هنأ معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس في مستهل درسه الذي ألقاه اليوم الأمة الإسلامية بحلول شهر رمضان المبارك هذا الموسم العظيم الذي جعله الله تبارك وتعالى ميداناً لعباده يتنافس فيه المتنافسون ويتسابق فيه المتسابقون . وقد بدأ معاليه بشرح الآيات المتعلقة بالصيام من سورة البقرة من تفسير كتاب " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " للشيخ عبد الرحمن السعدي - رحمه الله - وبدأ من الآية 183 في قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) حيث يخاطب الله عز وجل عباده بأشرف صفة ألا وهي صفة الإيمان ليكون ذلك أدعى إلى إقبالهم على هذا الأمر , مبتدئاً ( يا ) للنداء قاصداً به فرضية الصيام , (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُو كُتِبَ) أي : فرض و أوجب , (عَلَيْكُمُ ) هنا أمر من الله تبارك وتعالى , (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ) والصيام في اللغة : الإمساك عن الشيء , وفي الاصطلاح : الإمساك عن الأكل والشرب والجماع بنية ، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس . و بين معاليه أنّ للصيام أربعة شروط : الإسلام ,والعقل , والبلوغ , والقدرة على الصيام بأن يكون غير مريض أو مسافر لأن لهما رخصة الإفطار وبعدها القضاء أو الفدية , وأن من أحكام الصيام بأنه يثبت بثلاثة أمور هي : أولاً ( الرؤية ) قال - صلى الله عليه وسلم - (( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته )) , ثانياً ( شهادة عدل ) إذا قال عبدٌ من المسلمين إنهُ رأى الهلال فإن الناس سوف يصومون , ثالثاً ( إكمال العدة ثلاثين يوماً ) من شعبان لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين )) , ثم ذكر الله تعالى حكمته في مشروعية الصيام فقال : ( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) فاللام في لعلكم هو : للتعليل ومابعده هو المقصد والعلة من الصيام فهو فرض على الناس متقربا بذلك إلى الله, راجيا بتركه للمعاصي والذنوب , وثوابه لكسب الأجر ، وفي الصيام أيضاً الصبر وأنواعه ثلاثة : الصبر على الطاعة , والصبر على المعصية , والصبر على أقدار الله المؤلمة , وكلها تتحقق في الصيام , ومن مما ينبغي استقبال رمضان بالتوبة فيه إلى الله عز وجل بشروطها الثلاثة : الإقلاع عن المعاصي , والندم على فعلها , و العزم على إن لا يعود أليها . وانتقل الدكتور السديس إلى الآية 184 في قوله تعالى (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) في قوله تعالى : (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ) أي : أنه فرض عليهم الصيام,ثم قال : (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) رخص الله لهما في الإفطار ولا بد من أن يقضياها في أيام أخر سواء بزوال المرض أو انقضاء السفر , (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ ) عليه أن يقضيها ويجوز أن يقضيها في فصول البرد لقصر النهار عكس فصل الصيف , وقوله (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ ) أي: لا يستطيعون الصيام (فِدْيَةٌ ) عن كل يوم يفطرونه (طَعَامُ مِسْكِينٍ ) إطعام عن كل يوم مسكيناً , وقد خيرهم الله بأسهل الطرق إما أن يصوم أو يطعم , ولهذا قال: (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) بعد ذلك جعل الصيام حتما على المطيق وغير المطيق بأن يفطر ويقضيه في أيام آخر , وقال (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ) أي : يشق عليهم كالشيخ الكبير فعليه فدية عن كل يوم مسكين . ويتابع معاليه شرحه للآية 185 في قوله تعالى (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ويبين الله تعالى أيام الصيام بقوله : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ) أي : أنهُ قد فرض عليكم الصوم بشهر رمضان بما فيه من فضل عظيم بنزول القرآن الكريم المشتمل على الهداية للمصالح الدينية والدنيوية وهذا فضل و إحسان من الله عز وجل بأن يكون موسما للعباد مفروضاً فيه الصيام , وذكر الله تعالى في تخصيصه قال: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) فإن هذه فيها في تعيين الصيام على القادر وجواز الإفطار لمن صادف دخول الشهر وهو على سفر أو على مرض , وقال : (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) أن ييسر عليكم الله تعالى الطرق الموصلة أعظم تيسير وسهولة ,ولهذا كل ما أمر الله بهِ عباده , (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) أي : الشهر كاملاً . ثم انتقل معاليه إلى الآية 186 (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) داعياً بالإجابة والمعونة والتوفيق , وتابع معاليه بقوله تعالى (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) إن هذه من فضل الله على عباده يحصل لهم الرشد الذي هو الهداية للإيمان والأعمال الصالحة, ويزول عنهم البغي للإيمان . بعد ذلك أجاب معاليه عن أسئلة الحضور. //انتهى // 20:49 ت م تغريد