقل إلى أبها في المتوسطة و معلمه في اللغة العربية في كلية المعلمين بالرياض حينما انتقل للرياض وهو ذاته الأستاذ وجده مصححاً لغوياً لصحيفة الرياض التي كان يكتب فيها الشاعر معيض بن بخيتان في بداية كتاباته الأدبية والشعرية في الرياض وقد روى لي الشاعر معيض هذه الحكاية عندما كنت مسؤولاً للتحرير المحلي والمناوبة الليلية لصحيفة الرياض عام 1399 ه ، وكان معيض يُعرّفني بذلك المعلم الذي هو مصحح تحت إدارتي حينها.. إذن أرجو أن لا نتباكى على ما قام به أولئك المعلمين من أجل فرض شخصيتهم على طلابهم الذين يفوقون العفاريت سلوكاً وتعاملاً وتربية ..هل نلومهم؟ .. لا أعتقد بل علينا أن نتباكى على حالنا فلم يكن الخلل فيهم إنما الخلل هو في عقولنا أو بمعنى أصح في بيئتنا التي لم تكن صالحة لنمو الأشجار المثمرة في ذلك الوقت وحتى الآن إلا النزر اليسير ومن ركب رأسه وعاند فأين نحن من دفعات المعلمين الأولى الذين عملوا في طريب أليسو من غامد وزهران بعد الفلسطينيين وأين نحن من سعيد عطية أبو عالي وأين نحن من معيض البخيتان ومثلهم كثير برزوا من تحت خط الفقر والعذاب ؟ وأين نحن من ابن الأستاذ جمعة ؟
أيها الشباب الشيّاب المتباكين نعيب زماننا والعيب فينا .. بيئتنا لم تكن صالحة فلا تلقوا باللوم في فشلنا على الآخرين بل لوموا أنفسكم وأهليكم وأنا أولكم والآن وبعد تغير المناخ والظروف ماذا قدمنا لأولادنا سوى عصبية الجاهلية وهذه العصبية فيها صور شتى قد أعود لها لأن لها علاقة بالقبيلة وبالجهل الأعمى بالدين الصالح لكل زمان ومكان ونسعى لتحويره على كيفنا حتى بالفتوى بدون علم.. ولا علاقة له بما نحن عليه من سوء العلم وما نحن عليه ليس له علاقة باستشراف المستقبل الذي نأمله لنا ولأولادنا .. لكنني أخشى أننا لسنا له بأهل .
سقوط القناع
وأخيرا لم يحتمل هبل الأكبر بابا الفاتيكان مرور أسبوع على دعوته الخبيثة لحماية أقباط مصر حيث طالب أمس الأول بحماية كل أقباط الشرق الأوسط .. هذا هو الوجه القبيح الذي يجب أن نعرفه عن الصليبين .. ما إن يفرغوا من سوء حتى ينتقلوا للأسوأ والهدف الإسلام ديناً وأرضاً وبشراً .. {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم } اللهم إنهم قد طغوا وتجبروا فأرنا فيهم جبروتك وقوتك ..
ذلك الفهم أشار إليه الأخ العزيز حسن بن فهد آل غوينم وهو الوحيد الذي فهم ماكتبته الأسبوع الماضي.. وقد كنت سعيداً بمروره على زاويتي وزادت سعادتي بفطنته لما يحاك ضدنا كأمة وهو الذي أشار لما عنيت في المقال ولم يفهمه أحد سواه .. هذا فهما يسجل لأبي فهد ولا غرو في ذلك فهو الأكاديمي الرسمي الذي أحترمه .
إشارة : ضع يدك في جيبك إذا لم تكن مصافحاً بنقاء .
الأسبوع القادم .. طريب من طيء وأحفاده إلى ناجع وأحفاده .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.