قد تصف كل شيء يحدث أمامك، غير أنك لا تستطيع وصف الفرحة العارمة للحاجة الغزاوية "الضخمة" نعمة المدهون لحظة استلامها العربة الكهربائية التي وفرها برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين من حجاج فلسطين، بعد معاناتها مع السمنة المفرطة التي حطمت كل الأرقام و"العربات"، نتيجة وزنها الكبير الذي جاوز ال300 كجم. الحاجّة "نعمة" لا تقوى على الجلوس ولا الوقوف، أو حتى الحركة.. في حين لا يتوقف لسانها عن شكر الله، ثم الدعاء لخادم الحرمين الشريفين الذي مكّنها من أداء مناسك الحج وفاءً لروح زوجها الشهيد "أبي وحيد".
وتروي الأرملة "المدهون" ل"سبق" أنها تقضي يومها في منزلهم بغزة طريحة الفراش، وتعاني عدم مساعدة مَنْ حولها لثقل جسمها، وقد أدى وزنها الضخم لكسر عربتين في غزة، وعند وصولها للمشاعر المقدسة انكسرت واحدة في مكة، وثانية في عرفة، بينما لحقت الثالثة بأخرياتها في مشعر منى؛ ليصبح مجموعها خمس عربات.
وما إن علم مسؤولو برنامج حجاج فلسطين بذلك حتى سارعوا بشراء عربة كهربائية، تتصدى لوزنها "المهول"، وتم تدريبها على قيادتها في المدينةالمنورة قبل أن تصعد إلى طائرتها المغادرة إلى القاهرة، ومن هناك إلى "غزة الشهداء".
وتنتظر "المدهون" الوصول إلى شوارع وأزقة حيها السكني للتجول بين جيرانها بالعربة، قائلة: "الآن أستطيع أن أخرج من بيتي دون مساعدة أحد لأشم الهواء، أو أذهب للسوق، أو زيارة شقيقاتي وجيراني".
(نعمة المدهون - 52 عاماً) سجلت نفسها في حج هذا العام بوصفها أضخم حاج يؤدي المناسك، بوزن يصل لنحو 300ك، وكانت تتنقل بين المشاعر بسيارة الإسعاف التي وفرها برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين من حجاج فلسطين، فيما أوكلت رمي الجمرات لقريبتها في البرنامج.
وأثناء تأدية مناسك الحج كانت تعاني "المدهون" التنقل؛ فليس من السهولة بمكان نقل جسد بوزن 300ك، أو تحميله وتنزيله، إلا بواسطة سيارة الإسعاف وسبعة أشخاص، ومتابعة من العيادة الطبية في برنامج "الاستضافة".
تقول "نعمة" إن زوجها استُشهد في عام 2004م، ولم تنجب منه أحداً، فيما رزقه الله بستة أبناء من زوجته الثانية، ولحقت به إثر غرقها ببحر غزة؛ لتتولى تربيتهم منذ ذلك الحين. عاطفة "الحاجّة نعمة" جياشة، وروحها مرحة؛ فهي تمازح الكل، ولا يتوقف دعاؤها للشعب السعودي الكريم وخادم الحرمين الشريفين إثر حفاوة الاستقبال، وكرم الضيافة، وهِمّة الخدمة لضيوف الرحمن، وأخيراً تحقيق أمنيتها في الحج والحصول على العربة الكهربائية.